اندلعت منذ حوالي السبوعين اشتباكات مسلحة في مدينة جنين ومخيمها بين قوى الأمن الفلسطيني التي تمارس مهامها ودورها المنوط بها في حفظ الأمن والنظام والقانون طبقا للقوانين الفلسطينية السارية، وبقرار سياسي من المستوى السياسي والحكومي.
لأنهاء حالة التجاوزات على القانون وترويع المواطنيين وتهديد السلم الأهلي والمجتمعي واستمرار حالة الفلتان الأمني واختطاف مخيم جنين والمدينة ووضعها رهينة لبعض المجموعات المسلحة التي اختطفت ايضا شعار المقاومة ، او تحاول احتكار فعل المقاومة باعتبارها حقا حصريا لبعض المجموعات المحسوبة على فصائل بعينها ، ممكن تتلقي الدعم والتمويل الإيراني بشكل مفضوح وسافر وهو ليس اتهاما، وإنما هو تاكيد لبعض الناطقين باسم هذه المجمعوعات التي توجه التحايا لمحور المقاومة الذي لم يعد موجودا وللامام خامئني ولايران قائدة محور المقاومة الذي يمتد من اليمن الحوثي مرورا بغزة وبيروت الضاحية وحزب الله وسوريا وقيادة طهران لهذا المحور.
ولم يكن خافيا أو سرا على أحد ايضا رفع أعلام داعش وبعض الفصائل الأسلاموية الفلسطينية وغير الفلسطينية على سيارات المؤسسات الرسمية الفلسطينية المسروقة وهي تجوب شوارع جنين والمخيم بشكل استعراضي واستفزازي لمشاعر المواطنيين وأجهزة حفظ النظام والقانون في السلطة الوطنية الفلسطينية ، هذا علاوة عن اطلاق النار المستمر بمناسبة وبدون مناسبة على المقرات الأمنية الفلسطينية بما في ذلك المحكمة ومحاولة حرق ملفات المطلوبين جنائيا ممن يتلحفون بسلاح وشعارات المقاومة ، وايضا على مبنى المحافظة الذي هو العنوان السيادي الأول للسلطة الوطنية الفلسطيني في محافظة جنين .
محاولة الممول ذاته لنقل الأشتباكات لمحافظات اخرى،ولأهداف سياسية تتصل بدوره المتلاشي بالمنطقة والذي لم يبق له سوى هذه الجبهة ليناور ويتاجر فيها للحفاظ على ما تبقى له من دور لربما باعتقاده تحسن من بعض شروطه التفاوضية .
السؤال الرئيس الذي ينبغي ان يطرحه على انفسهم الوطنيين والديمقراطيين الفلسطينين وخصوصا قوى منظمة التحرير الفلسطينية التي تعلن بكل الوقات تمسكها بالقرار الوطني الفلسطيني المستقل .
هل من المقبول لديها التدخل الإيراني السافر في الشأن الداخلي الفلسطيني وتوظيف بعض القوى ممن تعتقد انها مازالت “بمحور المقاومة” او الفئات المستفيدة من حالة الفلتان الأمني من اصحاب السوابق والمطلوبين عدليا والخارجين على القانون .
هل هذا يشكل مقاومة أو أنه يشكل سندا ودعما لغزة ، أم انه يوفر ذرائع اضافية للاحتلال لأعادة الكرة مجددا لاجتياح وتدمير جنين ومخيمها كما حصل قبل عدة أشهر وكذلك مخيمات طولكرم ونابلس .
هل وظيفة هذه القوى فعلا المقاومة ، أم تحويل الضفة الى نموذج شبيه بغزة، أو أنه يعتقد أن الأشتباكات في الضفة ربما تعزز موقفه التفاوضي لوقف أطلاق النار وتبادلا الآسرى في غزة .
والسؤال الآخر لممن وقع على نداء الوفاق هل مساواة قوى الأمن الفلسطينية ، بالمسلحين مها كان انتمائهم أمرا مقبولا ، وتصوير الأمر وكأن قوى الأمن تستهدف المقاومين ، وأين كان هذا العدد الهائل من الموقعين على النداء علاوة عن الفصائل الموقعة من فوضى السلاح والفلتان الأمني وتهديد السلم الأهلي والمجتمعي ، أم ان فقط الأجهزة الأمنية الفلسطينية الرسمية هي التي تهدد السلم الأمني والمجتمعي، ونكشف ظهرها بدون حاضنة سياسية ومجتمعية وكأن الأجهزة هي المتجاوزة على النظام والقانون .
مع احترامنا لحق الأختلاف بالرأي وهو حق مارسناه طيلة سنوات الثورة الفلسطينية المسلحة ومازلنا نتمسك به أساسا ونبراسا لعلاقاتنا الوطنية الداخلية ، وكنا ندعي أننا نمارس الديمقراطية في غابة السلاح ، هل هذا الوصف ينطبق على المجموعات الممولة من إيران أو التي ترافع أعلام داعش ، أمام أعين من وقع البيان ولم ترى تك الصور ومقاطع الفيديو المنتشرة .
نعم نحترم حرية الرأي والأختلاف وكلنا حريصون على السلم الأهلي والمجتمعي ، ولكننا ايضا وقبل كل شيء حريصون على مشروعنا الوطني التحرري الديمقراطي وعلى مكتساباتنا ومنجزاتنا الوطنية التي تحققت بتضحيات جسام ، ولا ينبغي لأي كان كان مهما كانت دوافعه ومنطلقاته نبيلة وصادقة ومخلصة أن يتغافل عن هذه الحقيقة وأن يضع الواحدة مقابل الاخرى.