إلى أين وإلى متى ؟ … أزمة الدواء في قطاع غزة
كتب الدكتور الصيدلاني سلامة شلح :
يعاني قطاع غزة من شح الأدوية منذ فترة طويلة قبل اندلاع الحرب الطاحنة التي طالت كل شيء ولازالت تدور رحاها على الرغم من اقترابها من العام .
بجانب ما أنتجته تلك الحرب من إبادة جماعية ودمار شامل ، تفشت العديد من الأمراض وتأثر اغلب المواطنين بسوء التغذية وازدادت فيه الأمراض بسبب الأحوال الغير طبيعية والنزوح المتكرر وغيرها بالإضافة لما كان يعانيه المرضى من قبل والذين كانوا يعتمدون على الحد الأدنى من الخدمة الصحية في الأوضاع الطبيعية .
اعتمد قطاع غزة سابقاً على الأدوية من مصادر مختلفة وذلك من الاستيراد أما من مصانع الأدوية الوطنية بالضفة الغربية أو المناطق المحتلة أو من مصانع الأدوية الأجنبية بالإضافة لمصنعين للأدوية داخل القطاع .
و لا تزال المعابر مغلقة ولا يدخل القطاع المجزأ أي كمية من الأدوية أو مواد صحية أو مستلزمات طبية ، و مع دمار عدد كبير من المؤسسات الصيدلانية والمستودعات الطبية والصيدليات العامة تم إتلاف اعداد هائلة من الأدوية التي لا بديل لها .
وقد تم استهلاك الموجود مما تبقى في المراكز الصحية والصيدليات بعد دمار العديد منها وخروج غالبيتها من الخدمة لاحقا و أصبحت خاوية من أبسط الإمكانيات التي لا تلبي شيئاً من الاحتياج الصحي اليومي .
ويخشى المواطنون من الاصابة بأي مرض أو عدوى بسبب نفاذ المسكنات والمضادات الحيوية و معظم المستحضرات الطبية وأدوية أخرى مفقودة بالإضافة للأدوية الخاصة بمرضى السرطانات والأمراض المزمنة الأخرى الذين سآءت حالتهم لعدم توفر علاجاتهم أو بدائلها ..
(أمثلة)
وللوقوف عند أمثلة على ذلك ايضا العديد من المصابين لا يجدون مستلزمات لغيار جروحهم ولا مسكنات تصبرهم على ما تم بتره من أطرافهم أو تساهم في شفائهم مما أصابهم ، وتُجرى العمليات الجراحية والولادة بدون اهم العقاقير والأدوية الهامة في العمليات والتخدير .
أما الاطفال تعرضوا للإصابة بعديد من الأمراض المعدية المختلفة كإلتهاب الكبد الوبائي واليرقان وتفشي الأمراض الجلدية المعدية وسوء التغذية وفقر الدم فلا غذاء صحي ولا دواء ناجع متوفر .
العديد من المؤسسات الأجنبية والعيادات المتبقية والنقاط الطبية العشوائية في مخيمات النزوح و المبادرين في العمل الصحي يجتهدوا في الإرشادات الصحية العامة للتخفيف من الاصابة بالأمراض أو الحد من انتشارها لعدم توفر الأدوية والعلاجات .
وعمدت بعض الصيدليات للعودة الى التركيبات الصيدلانية في محاولة منهم تقديم الخدمة الصحية ومساعدة المرضى في الاستشفاء بأقل الإمكانيات المتاحة ومشاركة العلاج لأكثر من مريض من ذات المرض احيانا والعمل بنظام الجرعة اليومية حتى يمكن إنقاذ ما يمكن إنقاذه .
ومع استمرار الكارثة .. وغياب الرقابة الصحية والدور النقابي لضبط وترشيد الخلل في النظام الصحي الحالي يستوجب على كل العاملين في الميدان الصحي باختلاف مهامهم الأخذ بزمام المبادرة في الحفاظ قدر الإمكان على استمرار تقديم الخدمة الصحية بما هو متاح ومناسب للجميع وتعزيز التكافل الصحي والاهتمام بوسائل الوقاية المتاحة أيضا وعدم استغلال المرضى بتكاليف باهظة للعلاجات رغم ندرتها نظرا للظروف المعيشية الصعبة .
كما ويستوجب على المؤسسات الصحية الأجنبية والجهات المانحة تقديم المساعدات الصحية والضغط على إدخالها لقطاع غزة بكل محافظاتهم والضغط بوقف الحرب وإنقاذ ما تبقى من الإنسان الفلسطيني وحمايته والمحافظة عليه وضمان تقديم الخدمة الصحية له .
ويبقى السؤال قائما حتى تحدث انفراجة جديدة
إلى أين وإلى متى ؟ … أزمة الدواء في قطاع غزة