أقلام

إعادة تأهيل المعتقلين في سجون الاحتلال.. مهمة عالمية وإنسانية “ملحة”

كتبت .. مسك محمد

تعج سجون الاحتلال الإسرائيلي بالكثير من الفلسطينين، الذين قارب عددهم على مليون معتقل- وفقا لاحصائيات رسمية، ورغم أن رحلة الاعتقال تجسد مأساة حقيقة بسبب سياسات القمع والتعذيب الإسرائيلية، إلا أن رحلة إعادة التأهيل بعد الخروج تعتبر قضية أخرى.

ربما تعتبر تأهيل الأسرى الفلسطينيين نفسيا بعد تحريرهم، إشكالية كبيرة لأن رحلة تعذيبهم في سجون الاحتلال الإسرائيلي كان هدفها تدميرهم نفسيا وقتل الوطنية فس نفوسهم ليبقى ملازمًا لهم طوال حياتهم حتى بعد تحريرهم من الأسر، لذلك تم إيجاد سُبل لدعم الأسرى الفلسطينيين المحررين، لدعمهم نفسيًا وصحيًا وإعادة تأهيليهم فكريًا.

إن هذه القضية تعتبر من أهم القضايا الإنسانية، فالعلاج والتأهيل النفسي من أثر التعذيب والمعاناة، ضروري جدا ولكن يجب أن يكون وفق برامج وخطط مدروسة تنقلهم من واقع المعاناة إلى واقع العمل والإنتاجية.

وأيضا الأطفال الذي اعتقلت سلطات الاحتلال منذ 2015 حتى الآن، نحو 10 آلاف طفل فلسطيني، عانوا من ظروف اعتقالية قاسية، من تحقيقات وإهمال طبي وسوء معاملة، وكان أبرزهم الطفل أحمد المناصرة، فمن الضروري والملح علاج ما تعرضوا له في زنازين الاحتلال وتعريضهم لكلاب تنهش أجسادهم ومنعهم من استخدام المياه الدافئ سوى مرة واحدة.

لذلك فإن علاجهم ورعايتهم نفسيا مما تعرضوا له بعد الإفراج عنهم، تعتبر من أهم المسئوليات الملحة والتي تقع على عاتق العالم برمته، خاصة في ظل غياب مراكز التأهيل النفسي، التي من الضروري توفيرها والإشراف عليها من منظمات مختصة .

إن ما يتعرض له الأسرى داخل السجون من تعذيب نفسي، يستوجب توافر المراكز الكافية، وكذلك إقبال الأسرى والأسيرات المحررين على هذه المراكز عند توافرها،

وظهرت في الأسابيع الأخيرة قصص عن أسرى سابقين من القدس الشرقية أطلق سراحهم بعد قضاء فترة في سجون الاحتلال، ومن بينهم أحد أغنى الأفراد في مخيم شعفاط، والذي واجه تحديات كبيرة عند إطلاق سراحه. وكان هذا التحول مزعجاً بشكل خاص، لأنه لم يكن معتاداً على الاختلافات الصارخة في البيئة ومستويات المعيشة.

وخلال هذه الفترة الصعبة، واجه العبء العاطفي الناجم عن انفصاله عن خطيبته والأعباء المالية الثقيلة الناجمة عن معركة قانونية طويلة، وعلى الرغم من هذه الصعوبات، فقد أظهر مرونة من خلال طلب المساعدة والحصول على الحد الأدنى من الدعم المتاح للمضي في الطريق الطويل أمامه.

ورغم النضالات الأوسع التي يواجهها السجناء المفرج عنهم، إلا هذا لا يتنافى مع الحاجة الملحة إلى أنظمة دعم شاملة لمساعدتهم على إعادة الاندماج في مجتمعاتهم، لكي يتمكن المجتمع المحلي من استيعابهم ولدورهم المهم في تحقيق نمو اقتصادي أفضل، فمن الضروري أن يتخذ الأفراد خطوات استباقية ويعملوا بشكل تعاوني لتحقيق هذا الهدف، ومن هنا ستكون الجهود الجماعية حيوية في تعزيز بيئة أكثر دعما لدعهم وإعادة تأهيلهم ليعيدوا بناء بلادهم من جديد.

كانت سويسرا قد نفذت برنامج المساعدات السويسرية، والذي اعتبره من المشاريع التي سهر مكتب الاتصال السويسري في أراضى الحكم الذاتي الفلسطينية على تمويلها، فكان من الضروري إعادة تأهيل الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية المفرج عنهم وتحضيرهم لاندماج ناجح في المجتمع الفلسطيني.

وهذا المشروع الذي مولته سويسرا اهتم بالجوانب النفسية والاقتصادية والاجتماعية لأكثر من 12 الف أسير مفرج عنهم، وهي حصيلة سبع سنوات من العمل.

في حصيلة سبع سنوات من التواجد السويسري في رام الله وفرعه الذي كان متواجدا في القدس، ومع انطلاق المسار السلامي عقب اتفاق أوسلو، فكان الجميع متفائلا ومتحمسا ومشجعا على القيام بهذه التجربة.

ورغبت سويسرا بذلك، تسجيل مشاركة لها في مسار السلام والمساهمة بإيجابية فيه بتمويل مشاريع التنمية وإعادة تأهيل السجناء المسرحين وتهيئتهم للاندماج داخل المجتمع الفلسطيني.

وتعتبر خطوة الرعاية النفسية مسئولية عالمية، فمن المهم أن ينفذ العالم هذ المشروع بإعطاء السجناء المسرحين تكوينا مهنيا يسمح لهم بالعودة للحياة مجددا!

زر الذهاب إلى الأعلى