المرأة

لماذا تحتفي 70 مليون امرأة هندية بالعنوسة؟

وفقًا لتعداد 2011، كانت الهند موطنا لـ71.4 مليون امرأة غير متزوجة، بزيادة 39% عن عام 2001 (بيكسابي)نشرت سرموي بو كوندو على مجموعة “الحالة عزباء” في “فيسبوك” في مطلع يناير/كانون الثاني الجاري، خبر ارتفاع عدد النساء العازبات في الهند، وفقًا لدراسة حديثة أجراها تطبيق “بامبل” (Bumble). وأظهرت الدراسة أن 81% من الهنديات غير المتزوجات سعيدات بقرار العنوسة، على الرغم من ضغط العائلة.أسست بو كوندو تلك المجموعة على فيسبوك، لتكون مجتمعًا للنساء العازبات من المناطق الحضرية في الهند، سواء ممن لم يسبق لهن الزواج أو طُلقن أو ترمَّلن، بهدف تخفيف حدة الوصم المجتمعي عن المطلقات والأرامل.لكن سرعان ما أثارت المجموعة المغلقة جدلاً نسويًّا في بلد يقدّس الزواج وقررت بعض إناثه الخروج عن المسار.”عزباء وأفتخر”
وفقًا لتعداد عام 2011، كانت الهند موطنًا لـ 71.4 مليون امرأة غير متزوجة، بزيادة 39% عن عام 2001، وبينما تأخر تعداد 2021 بسبب جائحة “كوفيد-19″، تتداول النساء في أرض التوابل أنباءً عن تجاوز عدد الهنديات غير المتزوجات 100 مليون امرأة، ومن المتوقع أن تستمر زيادة الأعداد بعدما تخلت الهنديات عن خوفهن من “عار” العنوسة والوحدة.لا تزال تلك الأرقام ضئيلة في ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان، لكنها تمثل تهديدًا لتقاليد المجتمع الهندي؛ إذ يعيش ثلثا سكان الهند البالغ عددهم 1.25 مليار نسمة في الريف، ويتبعون تقليد الزواج في بيت العائلة، وهو تقليد تخلى عنه أبناء المدن الأثرياء، للاستمتاع بحياتهم الزوجية، لكن يزداد تمسك الأسر الريفية به، فلا تغادر الهنديات بيوت أهلهن، إلا للعيش مع أسر أزواجهن.لذلك، يقل معدل تعليم الإناث في الهند عن المتوسط العالمي. ويزداد الوضع خطورة في المناطق الريفية، إذ كشفت مؤسسة “المراقب” (ORF) الهندية للبحوث والإحصاءات، في عام 2019، أنه لا يزال في الهند نحو 186 مليون امرأة لا تجيد القراءة أو الكتابة.تتم 93% من الزيجات في الهند وفق قواعد “الزواج المدبر”، فيختار الوالدان الأفضل لابنتهما من وجهة نظرهما (بيكسابي)الزواج في بيت العائلة
تتم 93% من الزيجات في الهند وفق قواعد “الزواج المدبر”، فيختار الوالدان الأفضل لابنتهما من وجهة نظرهما، ثم تنتقل الفتيات بعد الزواج إلى بيت عائلة الزوج حيث تفرض التقاليد على الزوجة الصغرى خدمة والدي الزوج، وإخوته، وزوجات إخوته، وتتحكم الحماة في كيفية إنفاق رواتب أبنائها من الذكور.أصبح التقليد فرضًا، بعدما أضفى حكم قانوني طابعا مؤسسيا على التقاليد القديمة، وحوَّلَ حياة ملايين النساء الهنديات إلى كابوس، مع ظروف شبيهة بالعبودية؛ فحكمت المحكمة العليا في الهند عام 2016 بالطلاق لمصلحة زوج رفضت زوجته العيش مع أهله، وجاء في الحكم أن النساء الهنديات استلهمن من الفكر الغربي، وانتهكن القيم التقليدية.يعد الطلاق حكما بالتعاسة الأبدية على الهنديات؛ فلا تنفصل المرأة عن الزوج وحده، بل تنفصل عن تقاليد المجتمع والوالدين اللذين لحقهما العار لطلاق ابنتهما، والأقرباء والأصدقاء الذين يعتبرون المطلقة والأرملة نذير شؤم، ولا يحق لها السعادة أو الزواج مجددا.خلفت تلك النظرة إلى المطلقة آلاف الزوجات التعيسات؛ ففيما ترتفع معدلات الطلاق سنويا حول العالم وتحرّك النساء معظم دعاوى الطلاق، تسجل الهند أحد أدنى معدلات الطلاق، بنسبة 1% فقط، وكانت غالبية تلك الحالات بسبب رغبة الرجل وحده، لكثرة الحواجز الاجتماعية والاقتصادية أمام الزوجة إذا رغبت في الانفصال.وفق بيانات المسح الوطني لصحة الأسرة الصادرة عام 2022 عن وزارة الصحة الهندية، فإن 30% من الهنديات تعرّضن للعنف المنزلي (بيكسلز)العنف المنزلي شأن أسري
لا مخرج أمام الهندية المتضررة من حياتها الزوجية سوى الهجرة خارج البلاد؛ فالغالبية العظمى تتعايش مع العنف المنزلي والاغتصاب الزوجي -غير المجرَّمَيْن في الهند- لحماية الأطفال من الفقر والنبذ المجتمعي في حالة الطلاق. فوفق بيانات المسح الوطني لصحة الأسرة الصادرة في عام 2022 عن وزارة الصحة الهندية، فإن 30% من الهنديات تعرّضن للعنف المنزلي، فيما خاب أمل 77% ممن حاولن طلب العون من العائلة، في حين تعتبر الشرطة ذلك العنف شأنا أسريا.لا يعد العنف المنزلي أسوأ السيناريوهات المطروحة في مجتمع يرى في الزواج دواءً شافيًا من المرض العقلي؛ إذ تمثل الهنديات نسبة 36% من حالات الانتحار العالمية بين سن 15 و39، وهن أكثر عرضة للانتحار بمقدار 2.5 مرة، عند مقارنتهن بالنساء في مجتمعات أخرى.ليس ذلك بجديد؛ إذ تنتحر أكثر من 20 ألف زوجة هندية سنويا، منذ عام 1997، كما أظهر تقرير صادر عن “المكتب الوطني لسجلات الجريمة التابع للحكومة NCRB” لعام 2020، أن الزوجات شكلن أكثر من 50% من إجمالي عدد النساء اللواتي قتلن أنفسهن بالهند.كانت المشكلات العائلية ثاني دوافع الزوجات في الهند للانتحار، بنسبة 30%، بعد المهر الذي حل في المركز الأول، مخلفا 7 آلاف ضحية.وقد تم تسجيل الانتحار سببا لوفاة هؤلاء، لكنهن -في الواقع- تم قتلهن، أو دفعهن إلى الانتحار، بسبب عادة دفع أسرة العروس مهرا لأسرة العريس لتأمين حياتها بعد الزواج.وكلما ارتفعت قيمة المهر، أحسنت أسرة العريس معاملة العروس. أما إذا قل المهر المدفوع، فتعيش الزوجة مهددة بالطلاق أو تحت هاجس الانتحار في أي لحظة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى