أقلام

حكومة التكنوقراط … والتغيير في حياة الناس

كتب الكاتب عقل أبو قرع :

بعد تكليف رئيس وزراء جديد بتشكيل حكومة جديدة، وبعيدا عن المشهد المأساوي النازف في قطاع غزة، والإمكانيات والتعقيدات والخطط والمعجزات التي من الممكن أن تقوم بها حكومة تكنوقراط جديدة من المتوقع أن ترى النور قريبا فيما يتعلق بإعمار القطاع وترميم الجروح ولم الشمل، فإن الواقع الصعب الذي يحياه الناس في الضفة يحتاج إلى تغيير كذلك وفي كافة المجالات، والاهم في سبل معيشتهم اليومية، بعيدا عن الإصلاحات بأنواعها وإنعاش الاقتصاد وتحفيز الاستثمار وتعزيز الصمود والتحضير للانتخابات وغير ذلك من أهداف متوقعة للحكومة القادمة، كما جاء في كتاب التكليف لرئيس الوزراء القادم.
وبصرف النظر عن نوعية تركيبة الحكومة الجديدة، وسواء أكانت تضم أشخاصا من فصائل بأنواعها، أو تضم مستقلين أو تكنوقراط كما يتم الحديث عنه، أو حكومة أي خليط منهما، فإن المواطن الفلسطيني أصبح بحالة من المعرفة ومن الوعي ومن التوقع بأن تعمل الحكومة القادمة على تحديد الأولويات الحياتية الأساسية له وعلى رأسها الإعمار المستدام للقطاع، وبالتالي تواجهه بصراحة حول الإمكانيات واحتمالات الحلول، وتعمل من أجل التعامل معها بشكل جدي وواقعي، وبعيدا عن شعارات وعن مبررات مكررة اعتدنا عليها.
وسوف تتشكل الحكومة الجديدة، في ظل الوضع الفلسطيني الحالي القاتم، من أوضاع التشتت، وفي حالة من الركود الاقتصادي وأزمة المقاصة والرواتب ومن البطالة وتفشي الفقر وازدياد ظواهر اجتماعية خطيرة، من السرقات والاعتداءات، ومن تعاطي المخدرات والواسطة والمحسوبية وغير ذلك، وبالتالي تتضح الحاجة إلى حكومة تتعامل بشكل عملي وضمن رؤية واضحة واقعية لهذه المشاكل اليومية، والاهم تحدد إمكانيات التعامل معها والحلول والقيود التي تعترض ذلك.
وبصرف النظر عن نوعية الحكومة القادمة، فإن المهم هو وجود الرؤية الواضحة وخطة العمل المبنية على جدول زمني وبشكل عملي واقعي ومع مخرجات واضحة قصيرة وبعيدة المدى، وفي إطار علمي من المتابعة والتعلم والتقييم ومن خلال التركيز على النتائج، وتعتمد على الإمكانيات وعلى احتياجات الناس، بحيث يتم تحقيق الإنجازات التي يريدها الإنسان العادي في الشارع، وفي نفس الوقت، فإن تشكيل حكومة جديدة في ظل عدم وجود مؤشرات أو بوادر لإحداث تغيير إيجابي على الأرض، أو في حياة المواطن اليومية، سوف يضيف المزيد من التبعات ومن الإحباطات ومن الانتكاسات التي نتعايش معها.
ومع انتظار أن يتم قريبا الإعلان عن تشكيل حكومي، فإننا نعرف أن وظيفة الحكومة، أو الأداة التنفيذية للسلطة، في كل دول العالم، وكذلك في حالتنا الفلسطينية، هي العمل على توفير الخدمات الأساسية للمواطن، من صحة ومن تعليم ومن أمان واستقرار وسلامة، وفي أوضاعنا الخاصة، العمل على تثبيت وجوده في الأرض، والعمل على تحقيق الحياة الكريمة والاحترام له.
وكذلك العمل على خلق الفرص وتشجيع الظروف وتوفير الإمكانيات وتسخير المصادر، لإيجاد فرص عمل وتشغيل وإنتاج وتصدير، والعمل على تحقيق نوع من الأمن الغذائي والدوائي، سواء من خلال دعم القطاعات الإنتاجية، مثل الزراعة والصناعة وبأنواعها، وكذلك العمل على حماية الموارد الطبيعية، التي بدونها لا يمكنه العيش بشكل سليم والتقدم والتنمية، أي حماية البيئة الفلسطينية التي فيها يحيا، من أرض ومن هواء ومن مياه ومن غذاء، والتعامل وبأولوية مع تداعيات التغيرات المناخية التي تعصف بنا هذه الفترة.
وفي ظل القيود والتعقيدات التي ترافق الحكومة القادمة، ومع الأولوية للتعامل مع الأوضاع المأساوية في قطاع غزة، فإن تشكيل الحكومة الجديدة من المفترض أن يتم من خلال ضخ الكفاءات المتخصصة، ومن المتوقع أن يتبعه تغيير في سلم الأولويات، وفي برامج عمل أو في سياسات وفي خطط، بحيث تؤثر، وبشكل إيجابي، على غالبية المواطنين، وبشكل تضع المواطن أو الناس وتوجهاتهم كأولوية في عمل الحكومة، بعيدا عن التجاذبات وعن المناوشات وعن المزايدات أو التدخلات من هذا النظام أو ذاك، وبصرف النظر عن الشعارات الكثيرة التي سوف تنادي بها أو الأهداف التي تتوق إلى تحقيقها كما جاء في خطاب التكليف.

زر الذهاب إلى الأعلى