المغرب يطلب من صندوق النقد قروضا بـ 5 مليارات دولار
الرباط – المواطن
يسعى المغرب للحصول على قرض بقيمة 5 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي للتحوط من صدمات خارجية تضعف رصيد احتياطي النقد الأجنبي لديه، لكنه يبدو حريصاً على تجنب شروط من شأنها تكرار ما حدث مع دول مقترضة على غرار تعويم عملتها، لتداعيات ذلك بشكل مباشر على معيشة المواطنين وحركة الأسواق.
ووفق صندوق النقد فإن مجلسه التنفيذي اجتمع في جلسة غير رسمية، حيث ناقش طلب المغرب الاستفادة من “خط ائتمان مرن” لمدة عامين كأداة وقائية، مشيرا، قبل يومين، إلى أن من المتوقع أن يتخذ المجلس قراره بشأن هذه المسألة في الأسابيع المقبلة.
وكان المغرب قد حصل على تمويل من صندوق النقد في إبريل/نيسان 2021 بقيمة 3 مليارات دولار في سياق تداعيات جائحة فيروس كورونا. لكن انعكاسات الحرب الروسية في أوكرانيا على أسعار السلع والوقود عالمياً تسببت في ضغوط مالية على الدولة التي تستورد معظم احتياجاتها من الطاقة فضلا عن تضرر اقتصادها بالجفاف الذي عصف بإنتاج الحبوب.
وقبل أسابيع أزال الاتحاد الأوروبي، اسم المملكة المغربية من قائمته الرمادية المتعلقة بالملاذات الضريبية، الأمر الذي يسهل من مهمة طرق أبواب المؤسسات المالية الدولية للحصول على تمويلات.
وبحسب الحكومة فإن “خروج المملكة من القائمة الرمادية سيكون له أثر إيجابي على التصنيفات السيادية وتصنيفات البنوك المحلية، وسيعزز صورة المغرب ومكانته خلال المفاوضات مع المؤسسات المالية الدولية، فضلاً عن ثقة المستثمرين الأجانب في البلاد”.
وقال مصدر مطلع إن “الحكومة تراهن على وضع خط الائتمان رهن إشارتها في إبريل/ نيسان المقبل على أبعد تقدير”، فيما كان محافظ البنك المركزي عبداللطيف الجواهري قد توقع تمريره خلال مارس/آذار الجاري.
ويأتي طلب المغرب الحصول على تمويل جديد، بعد إشادة صندوق النقد في يناير/كانون الثاني الماضي بما اعتبرها استجابة قوية من المغرب بهدف تخفيف الأثر الاجتماعي والاقتصادي للصدمات السلبية المرتبطة بالخارج والجفاف.
وتوقع الصندوق أن يصل معدل النمو إلى 3% ويتراجع التضخم إلى 4% وعجز الحساب الجاري إلى 3%، غير أنه أكد أن التوقعات تبقى خاضعة لعدم يقين مرتفع بطريقة غير معهودة، مرتبطة بتدهور الظرفية العالمية وتداعيات الحرب في أوكرانيا.
وكان الصندوق قد وضع رهن إشارة المغرب خطا للوقاية في حدود 6.2 مليارات دولار في 2012، قبل أن يخفضه إلى 4 مليارات دولار ثم 3.5 مليارات دولار، حيث برر الصندوق ذلك الخفض بتحسن أساسيات الاقتصاد المغربي.
لكن الصندوق ربط في الأعوام الأخيرة توفير ذلك الخط بإنجاز إصلاحات تتعلق بصندوق المقاصة ونظام التقاعد في الوظيفة العمومية، وتقليص الإنفاق العمومي عبر الموازنة، غير أن الحكومة تقول إن الخط غير مرفق بشروط، إذ لم تعد العلاقة مع الصندوق محكومة بظروف صعبة مثل تلك التي أفضت إلى هيكلة الاقتصاد على غرار ما حدث في ثمانينيات القرن الماضي.
ويقول الخبير الاقتصادي محمد الرهج لـ”العربي الجديد” إن لجوء المغرب إلى طلب خط ائتمان مرن لا ينطوي على شروط مثل تلك التي تهم المضي في تحرير سعر صرف وتقليص الدعم، وهي إجراءات يتريث المغرب في الإقدام عليها.
ويعتبر الرهج، أن لجوء المغرب لطلب التمويل من صندوق النقد في هذه الظروف يرجع إلى الرغبة في دعم ميزان المدفوعات في سياق متسم بحالة عدم اليقين الناجم عن السياق الدولي، مشيرا إلى رغبة الرباط في تفادي اللجوء إلى الاستدانة من السوق الدولية في حالة اقتضت الحاجة ذلك، على اعتبار أن معدلات أسعار الفائدة والمخاطر ستكون مرتفعة في هذه الأوقات.
المغرب يتجه إلى خط وقاية جديد من صندوق النقد
بدوره يوكد الخبير الاقتصادي إدريس الفينا، أن طلب خط ائتمان يأتي تحسبا لما قد يحدث في المستقبل من تراجع قد يطاول رصيد النقد الأجنبي، الذي يوجد في مستوى مريح حالياً، حيث يصل إلى حوالي 35 مليار دولار، ما يتيح تغطية حوالي 6 أشهر من الواردات. ويشير الفينا، إلى أن ما يميز هذا الخط الائتماني من صندوق النقد أنه لا يخضع على مستوى الفائدة لنفس المعدلات المطبقة في السوق المالية.
ويوم الجمعة الماضي، عاد المغرب للسوق الدولية من أجل الحصول على قروض عبر طرح سندات دولارية. ووفق مصادر رسمية، فقد تمكنت المملكة من جذب 2.5 مليار دولار ضمن خطة للاستدانة الخارجية في العام الحالي حددت بـ4 مليارات دولار.
وجاء القرض على شريحتين بقيمة 1.25 مليار دولار لكل منهما، الأولى لأجل خمس سنوات بسعر فائدة 6.22%، فيما جاءت الثانية لأجل عشر سنوات بسعر 6.6%. وبادرت وزارة الاقتصاد والمالية في الآونة الأخيرة إلى القيام بحملة ترويجية في السوق الدولية لدى المستثمرين، بهدف الحصول على قروض عبر طرح سندات، حيث واكبتها مصارف دولية متخصصة في الاستشارة في هذا المجال. وينتظر أن ترتفع الاقتراضات المتوقعة من السوق الداخلية بنسبة 5.59%، حسب قانون مالية العام الحالي (الموازنة العامة)، لتصل إلى 6.9 مليارات دولار، بينما ستزيد الموارد المتأتية من الاقتراض الخارجي بنسبة 50% منتقلة من 4 مليارات دولار إلى 6 مليارات.