البنية التحتية في غزة بين مطرقة الحروب وسندان الإهمال
المواطن
البنية التحتية في غزة بين مطرقة الحروب وسندان الإهمال
بقلم: سماح حجازي
لا يختلف الحال كثيرًا بين البنية التحتية لقطاع غزة والبنية الفوقية، كلاهما في المأساة سواء، لكن الفارق أن البنية يكشفها فصل الشتاء، فيما البنية الفوقية تكشفها كل الفصول.
قطاع غزة ذو المساحة الجغرافية الصغيرة، والكثافة السكانية المرتفعة، يعاني من بنية تحتية متهالكة خاصة في أوقات الشتاء، حيث تتجمع مياه الأمطار، وتسبب الفيضانات التي تلحق الخطر بالممتلكات وظروف السكن الرديئة.
شبكات البنية التحتية لم تشهد سوى الحدّ الأدنى من الإصلاح، في ظل المشاريع الكثيرة والوعودات الكبيرة من البلديات والجهات المعنية، في ظل الاكتظاظ السكاني، والأضرار المتزايدة التي أصابت تلك الشبكات بسبب استمرار الحروب على قطاع غزة إضافة إلى القيود التي تفرضها (إسرائيل) على استيراد المواد اللازمة للمشاريع.
أزمة البنية التحتية تلقي بظلالها على كل جوانب الحياة في قطاع غزّة، ويبقى السؤال من المسؤول عن تردي أوضاعها؟.
لا شك أن الجهات المؤثّرة في قطاع غزة وإسرائيل، والحكومتين في كل رام الله وغزة، وممثلي المجتمع الدولي، تقع عليهم المسؤولية عن أوضاع البنى التحتية، وكذلك الانقسام السياسي الذي لم يسهم في حل الأزمات الاقتصادية التي يمر بها الشعب الفلسطيني والتي تزداد يوماً بعد يوم.
فالاحتلال الإسرائيلي عمد إلى إضعاف البنية التحتية وتوفير متطلباتها في قطاع غزة، منذ احتلاله عام 1967م، حيث قام برفض محاولات تطويرها لخدمة التجمعات السكانية، وذلك ضمن سياسة مبرمجة تهدف لتضييق الخناق على الفلسطينيين ودفعهم لهجر وبيع ممتلكاتهم لصالح غايات إسرائيلية بالسيطرة على الأراضي الفلسطينية التي شملت بناء المستوطنات غير الشرعية، وقد فرضت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة الضرائب على الفلسطينيين بحجة بناء وتشييد منشاَت البنية، الأمر الذي لم يتم فعليًا باستثناء القليل من المنشاَت التي تخدم بالأساس حركة
وتواجد المستوطنين داخل قطاع غزة سابقًا.
كما أدت الحروب الإسرائيلية المتكررة على قطاع غزة خلال الأعوام، 2008م، 2012م، 2014م، 2021م، إلى خسائر كبيرة في أنظمة البنية التحتية مثل الطرق والجسور ومعالجة مياه الصرف الصحي ومحطة الطاقة وخطوط المياه، إضافة لتدمير
العديد من المصانع والشركات.
أما التحديات الرئيسية أمام تطور البنية التحتية، فتتمثل في معاناة قطاع غزة من نقص في توفير معظم خدمات البنية التحية، وعدم القدرة على تلبية الطلب على هذه الخدمات. وتدني خدماتها وارتفاع تكلفتها، حيث أنه بالرغم من ارتفاع حجم الضرائب، لكنها لم توفر خدمات البنية بصورة تخدم المجتمع واقتصاده. واستمرار تحكم الاحتلال وممارسة سياسة الإغلاق والحصار التي تحول دون وصول الأجهزة والمعدات والمواد اللازمة لتنفيذ المشاريع.
وبذلك تقع البنية التحتية في حلقة مفرغة بين الإهمال نتيجة الصعوبات والمعوقات التي تواجه مشاريع تطويرها، نتيجة الحروب العسكرية التي تخوضها إسرائيل ضد قطاع غزة وتستهدف المنشاَت والممتلكات والشوارع، والتوترات السياسية
والتقييدات الإسرائيلية المشددة على دخول المعدات والخبراء.
وبين الوعودات التي تطلقها الجهات المسؤولة على سبيل رفع العتب بالعمل على التطوير والتغيير، وهذا يحتاج إلى حلول جذرية، وفي ظل تلك الحلقة يبقى الحال على ما هو.
بقلم: سماح حجازي