أقلام

مصطلحات شائعة في خطاب المعارضة الفلسطينية وحقائق موضوعية تدحض مفاهيمها المضلّلة

بصراحة لا بد من أن نقولها بملء الفم : هناك أصوات ترتفع هنا وهناك بكثافة هائلة عبر فضائيات وصحف ووسائل إعلامية ومنابر خطابية تتبناها مؤسسات إعلامية وشخصيات سياسية وأوساط شعبية مختلفة وتنتشر في الميديا يتناقلها كل من يهرف بما لايعرف من ذباب إلكتروني وموظفي الأبواق المستعارة والخطابات المدبلجة في أقبية الميديا السوداء التي تتغذّى عبر الحبل السري من مناهل الموساد وشبكاتها الإخطبوطية ، واحاديث فضّ المجالس التي تنطق بوعي أو بدون وعي باسم إسرائيل وتروّج لسياستها وتخطو في مدارجها ، تركب موجة التشكيك والإحباط والتيئيس التي يحاولون بثّها في فضاءاتنا تركّز على المصطلحات التالية وأولها (سلطة أوسلو):

سلطة أوسلو التي تتكرّر على لسان كثير من المحللين السياسيين مبتدعةً على لسان المعارضة ودعايتها التي تجاوزت كل الحدود وانتهكت كل القيم و تعدّت حدود الخصومة الشريفة إلى فلسفة ميكافيللي (الغاية تبرر الوسيلة) ، وقد نجحت في صكّ هذا المصطلح وشيوعه بوصفه حقيقة تاريخية تجعل من السلطة الوطنية الفلسطينية مجرد أداة موظّفة لخدمة الصهيونية وقمع المعارضة وكبح جماح المقاومة، على الرغم من أن هذه السلطة كانت ثمرة لكفاح طويل امتدّ لعشرات السنين ؛ فلم يكن الكيان الصهيوني ليعترف بوجود الشعب الفلسطيني أصلاً أدّت مهمات وطنيّة أساسية :
أولاً – دحض مقولات زعماء إسرائيل التي تتعلق بإنكار وجود الشعب الفلسطيني على لسان جولدا مائير رئيسة الوزراء السابقة ( لم يكن هناك شيء اسمه الفلسطينيون) في تصريح لها في 15 يونيو 1969 لصحيفة (الصندي تايمز ) فاضطروا مرغمين للاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية نحت وطأة مقاومة الانتفاضة الأولى وصمود أبطالها الذين زجّت بهم في السجون على دفعات متسارعة دون أن ينضب أفرادها و قياداتها، وكلمة تحرير تعني أن هناك احتلالا

وأن ثمّة أرضاً محتلة لشعب موجود فوقها فاختفت العبارة الرديفة التي اعتبرت تسويغاً لإنشاء دولة إسرائيل ( أرض بلا شعب لشعب بلا أرض)

ثانياً – تأسيس مقوّمات الدولة ببنيتها الإدارية والاقتصادية والتعليمية والعسكرية والثقافية والإعلامية : هيكل كامل لمؤسسات الدولة على الأرض خلفاً للإدارة المدنية الاحتلالية ، وقد حظيت باعتراف أممي ، وشهدت لها مؤسسات الأمم المتحدة بجاهزيتها ، ولها سفراؤها وحكومتها تستقبل رؤساء الدول و ترسل الوفود وتنشئ المشاريع ؛ أما ما يوجّه لها من تهم الفساد وسوء التصرف بالمال العام والمساعدات ، فهو – وإن كان من الأعراض الجانبية التي تعاني منها كثير من الدول – فقد تمت المبالغة فيه وتجاهل الإجراءات التي قامت بها القيادة لمحاربتها والحدّ منها ؛ فضلاً عن أن مروجيها (حماس) اعترفوا بدورهم في نشرها وإشاعتها على لسان الدكتور محمود الزهار بأنها كانت قاعدة استراتيجية في إعلام الحملة الانتخابية التي فازت فيها حماس عام 2006م

ثالثاً – عاد إلى فلسطين بفضلها قرابة أربعمئة ألف فلسطيني وبدا التفوق الديموجرافي واضحا الآن بعد أن زاد عدد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية عن عدد اليهود بثلاثمئة ألف نسمة رغم السعار الاستيطاني للحكومات المتعاقبة .

رابعاً – استطاعت السلطة أن تبسط نفوذها الأوّلي على المدن الفلسطينية وأن تؤسس المطار،

وأن تشرع في تأسيس الميناء والطريق الآمن في الضفة وغزة لولا الاستراتيجية الانتحارية المرتجلة التي استعارت مسمى (العمليات الاستشهادية ) وذهب ضحيتها المئات من الشباب من أجل إفشال أوسلو، وانتهت إلى فشل ذريع أدّى إلى بناء سور الفصل العنصري ثم توقفت بعد ذلك بعد أن أدت إلى حملة التي حوصر إثرها الشهيد القائد أبو عمار بعد أن قدمت حماس ما سوّغ لها كإجراء دفاعي من قبل إسرائيل بعد ثلاث عمليات انتحارية قامت بها حماس في شارع ابن يهودا في وسط القدس في الأول من ديسمبر عام 2001 وقد جاء دبلوماسيو الدول ليضعوا أكاليل الزهور في مكان العمليات التي أسفر عنها 13 قتيلا صهيونيا ما بين عسكريين ومدنيين و88 جريحا الأمر الذي أدى إلى تدمير منشآت السلطة وحصار قيادتها واستشهاد أكثر من ألف من الأجهزة الأمنية الفلسطينية وجلهم من الفدائيين العائدين إلى أرض الوطن ثم تدمير المطار و منشآت مشروع المرفأ بعد أن انفجرت الانتفاضة المسلحة الثانية، بعد أن قتل رابين وانتصر المتطرفون الذين حاربوا أوسلو بكل قوة فالتقت الإرادة الصهيونية مع الإرادة الحمساوية وقتل رابين وأوقف تسليم الأراضي للفلسطينيين و أغلقت الطريق الآمن بين الضفة و غزة .

وقد استطاعت السلطة أن تلملم جراحها بعد الاجتياح الإسرائيلي للضفة، وتدمير منشآتها وأن تصمد ، ولم تفرط بوجودها ومنجزاتها فقامت إسرائيل باغتيال زعيمها الشهيد ياسر عرفات، ولكنها أتمت مسيرتها وراوغت الاحتلال الذي كان يهدف إلى إنهائها وشطبها من الوجود ، فحاصرها وضيّق الخناق حول عنقها عبر الاقتطاعات الجائرة من المقاصة وتأليب الغرب حتى تقلص وارداتها وتحفيز الأشقاء والأصدقاء على قطع المعونة عنها ، فتعالت الأصوات المنادية بحلّها وتسليم زمامها للمحتل، وما زالت هذه الأصوات تصدح بهذه النغمة وتجد من يركب هذه الموجة دون رؤية استراتيجية أو فهم لطبيعة الصراع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى