احمد زيدان يكتب: زلزال تركيا وسوريا.. الأعنف منذ 900 عام
المواطن
الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا صباح اليوم كان الأعنف من نوعه بحسب الخبراء والمؤرخين، بحيث لم تتعرض سوريا لمثله منذ عام 1138 حين تدمرت مدينة حلب بشكل شبه كامل نتيجة زلزال مدمر بلغت قوته 8.5 درجة على مقياس ريختر، بينما كان زلزال اليوم 7.8 درجة على مقياس ريختر، وهي نفس قوة الزلزال الذي وقع في باكستان في تشرين الأول/ أكتوبر 2005 وراح ضحيته حينها أكثر من 80 ألف قتيل.
الزلزال الذي ضرب المنطقة أسفر بحسب الإحصائيات الأولية عن دمار هائل، وضخم وكبير في مدن تركيا وتحديداً في أنطاكيا، ومرعش وغيرها من المناطق في الجنوب التركي، حيث انهارت مباني، ولا يزال البعض تحت الأنقاض، وتشققت الطرقات العامة، كحال طريق أنطاكيا- الريحانية الذي توقف عن الحركة بعد التصدعات التي وقعت عليه، فكانت أضخم وأكبر من التشققات التي حصلت في شوارع باكستان يوم حصول زلزالها في عام 2005 وقد شاهدته وعاينته بنفسي يومها.
على مستوى الشمال السوري كانت الآثار ضخمة ومدمرة في بلد مزقته الحروب التي أعلنها النظام السوري وسدنته المحتلون عليه طوال عقد من الزمان، بحيث انهار حي بالكامل في منطقة سرمدا شمال سوريا على الحدود مع تركيا، وانهارت مبان في ترمانين، وكانت الانهيارات والخسائر أكبر بكثير في جنديرس والأتارب. وقد ناشد أهالي المدن السورية والدفاع المدني السوري في الشمال المحرر العالم كله للتدخل لمساعدتهم في رفع الأنقاض وتقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين، كون المأساة أكبر وأضخم من قدرتهم على التعاطي معها.
وقد امتد تأثير الزلزال إلى معظم المدن والبلدات السورية في الشمال؛ من سرمدا إلى الأتارب، وسلقين وحارم وردكوش وعزمارين وزردنا وتفتناز ، بعد أن تضررت عدد من الأبنية والجدران فيها، وانهارت مئذنة مسجد في بلدة بنش قرب إدلب، بالإضافة إلى أضرار لحقت بالمباني في مدينة إدلب نفسها.
وقد أعلنت حكومة الإنقاذ السورية المعارضة في إدلب عن التعبئة العامة لقواتها، وعناصر وزارة داخليتها، كما أعلنت فصائل الفتح المبين التعبئة العامة وأعلنت حالة الطوارئ في صفوف قواتها من أجل مساعدة المتضررين، بحيث وجهت آلاتها الثقيلة ومعدات الحربية للتدشيم في مواجهة النظام السوري إلى مواقع الزلزال للمساعدة في رفع الأنقاض.
الزلزال الذي داهم أهالي الشمال السوري المحرر ليلاً، زاد من معاناتهم في مواجهة عواصف الثلوج والأمطار التي يعانون منها لأيام وسط قلة المعونات، والمحروقات، ولعل حال المخيمات التي يسكن أصحابها تحت الخيام أحسن حالاً في هذا الزلزال من غيرهم الساكنين في المباني، بحيث انهيار الخيام على بعضهم لن يلحق بهم الأذى والضرر كحال ساكني العمارات والمباني، ولكن سيظلون يعانون من عواصف الأمطار والثلوج. مثل هذا الحال سيجعل الكل متضرراً في الشمال السوري؛ إن كان من ساكني البيوت والعمارات بسبب الزلزال والهزات الارتدادية التي لا زالت تتوالى، أو بسبب عواصف الأمطار والثلوج التي تلحق الأضرار بالمخيمات، وهو ما يجعل الجميع يعاني في هذه الأيام بغض النظر عن السبب، الأمر الذي يفرض على العالم كله، وخاصة العرب والمسلمين، النجدة لمساعدة متضرري الزلزال ومتضرري العواصف الثلجية والمطرية.
الدفاع المدني السوري أعلن منطقة شمال غربي سوريا منطقة منكوبة ودعا جميع المنظمات الإنسانية الدولية التدخل السريع لإغاثة المنكوبين، وتلبية احتياجاتهم. وشدد الدفاع المدني على ضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في كبح جماح المحتل الروسي ونظام بشار الكيماوي في عدم قصف الشمال السوري الذي يعاني اليوم من عواصف الثلوج والزلازل، كي لا يزيد من معاناته.