ما هي قصة التعديلات القضائية في “إسرائيل”؟
رام الله – المواطن
وصلت أزمة مشروع التعديلات القضائية في “إسرائيل” إلى ذروتها مساء الأحد، عندما خرج مئات الآلاف من “الإسرائيليين”، رفضا لهذه التعديلات، في واحدة من أكبر الاحتجاجات في تاريخ “إسرائيل”.
وبعد انتخابات نوفمبر 2022، ونجاح نتنياهو بتشكيل تحالف من الأحزاب الأكثر تشددا في تاريخ “إسرائيل”، عبرت حكومته عن رغبتها في إحداث تعديلات على سلطات القضاء، وخاصة المحكمة العليا.
وكانت أزمة التعديلات القضائية متوقعة إذا نظرنا إلى وجهات نظر التيارات السياسية واللاعبين في الساحة السياسية داخل إسرائيل، فقوى اليمين ترى أن المحكمة العليا جزء من اليسار، ولا تمثل فيها شرائح المجتمع كلها بشكل عادل، كما يقول هؤلاء، مشيرين إلى أنها تتعسف في استخدام السلطة المتاحة لها.
وخلال السنوات الأخيرة، طالب أعضاء أحزاب اليمين في إسرائيل بإجراء تعديلات على القضاء وخاصة المحكمة العليا، لكونها تعارض توجهات هذا الاتجاه ومشاريعه.
لكن استطلاعا أجري أخيرا أظهر أن 66 في المئة من الإسرائيليين يرون أن المحكمة يجب أن تبقى متمتعة بسلطة إلغاء أي قانون، إذا كان يتعارض مع القوانين الأساس، وهي البديل للدستور، ف”إسرائيل” لا دستور لها حتى الآن، بحسب معهد الديمقراطية في “إسرائيل”.
أبرز النقاط في التعديلات
تسعى هذه التعديلات إلى سحب السلطات من بين قضاة المحكمة العليا، بوصفها مراقبا على الكنيست (البرلمان) والحكومة.
ترمي التعديلات إلى تقليص صلاحية المحكمة العليا في إسقاط القوانين التي ترى أنها غير قانونية.
وفقا لهذه التعديلات، فإن بوسع أعضاء البرلمان وبأغلبية بسيطة رفض قرارات المحكمة العليا.
تمنح التعديلات المقترحة السياسيين صلاحية أكبر في تعيين القضاة، بخلاف ما هو معمول به حاليا، وهو لجنة تضم 9 قضاة من جهات متعددة مثل نقابة المحامين والحكومة والبرلمان والجهاز القضائي.
إلغاء حجة ما تعرف بـ”المعقولية”، إذ تُعطي هذه الحجة الصلاحية للمحكمة لإلغاء أي قرارات حكومية ترى أنها غير منطقية.
المحكمة العليا “الإسرائيلية”
المحكمة العليا تترأس الجهاز القضائي في “إسرائيل”، وهي الهيئة الأعلى بها، ويخدم فيها 15 قاضيا، أما رئيس المحكمة العليا هو رأس النظام القضائي.
بصفتها محكمة استئناف تنظر المحكمة العليا إلى الاسئتنافات المقدمة إليها على القرارات التي تصدرها شتى الجهات.
بصفتها محكمة عدل عليا تبت بالالتماسات لجميع الناس (وليس فقط مواطنين أو سكان) ضد الهيئات العامة والسلطات الحكومية.
تمتلك صلاحية تعيين لجنة تحقيق، بناء على طلب الكنيست أو الحكومة، كما حدث في لجنة التحقيق التي أعقبت حرب أكتوبر عام 1973.
المواقف المتعارضة
يقول رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وحلفاؤه في الائتلاف الحكومي إن التعديلات القضائية ستعزز ديمقراطية وتحدث توازنا بين السلطات.
أما المعارضون فيرون أن الأمر يقضي على الأسس الديمقراطية للدولة مع تراجع سلطات الجهاز القضائي للدولة، وانفراد الغالبية البسيطة في الكنيست بالقرارات المصيرية.
من شأن النظر إلى القضاء باعتباره غير مستقل أن يجرد “إسرائيل” من أحد خطوط دفاعها الرئيسية في الدعاوى القانونية الدولية، وفق “رويترز”.
ما هي العوامل الأخرى المؤثرة؟
يخشى منتقدون من أن يسعى نتنياهو لاستغلال هذا الضغط على القضاء من أجل تجميد أو إلغاء محاكمته، وهو ما ينفيه نتنياهو.
كان نتنياهو في السابق يعارض بشدة تقييد سلطات المحكمة العليا لكنه تراجع فيما بعد.
تقول المعارضة أيضا إن حلفاء نتنياهو يريدون إضعاف المحكمة العليا لإقامة المزيد من المستوطنات على أراض يسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم بها.
تريد الأحزاب اليهودية المتشددة في الائتلاف إقرار قانون يعفي طائفتهم من الخدمة في الجيش ويخشون أن تفسد المحكمة هذا إذا لم يتم تقليص صلاحياتها.
يرى حزب مثل “شاس”، الذي يمثل اليهود الشرقيين، أن المحكمة لاحقت زعيمه، آرييه درعي، وحرمته أخيرا من منصب وزاري بسبب أصوله الشرقية، فيما تطغى الأصول الغربية على أعضاء المحكمة.
ماذا بعد؟
يهدف الائتلاف الحاكم بزعامة نتنياهو إلى التصديق النهائي على التغييرات بحلول الثاني من أبريل عندما يبدأ الكنيست عطلة الربيع.
وتم تأجيل تغييرات أخرى، تمت الموافقة على بعضها في الجلسة الكاملة للكنيست في القراءات الأولى من أصل ثلاث قراءات مطلوبة للتصديق، حتى يجتمع البرلمان مجددا في 30 أبريل.