الأرز الأبيض يفاقم خطر الإصابة بالسكري… البني أفضل
عتاد الكثير من سكان العالم تناول الأرز الأبيض ضمن نظامهم الغذائي، ومن آسيا إلى أوروبا وأميركا، يعد الأرز من أبرز الوجبات، لكن هذه السلعة الغذائية التي لعبت دوراً في مكافحة أزمات الجوع عالمياً، لها تأثيرات سلبية على صحة الإنسان.
وتغيرت خلال السنوات الماضية العديد من الاتجاهات الغذائية، وزاد الابتعاد عن الزيوت المهدرجة، والأطعمة التي تحتوي على نسب عالية من السكر والنشويات بعدما أظهرت العديد من الدراسات أضرارها على القلب، ودورها في أمراض مزمنة من بينها السكري.
وأظهرت دراسة نشرت في المجلة الطبية البريطانية أنّ الأشخاص الذين يتناولون كميات كبيرة من الأرز الأبيض قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالسكري من النوع الثاني، وأنّه إذا ما كان الشخص مصاباً بمقدمات السكري، فلا بدّ أن يكون على دراية بكميات الأرز التي يتناولها.
كما أظهرت دراسة لجامعة هارفرد الأميركية، أن الأطعمة ذات المؤشر الغلايسيمي المنخفض (النظام الغذائي الذي يعتمد على الفاكهة والخضار والنخالة)، ومنها الأرز البني، تُهضم بشكل أبطأ، مما يتسبب في انخفاض نسبة السكر في الدم، ولذا ينصح بتناول الأرز البني بدلاً من الأبيض.
ولاحظ مدير عام معهد التكنولوجيا الصناعية في سريلانكا، البروفيسور سيرمال بريكاكومارا، تغير التوجهات العالمية إزاء الأنماط الغذائية، وكشف من خلال دراسة أنواع مختلفة من الأرز، البني والأرجواني والأحمر، والتي تزرع بكميات صغيرة من قبل المزارعين في بلاده، أنّ فوائدها أكبر غذائياً وصحياً من الأرز الأبيض.
ويعد الأرز أهم محصول يزرع في سريلانكا، ويحتل 34 في المائة من إجمالي المساحة المزروعة، ويشمل 1.8 مليون زراعة أسرية، كما يوفر 45 في المائة من إجمالي السعرات الحرارية التي يستهلكها المواطن العادي.
وبدأ الشعب السريلانكي في زراعة الأرز منذ عام 800
قبل الميلاد، وعثر في البلاد على هياكل ري ضخمة وخزانات وقنوات مترابطة، ما يجعل زراعة الأرز أساسية في العملية الاقتصادية والاجتماعية، ومن هنا، حاول البروفيسور بريكاكومارا، البحث عن طرق لتفعيل زراعة الأزر البني كخيار استراتيجي في البلاد، إذ قام بتوثيق 300 نوع من الأرز بخصائص مضادة لمرض السكري، ومضادة للالتهابات وللأكسدة، ويمكن تطويرها للاستهلاك على نطاق أوسع، وذلك ضمن أبحاث للتعرف على القدرات الزراعية، وإمكانية تغيير التوجهات الحالية لتكون صحية أكثر.
تقول أخصائية التغذية رانيا الحاج لـ”العربي الجديد”: “تناول الأرز الأبيض بكميات معتدلة لن يؤثر على صحة الإنسان، لأنّ الفرد يحتاج إلى النشويات ليستمد الطاقة، في حين أنّ الإكثار من الأرز قد يؤدي إلى زيادة نسبة السكر في الدم، إذ تتحول النشويات إلى سكريات. وهناك اتجاهات غذائية تدعو إلى تناول الأرز البني كمكمل غذائي، وهو أمر مرحب به في الأوساط العلمية والطبية”.
تضيف الحاج: “حسب دراسات أميركية سابقة، تبين أنّ للأرز البني دورا في خفض مستويات السكر في الدم، ولا يعد تناوله مفيداً فقط في الحفاظ على مستويات السكر، بل إن له تأثيرا على خفضها، ومن هنا، فإن النظام الغذائي القائم على تناول الأرز البني يساعد في ضبط عملية التمثيل الغذائي، وخفض مستويات السكر، وبالتالي خسارة الوزن”.
وتتوقع مؤسسة السكري الدولية أنّه بحلول عام 2045، سيؤثر مرض السكري على نحو 152 مليون شخص في جنوب شرق آسيا، بما في ذلك الهند وبنغلاديش وسريلانكا، ارتفاعاً من 35 مليوناً في عام 2000، كما سيؤثر على 260 مليون شخص في منطقة غرب المحيط الهادئ، وتشدد على أنّ مواجهة انتشار المرض يتطلب تغيير في العادات الغذائية، إذ يحتوي الأرز البني على كميات أكبر من الألياف والمغنيسيوم التي تقلل من خطر الإصابة بمرض السكري.
وحسب الدراسات، فإنّ تناول 100 غرام من الأرز البني يضيف نحو 111 سعرة حرارية فقط، وهو رقم بسيط بالنسبة إلى الأسس الغذائية للفرد.
وأظهرت دراسات أجراها مركز أبحاث التغذية والوقاية من الأمراض المزمنة في جامعة تورنتو الكندية، أن تناول حصتين أو ثلاث حصص من الأرز الأبيض يومياً يزيد من فرص الإصابة بمرض السكري بنسبة 16 في المائة، وتقول الباحثة فاسانتي مالك، إنّ الجسم يمتص الأرز الأبيض بسرعة لأنّه يفتقر إلى الألياف والمغذيات الدقيقة الأخرى، مما يؤدي إلى ارتفاع سريع في مستويات الغلوكوز والأنسولين في الدم، ويزيد من المخاطر بمرور الوقت.
وتضيف مالك: “عوامل عديدة تساعد في انتشار السكري، من ضمنها اتجاهات الزراعة الحديثة، إذ بات الأرز معالجاً بشكل متزايد، كما أصبح نمط الحياة أكثر خمولاً، ما يساعد في تفشي الإصابة بالمرض”.
ويعتبر الأرز عنصرًا أساسيًا في النظم الغذائية في أنحاء آسيا، ويتم إنتاج 90 في المائة من الأرز في دول أسيوية، ووفق منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، يوفر الأزر المصدر الرئيسي للكربوهيدرات والبروتين لملايين الأسر. وتتناول شعوب دول قارة أسيا الأرز بشكل يومي، حتى أن البعض يتناوله ثلاث مرات في اليوم، ولذا تعد القارة الأكثر انتشاراً لمرض السكري.
وبات شايلش أواتي، الشريك المؤسس لشركة زراعية في الهند، يشجع المزارعين الآسيويين على العودة إلى أصناف الأرز القديمة غير المعالجة جينياً، وهو يسافر حول الهند وسريلانكا والفيليبين لجمع البذور التي يمكنه تقديمها للمزارعين الآخرين، ويطالب بضرورة تغيير اقتصاديات إنتاج الغذاء للحفاظ على الصحة العامة.