أخــبـــــار

عبد العاطي يطلق صرخة تحذير واستنجاد من أجل وضع حد لمخطط الإبادة والتهجير الصهيوني

الجزائر – المواطن

أطلق د.صلاح عبد العاطي رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني «حشد»، صرخة تحذير واستنجاد من أجل وضع حد لمخطط الإبادة والتهجير الصهيوني الخطير والممنهج، فاضحا الصمت المطبق للمنظمات الدولية، بفعل عدم التحرك لوقف وحشية سياسة الاحتلال المتمادية في التنكيل بالفلسطينيين وقتلهم ببطء، في ظل مواصلة خطته الخبيثة لتحويل قطاع غزة إلى مكان لا يصلح للعيش.

وقال عبد العاطي في مقابلة مع “جريدة الشعب الجزائرية”، إن فلسطين كانت وستبقى قضية الشرفاء في هذا العالم، سواء في العالم العربي أو الإسلامي، وفي كل دول العالم.

ودعا رئيس الهيئة الدولية إلى دعم مسار محاكمة الاحتلال، وإنشاء صندوق دعم للضحايا، واصفا الجزائر بالدولة المركزية والراسخة تاريخيا في دعم القضية الفلسطينية.

وأكد عبد العاطي، أن الدفاع عن فلسطين أصبح دفاعا عن الإنسانية في مواجهة شريعة الغاب وازدواجية المعايير والانتقائية في القانون الدولي، وفي ظل عجز النظام الدولي، وتراجع كل قضايا أنسنة هذا العالم، ومواجهة العولمة والأمركة، وبناء عالم أكثر توازنا، وإعادة بناء نظام دولي على أساس عدالة وسيادة القانون، وهي أبعاد تثبتها فلسطين في أمريكا وأوروبا.

وأضاف: “في الهيئة الدولية أذكر أنّنا عملنا – على مدار عدة سنوات – في بناء شبكة سفراء واسعة وتنظيم علاقات وتنسيقها في إطار من اللاّمركزية، لإيجاد شبكة من السفراء الشعبيين، وإعداد التقارير والتواصل مع البرلمانات في العالم، والنشطاء الحقوقيين عربا وفلسطينيين.

وأوضح أنّ أهلنا في الجزائر في الداخل والخارج، كانوا يشكّلون سندا أساسيا لهذه الخطوات من أجل ضمان حشد كل هذه الجهود التي يمكن أن تشكل ضغطا لتغيير سياسات الدول، من أجل إيجاد توازن على الأقل، بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية على احتلال يعد الأكثر بشاعة والمرتكب لأفظع الجرائم، وتكون جرأة في بناء عالم أكثر إنسانية، كما نرافع على ضرورة تبني مقاربة تقوم على الدعوة المقررة لتوظيف أفضل الآليات الدولية التعاقدية وغير التعاقدية، وحثّ المنظمات على القيام بواجباتها بفرض عقوبات على الكيان الصهيوني المحتل، ومحاسبته وطرده من الأمم المتحدة

نص اللقاء كاملا:

أطلق رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني «حشد»، الدكتور صلاح عبد العاطي، صرخة تحذير واستنجاد من أجل وضع حد لمخطط الإبادة والتهجير الصهيوني الخطير والممنهج، فاضحا الصمت المطبق للمنظمات الدولية، بفعل عدم التحرك لوقف وحشية سياسة الاحتلال المتمادية في التنكيل بالفلسطينيين وقتلهم ببطء، في ظل مواصلة خطته الخبيثة لتحويل قطاع غزة إلى مكان لا يصلح للعيش، ودعا رئيس «حشد» إلى دعم مسار محاكمة الاحتلال، وإنشاء صندوق دعم للضحايا، واصفا الجزائر بالدولة المركزية والراسخة تاريخيا في دعم القضية الفلسطينية.

– الشعب: مرّت عشرة أشهر على بداية العدوان الصهيوني الغاشم على الشعب الفلسطيني في غزة الصامدة، كيف تصف حجم الإجرام الصهيوني من الناحية الإنسانية ومن ناحية القانون الدولي؟
الدكتور صلاح عبد العاطي: منذ نحو 10 أشهر تستمر دولة الاحتلال في مواصلة عدوانها على قطاع غزة وارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بحق المدنيين الفلسطينيين في داخل قطاع غزة، وهذا يعد استمرارا لجرائم الاحتلال الصهيوني الغاشم منذ عام 1948 والمتواصل لمدة 76 عاما في التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني، ومؤخرا مع صعود حكومة يمينية فاشية، تحاول السيطرة على المسجد الأقصى وفرض التقسيم الزماني والمكاني، تمهيدا لهدمه واقتحامه والسماح للمستوطنين وميلشيات الاحتلال باقتحام المسجد الأقصى، بالإضافة إلى مواصلة جرائم الاستيطان الاستعماري الصهيوني في الضفة الغربية، ويضاف إليها عمليات القتل الميداني، من خلال اقتحام المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية، ومواصلة الحصار على قطاع غزة. كل هذا أفضى إلى تواصل أعمال المقاومة في مواجهة الاحتلال، وكان هجوم المقاومة الفلسطينية الاستراتيجي الذي حرص على إيصال رسالة للعالم في مواجهة مخططات تصفية القضية الفلسطينية، ومخطط الحسم للاحتلال الصهيوني القائم على تهجير وإبادة الفلسطينيين والسيطرة على أراضيهم وضم الضفة الغربية دون سكان وتهويد المدينة المقدسة، والاستمرار في دفع قطاع غزة باتجاه مصر أو يحول إلى مخيم لاجئين.
– معظم الضّحايا من النّساء والأطفال والمدنيين العزل، والمشاهد المؤلمة نراها كل يوم، هل لديكم معلومات أدق عن واقع المأساة داخل غزة، حتى لا يسقط الرأي العام في التعود على هذا الكابوس الذي يعيشه قرابة مليوني شخص؟
إنّ عملية طوفان الأقصى، صدمت العقل الصهيوني الذي لم يكن يعترف أصلا بوجود الشعب الفلسطيني، واليوم، للأسف، يواصل عدوانه على الفلسطينيين، وبدعم أمريكي، ترتكب جريمة الإبادة الجماعية، والتي بلغت حصيلتها 38 ألف و500 شهيد، 70 بالمائة منهم أطفال ونساء، كما استشهد 158 صحافي و500 من الأطقم الطبية والمسعفين و87 من الدفاع المدني، و197 من العاملين في وكالة الغوث، و193 من الرياضيين، و87 من الكتاب والفنانين، وأكثر من 117 من المحامين والنشطاء الحقوقيين، إلى جانب الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن، وهذا يعكس ويؤكد أن حصيلة الشهداء، 85 بالمائة منهم أطفال ونساء، ومن الفئات المحمية التي كفل لها القانون الدولي الإنساني حماية خاصة، مثل الصحافيين والأطقم الطبية، والعاملين في الفرق الإنسانية، وغيرهم..هذا انعكس أيضا في جرح 88 ألف و500 جريح، بالإضافة إلى فقدان قرابة ما بين 10 آلاف إلى 15 ألف مفقود، واعتقال 13 ألف فلسطيني، نكل بهم وعذّبوا وتمت تعريتهم، ثم وضعوا في أماكن تعتبر إلى غاية اليوم أماكن مجهولة، ولكن ما علمناه من خلال إفادات الأسرى الذين تم الإفراج عنهم، أنهم تعرضوا لعمليات تنكيل وتعذيب واعتداءات جنسية، وحرمان من الطعام، وفظائع مروعة، أدت لاستشهاد 37 منهم، وبقي في سجون الاحتلال من أسرى قطاع غزة 600 معتقل ومعتقلة، بينهم 180 طفل وقرابة 86 امرأة.
ومن جانب آخر، نجد عدم اكتفاء الكيان الصهيوني المحتل، بقتل الفلسطينيين وارتكاب المجازر، لأن النمط السائد هو ارتكاب المجازر عبر قصف الأحياء السكنية والمربعات السكنية والمنازل، دون سفارات إنذار، وكذا تسوية المنازل على رؤوس قاطنيها، أي قتل الأطفال والنساء بتعمد، بعد أن جرد الاحتلال الصهيوني قطاع غزة من الصفة الإنسانية عبر تصريحات أعطت حرية القتل لجيش الاحتلال الذي أمعن في استهداف المدنيين. ومن النقاط المهمة، نذكر إصدار أوامر بإجبار الفلسطينيين على النزوح والذي وصل إلى نزوح متكرر، وسجل خلال عشرة أشهر، أن أقل عائلة نزحت 7 مرات، وهذا بالنسبة لمن بقي على قيد الحياة، وخلال السبع مرات فقدت هذه العائلات كثيرا من أبنائها.
وبعد أن قتل الاحتلال هذه الأعداد من المدنيين، وأجبر كل سكان قطاع غزة على النزوح، قام بعمليات تدمير منظمة لمنازل المواطنين والمنشآت المدنية والمزارع والمصانع والمحلات التجارية وآبار المياه والبنى التحتية ومحطات الصرف الصحي وقطع الكهرباء والمياه عن المدنيين منذ اللحظة الأولى لهذا العدوان، وإعاقة دخول المساعدات الإنسانية. هذا التجاوز المقيت أدى إلى تدمير 85 بالمائة من المنازل ومنشآت قطاع غزة وبنيتها التحتية. مع فرض واقع في غاية التعقيد والصعوبة على المدنيين الذين لا يجدون مأوى يلجأون إليه، إلى جانب الاستهداف المتعمد لمراكز الإيواء، سواء المدارس التابعة لوكالة الغوث «أنروا» التي جرى تدمير 165 مدرسة تابعة لها، كانت تستغل أصلا كمراكز إيواء للنازحين الذين يعيشون ظروفا صعبة، وهذه المدارس ليست نموذجية للإيواء كونها صفوف مدرسية فيها 6 إلى 7 حمامات، يتواجد بها من 9 آلاف إلى 10 آلاف مواطن، ومنعت وكالة «الأنروا» من العمل في شمال قطاع غزة وأماكن الاجتياح، وكذلك العاملين في الفرق الإنسانية، وبالتالي ترك المدنيين لوحدهم دون طعام أو مياه وبلا خدمات، وهذا ما أدى إلى مجاعة حادة، كما جرى تدمير جميع مستشفيات قطاع غزة، ما يناهز 34 مستشفى من إجمالي 36 مستشفى، وعندما أعيدت الخدمة، جرى اقتحامها عدة مرات لتتحول إلى نقاط طبية، وهذا أدى إلى افتقاد أكثر من 10 آلاف مصاب بالسرطان إلى العلاج؛ إذ لم يجدوا علاجا ولا مشافي تستقبلهم، بعد أن دمر الاحتلال الأجهزة والمعدات الطبية ومخازن ومستودعات وزارة الصحة، ومثلهم المصابون بالأمراض المزمنة والنساء الحوامل، واجهوا المصير نفسه، وبقوا في الشارع أو الخيام، وأدى كذلك إلى وفيات جراء الولادة ونقص الغذاء والأدوية، وفي ظل غياب الحليب، تم رصد وفاة 500 شخص بسبب الجوع والمرض وغياب الدواء، وهذا يضاف إلى حصيلة الشهداء. لهذا نتحدّث عن إبادة كاملة الأركان يرتكبها الصهاينة عن سبق إصرار وترصد، إنّهم يتعمّدون فرض ظروف معيشية قاسية من أجل جعل قطاع غزة منطقة غير صالحة للحياة..هناك وفيات كثيرة جراء عدم وجود الخدمات الصحية، ومنع فرق الإسعاف المدني من انتشال الشهداء وإجلاء الجرحى، ومع نقص المعدات، لم يتمكن الدفاع المدني من الوصول إلى الضحايا، وبعضهم بقوا أحياء لأيام متواصلة تحت الأنقاض إلى غاية وافتهم، ولا أحد تمكن من إنقاذهم أو إجلاء جثامينهم، إلا في حالات محدودة عمل فيها الدفاع المدني ببسالة من أجل الوصول إلى بعض الأطفال والنساء وإنقاذ أرواحهم.
ينبغي تسليط الضوء على الظروف القاسية التي يفرضها الاحتلال، ومنها حرمان الفلسطينيين من دخول المساعدات الإنسانية، والتحكم في منسوب المساعدات، واستخدام سلاح التجويع للضغط على المقاومة من ناحية، وعلى المدنيين من ناحية أخرى، وأغتنم الفرصة لأرفع عبارات التقدير الكبير لجميع الدول التي أرسلت المساعدات الإنسانية، إلا أن هذه المساعدات لم تصل في أحسن الأحوال، وغطت نسبة 8 بالمائة من الاحتياجات اليومية للسكان الذين فقدوا كل شيء حتى في نزوحهم المتكرر، كان لا يسمح لهم بنقل الطحين ولا الأرز، كما يتم الهجوم المفاجئ عليهم فيتركوا كل شيء ليبدأوا رحلة البحث عن خيمة جديدة وأغطية وغذاء. وكفلسطيني جزائري، لأن والدتي جزائرية من ولاية قسنطينة، لا أخفي أنه استشهد 7 من أفراد عائلتي، على رأسهم والدتي وأخي وأختي وابن أخي وخالتي وأولادها، وكان عددنا يصل في تنقلاتنا من مكان إلى آخر، إلى 40 أو 100 شخص من المنزل الواحد، في ظل فقدان الأمان ومستلزمات الحياة، علما أن ثلاثة من أبنائي أصيبوا في العدوان، ونقلتهم بعد تدخل بعض الأصدقاء ليتلقوا العلاج في مصر.
أشير إلى وجود جالية جزائرية معتبرة في قطاع غزة، تبلغ قرابة 800 شخص، وأغتنم الفرصة لأثمّن دور الجزائر وأبرز أهميته، ولكن أبعث برسالة من أجل الاهتمام بالجالية الجزائرية في غزة، عن طريق التكفل السريع بوثائق الإقامة، سواء في الجزائر أو مصر أو في قطاع غزة، مع ضرورة الاستمرار في دعمهم، إلى جانب أهمية التركيز على موقف الجزائر الوطني الداعم والقضية الفلسطينية، فهي قضية إجماع وطني في الجزائر، وهذا دور الجزائر التاريخي الذي نقدّره ونثمّنه.
جدير بالإشارة أن هناك جرائم إعدام ميداني ضد المواطنين، ومقابر جماعية اكتشفت في مستشفى الشفاء أو مستشفى ناصر أو مدارس غزالي في الشمال أو مدرسة حمد في بيت لاهية أو مدارس أخرى وتجمعات للإيواء، وكان بالأمس في تل الهوى وجرى الانسحاب مع اكتشاف 60 من الجثامين في الشوارع، بعضها كان بجواره رايات بيضاء لنساء وأطفال جرى قتلهم، وهناك العشرات من العائلات المدفونة تحت الركام في الشجعية، وفي الشيخ رضوان، وسبق ذلك في جباليا، وبالإضافة إلى عمليات اجتياح متكررة ثلاث مرات، جرى فيها التدمير بجباليا وخان يونس وبيت لاهيا وبيت حانون، وأجزاء من البريج والمغازي، وأيضا في دير البلح والنصيرات التي دمرت أجزاء منها، كما جرى تجريف كل المنشآت في مدينة خان يونس ومحاصرة المستشفيات ووقف الاكسجين عن المرضى ومنح الوقود والغذاء عن الأطباء، وفي ظل استمرار عمليات اعتقال بشعة، وكل هذه الصور تظهر إلى أي مدى اخترق الكيان الصهيوني قواعد القانون الدولي والإنساني.

– الاحتلال الصّهيوني تجاوز كل الخطوط وانتهك جميع الأعراف والمواثيق، مستعملا الذرائع الدينية الخرافية تارة، ومزاعم تحقيق النصر الأكبر المزعوم تارة أخرى، ما هي في اعتقادك دوافع هذه الوحشية غير المسبوقة في التاريخ؟
أولا لا يوجد مبرر لأي أطراف متصارعة في التاريخ في خرق القانون الدولي الإنساني الذي وافقت عليه البشرية، ونصت عليه الأديان السماوية المتسامحة، ثم جاءت قواعد القانون الدولي الإنساني لتثبتها، وهي قواعد وأعراف الحرب التي لا تسمح لأي طرف من الأطراف المتصارعة بقتل النساء أو الأطفال، أو استهداف المدنيين أو ممارسة التعذيب و الاقتصاص والعقوبات الجماعية، مثل ما يفرض الاحتلال على قطاع غزة من حصار وعدوان وحرمان، ومنع المساعدات وتجويع وتعطيش، ومنع إجلاء الجرحى إلى المستشفيات الخارجية، ولا يخفى أنه لا يوجد في القانون الدولي، ما يتيح للأفراد المتصارعين استخدام أسلحة محرمة دوليا، وهناك مبادئ للقانون الدولي، تبدأ بالتمييز بين المدنيين وغير المدنيين، ويحظر استهداف المدنيين، بل إنه لا يجوز استهداف المقاتل الذي يلقي سلاحه ولا يشارك في القتال، لأن استهدافه يعد عملية قتل في نظر القانون. بالإضافة إلى ذلك، لا يجوز إعدام الأسرى أو قتلهم، وإنما يجب تقديم الخدمات الطبية للأسرى، ورغما عن القانون الدولي الواضح، يستمر تسجيل جرائم حرب مكتملة الأركان، تساندها عدد من الدول الكولونيالية التي تفتح مخازنها للكيان الصهيوني، وتقاتل معه، بهدف بعث المشروع الاستعماري في المنطقة وتفتيتها وحرمانها من الوحدة والسيطرة. واليوم بات الشعب الفلسطيني يشكل حائط صد ضد مخططات الاحتلال.
الكيان الصهيوني غارق في خرق القانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان، على رأسها الإعلان العالمي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، والعقد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والعقد المتعلق بحقوق الطفل واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية حماية الأشخاص ذوي الإعاقة، وبالإضافة إلى اتفاقية حقوق اللاجئين، وأبرز ما يخرقه اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية التي أثبتت محكمة العدل الدولية في دعوى جنوب إفريقيا، بأن الكيان الصهيوني المحتل، اقترف جريمة الإبادة الجماعية وارتكبها في حق المدنيين، وأقرت أربعة تدابير احترازية لم يحترمها المحتل الصهيوني..
ولقد سجلت تجاوزات أخرى بينها منع دخول جميع فرق التحقيق الدولية سواء طاقم الجنايات الدولية أو المقررة الخاصة أو المفوضية السامية لحقوق الإنسان وحتى لجنة تقصي الحقائق الدولية بجنيف، إلى جانب منع وسائل الإعلام الدولية من العمل، وكان هناك تواطؤا مفضوح في قتل الصحفيين لحجب الحقيقة، ومنع توثيق جرائم الاحتلال، رافقه إصرار على منع دخول الصحافيين من دول عربية وأجانب، حتى لا يروا هول ما يقترف الاحتلال من وحشية. نتحدث كذلك عن انتهاك اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز العنصري، فالكيان الصهيوني يمارس عنصرية مقيتة، أما عن تبرير الاحتلال فإنه يحاول في سرديته الزاعمة بأنها أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض، ليثبت الشعب الفلسطيني على مدار أكثر من 100 عام، أن الأرض لها أصحاب وفيها تراث وتاريخ وآثار، وبينما لم يظهر حتى في أدق كتابات المحتل الصهيوني ومؤرخيهم، أن لهم أثار تذكر .

– ربطت معاناة الشعب الفلسطيني ومحنته الحالية بمخططات التهجير وتصفية نهائية للقضية الفلسطينية، هل يمكن القول ونحن نقترب من 300 يوم من العدوان، أن الشعب الفلسطيني أحبط كل المؤامرات؟
قبل بدء هذا العدوان، كان هناك اتفاق يسمى اتفاق الإطار، المستند لخطة الحسم، والتي تقوم على تهجير الفلسطينيين والسيطرة على أراضيهم، وهذه المخططات بدأت في عملية تهجير سكان قطاع غزة، وما زال 400 ألف من السكان في شمال قطاع غزة، وهؤلاء أفشلوا مشروع التهجير، كما أن الموقف العربي والمصري الذي وقف سدا أمام تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وبالإضافة إلى الموقف الأردني، ساهم من خلال صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته في إفشال هذه المخططات، وما زال الاحتلال الصهيوني يراهن على اعتياد المشهد لدى العالم والضغط على الفلسطينيين لإجبارهم على الاستسلام، والاحتلال فشل على مدار تسعة أشهر لكن نجح فقط في قتل الفلسطينيين الأبرياء، وتسجيل اسمه في سجل التاريخ باعتباره أكبر مجرمي الحروب في العالم ومصاصي الدماء، فالصّهاينة فقدوا شرعيتهم المزعومة، وبالتالي ظهر الكيان بهذه الصورة البشعة والمتوحشة، لا يحترم القانون الدولي، ويقوم بتطبيق شريعة الغاب، يساعده في ذلك الدعم الأمريكي الذي غطى على هذه الجرائم بالفيتو والسلاح ومحاولة إرعاب المنطقة، وتحويل حياة الفلسطينيين إلى جحيم وكارثة إنسانية، لكن الفلسطينيين صامدون وصابرون، وما زالت المقاومة الفلسطينية تكبد الاحتلال الخسائر الفادحة بإمكانات متواضعة؛ لأن الشعب الفلسطيني في غزة محاصر، منذ أزيد من 17 عاما، لذلك، المحتل اليوم في مأزق حقيقي، بعدما تراجعت شرعيته، ومحاسبة قادته أمام محكمة الجنايات الدولية، في ظل حركة التضامن الواسعة والانتفاضة الشعبية العالمية لمساندة نضال الفلسطينيين، والاعترافات الدولية المتزايدة بحقوق الفلسطينيين، في مقابل عجز اقتصادي وأزمة لدى جيش الاحتلال، بل مأزق وجودي للاحتلال الذي يتعامل بانتقام شديد.
يذكر أنّه ينبغي التأسيس للمزيد من القوة، وتشكيل جدار صدّ فلسطيني بلا انقسام، واستعادة الوحدة على أساس شراكة سياسية ووقف الرهان على الوعود الأمريكية وإنهاء اتفاق أوسلو، وسحب الاعتراف بدولة الاحتلال، وتشكيل قيادة موحدة وحكومة كفاءات وطنية، تستطيع إدارة الوضع الفلسطيني حتى تقطع الطريق على مخططات الأمريكية والصهيونية في جعل قطاع غزة منطقة غير صالحة للحياة.
وعلى الصعيد العربي أقترح تشكيل تحالف عربي، وتنفيذ الحد الأدنى من القرارات العربية والإسلامية من قمة الجزائر أو جدة وفي القمم الأخرى، ونحتاج كذلك إلى دعم مسار محاكمة الاحتلال.

– تزامن العدوان الصّهيوني الغاشم مع تولي الجزائر لمقعدها غير الدائم في مجلس الأمن مطلع العام الجاري، وخلال هذه الفترة قدّمت مشاريع قرارات غاية في الأهمية، ودعت المجلس إلى اجتماعات طارئة حول غزة عدة مرات، ما رأيك في المعركة الدبلوماسية التي تخوضها الجزائر داخل الجهاز التنفيذي للأمم المتحدة لصالح فلسطين؟
شكل صعود الجزائر كعضو غير دائم في مجلس الأمن، فرصة لإظهار هذا الدعم التاريخي للقضية الفلسطينية، والسيد عمار بن جامع ممثل الجزائر في مجلس الأمن، يذكّرني بدور الأخضر الإبراهيمي، عندما كانت الدبلوماسية الجزائرية في أوج قوتها وحضورها المؤثر، ولا يخفى أن الجزائر دولة مركزية على مستوى العالم من حيث التأثير، وينتظر أن تستعيد مكانتها المؤثرة، وأن تحتلها بما تمثّله من قيم ودعم للنضال الوطني الفلسطيني، ونثمّن هذا الدور الكبير الذي تقوم به الدبلوماسية الجزائرية، والدعم اللاّمحدود من الرئيس عبد المجيد تبون للفلسطينيين ووكالة الغوث.

– رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، كان أوّل من دعا المحاكم الدولية وأحرار العالم إلى محاكمة الكيان الصهيوني، كيف تنظر إلى مسار محاسبة الاحتلال المتوحش وقادته؟
أذكر أنّ الدعوة مهمة، لأنها جاءت من الرئيس الجزائري، السيد عبد المجيد تبون، ودفعت باتجاه جهود أكبر من أجل تحويل هذه الدعوة إلى سياسات على الأرض، واقترحت دعم المسار عبر إنشاء فريق عربي دولي يتم دعمه باستمرار إلى جوار فلسطين، وعلما أنّنا أنشأنا تحالفا دوليا بهذا المجال، ويحتاج كذلك إلى دعم من الرئيس عبد المجيد تبون من أجل تجنيد كل محاميي العالم، لمحاصرة الاحتلال عبر محكمة العدل الدولية، ومن خلال استخدام الولاية القضائية الدولية ومحكمة الضمير العالمي، وأقترح كذلك إحضار الحقوقيين ووزراء العدل السابقين في العالم من أجل التنديد بما يحدث من تجاوزات في فلسطين لتثبيت دعوى الرئيس الجزائري.

– بصفتكم رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين، ماذا يعني لكم كل هذا الزخم الشعبي العالمي المتعاطف مع فلسطين، وهل يمكن القول اليوم إنّ فلسطين ليست قضية العرب والمسلمين وإنما قضية العالم أيضا؟
فلسطين كانت وستبقى قضية الشرفاء في هذا العالم، سواء في العالم العربي أو الإسلامي، وفي كل دول العالم، والدفاع عن فلسطين أصبح دفاعا عن الإنسانية في مواجهة شريعة الغاب وازدواجية المعايير والانتقائية في القانون الدولي، وفي ظل عجز النظام الدولي، وتراجع كل قضايا أنسنة هذا العالم، ومواجهة العولمة والأمركة، وبناء عالم أكثر توازنا، وإعادة بناء نظام دولي على أساس عدالة وسيادة القانون، وهي أبعاد تثبتها فلسطين في أمريكا وأوروبا، وفي الهيئة الدولية. أذكر أنّنا عملنا – على مدار عدة سنوات – في بناء شبكة سفراء واسعة وتنظيم علاقات وتنسيقها في إطار من اللاّمركزية، لإيجاد شبكة من السفراء الشعبيين، وإعداد التقارير والتواصل مع البرلمانات في العالم، والنشطاء الحقوقيين عربا وفلسطينيين، وأوضح أنّ أهلنا في الجزائر في الداخل والخارج، كانوا يشكّلون سندا أساسيا لهذه الخطوات من أجل ضمان حشد كل هذه الجهود التي يمكن أن تشكل ضغطا لتغيير سياسات الدول، من أجل إيجاد توازن على الأقل، بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية على احتلال يعد الأكثر بشاعة والمرتكب لأفظع الجرائم، وتكون جرأة في بناء عالم أكثر إنسانية، كما نرافع على ضرورة تبني مقاربة تقوم على الدعوة المقررة لتوظيف أفضل الآليات الدولية التعاقدية وغير التعاقدية، وحثّ المنظمات على القيام بواجباتها بفرض عقوبات على الكيان الصهيوني المحتل، ومحاسبته وطرده من الأمم المتحدة.

– من ظاهر التأييد التاريخي وغير المسبوق للقضية الفلسطينية، تزايد اعتراف الدول وخاصة الأوروبية بفلسطين كدولة مستقلة، ما هي القراءة الصحيحة لهذه القرارات، خاصة بالنسبة للنزاع مع الكيان الصهيوني؟
هذه الدول تأخّرت؛ لأنها انحازت فترات طويلة للصهاينة المحتلين، على حساب الحقوق الفلسطينية، ولم تحترم حتى معايير حقوق الإنسان التي شاركت في التصويت عليها وإقرارها، وظهرت بعض الدول على حقيقتها سابقا، بأنها دول ذات نزعات استعمارية وساهمت في تدمير المنطقة العربية، واحتلال الأراضي الفلسطينية وإنشاء الكيان الصهيوني، رغم أن الدول العربية كانت تحتضن كل المظلومين بالعالم بمن فيهم الفلسطينيين، لكن، يتم استخدام بشع للاستعمار والإ جلاء ودعم الاحتلال على حساب الحقوق الفلسطينية، وهذا سيبقى عارا يلاحق كل الدول المتورطة. أما بالنسبة للدول التي استعادت حريتها وقرارها السياسي كإسبانيا وإيرلندا والنرويج، نقدّر عاليا هذا الموقف، ونطالب باقي الدول الأوروبية بأن تحذو هذا النهج، ويجب أن نفرض الدولة الفلسطينية كما فرض الكيان الصهيوني بقرار دولي، فلا تاريخ لهذا الكيان قبل 1948، وهناك تدليس وازدواجية. كما لم يحترم الصهاينة القرارات الدولية بعودة اللاجئين والقدس عاصمة لدولة فلسطين، ينبغي أن تعوض هذه الدول فلسطين على ما لحق بها، مثل بريطانيا على وعد بلفور وسرقة الذهب الفلسطيني، واحتلال وسرقة الأرض والمنازل الفلسطينية.
– فلسطين منذ عام 1948 بحاجة إلى دعم، ما طبيعة الدعم الذي يحتاجه الشعب الفلسطيني في لحظته العسيرة الراهنة حتى تترسّخ هزيمة الكيان الصهيوني؟

زر الذهاب إلى الأعلى