ما بين حرب أكتوبر ومسار التطبيع.. المطلوب فلسطينياً؟
بقلم: وسام زغبر
تمر علينا الذكرى السنوية الخمسين لحرب تشرين (أكتوبر) المجيدة، هذه الحرب الذي خاض فيها أبطال الجيشين المصري والسوري برفقة المقاومة الفلسطينية على جبهتي القتال في مصر وسوريا، حرب استنزاف للعدو الصهيوني مكبدين إياه خسائر كبيرة في صفوف جنوده وآلياته العسكرية، جاراً ذيول هزيمته ودافعاً ثمن احتلاله غالياً.
إن حرب أكتوبر المجيدة، لم تكن حرباً عادية، بل شكلت فصلاً تاريخياً من الفصول الخالدة في المسار الوطني النضالي العربي والفلسطيني ضد دولة الاحتلال والفاشية الصهيونية، يوم التحمت فيه الجيوش العربية مع المقاومة الفلسطينية في معركة التحرير للأرض العربية، والذي أكدت الوقائع أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وأن التطبيع المجاني مع الاحتلال والانزلاقات والتورط في مفاوضات فاسدة ومختلة لصالح دولة الاحتلال، ما هو إلا لعب بالنار ولن يؤذي سوى مضرميها وحقوق شعبنا ومصالحه الوطنية.
وحسب مراقبين، فإن حرب أكتوبر المجيدة، التي بدأت في السادس من أكتوبر عام 1973 بهجوم مفاجئ من قبل الجيشين المصري والسوري وباسناد من المقاومة الفلسطينية على الجبهتين المصرية والسورية، بهجوم على القوات الإسرائيلية الغازية التي كانت مرابطة في مدينة سيناء المصرية وفي هضبة الجولان السورية، بعمق 20 كيلو متراً شرق قناة السويس وفي عمق هضبة الجولان السوري.
وتعود الذاكرة أن الولايات المتحدة الأميركية أقامت جسراً جوياً غير مسبوق في تاريخها لنقل أسلحة متطورة إلى دولة الاحتلال، ومراقبة انتشار دفاعات صواريخ «أرض جو» المصرية ونقاط الضعف في المسافة بين الجيشين الثاني والثالث عبر الأقمار الاصطناعية الأميركية، بينما كان القتال مستمراً لتجنب ما وصفه وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر بالكارثة.
إن طبيعة العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة تتطلب من القيادة الفلسطينية اخذ العبر والدروس، بمغادرة الرهان الفاشل واسقاط كل البدائل الفاسدة التي ترعاها الولايات المتحدة منفردةً، بما في ذلك الرهان على التطبيع العربي – الإسرائيلي في إحياء اتفاق أوسلو وبانتظار ما يسمى «حل الدولتين» والتي تعترف الدوائر الدولية أنه لا شيء في الأفق بهذا الحل سواءً على المدى المتوسط أو على المدى البعيد.
في ذكرى البطولة، لا يسعنا إلا أن نؤكد أن دماء شهداء حرب أكتوبر المجيدة، مصريين وسوريين وفلسطينيين وعرباً ستبقى أمانة في أعناق شعبنا الفلسطيني ومقاومته الباسلة إلى أن تتغلب إرادة المقاومة وصمودها البطولي في الميدان الفلسطيني وميادين النضال العربي على المشروع الصهيوني ونظام الفصل العنصري الإسرائيلي، وانتزاع كل شبر من أرضنا الفلسطينية والعربية المحتلة وتحقيق أهداف شعبنا في الدولة والعودة وتقرير المصير.
وفي هذه الذكرى الخالدة في عقول الشعوب العربية والشعب الفلسطيني، وهذا الانتصار الكبير على دولة الاحتلال المدججة بشتى أنواع الاسلحة الأميركية.
وختاماً، أمام صفقات التطبيع بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل بدعم ورعاية أميركية والتي تشكل خطراً على قضيتنا الوطنية ومصير شعبنا وحقوقه في الوطن والشتات، في الوقت الذي يواصل نتنياهو تأكيد مواقفه الدعائية لشعبنا وشطب وجوده من خارطة المنطقة، فيما لا يكف أركان حكومته عن دعواتهم الفاشية بمحو القرى الفلسطينية ولا سيما بلدة حوارة، ودعوة بن غفير للاعتداء على الأسرى واقتحام المسجد الأقصى والاعتداء على مسيحيي القدس، الأمر الذي يتطلب منا جميعاً الارتقاء لمستوى الحدث بالعمل على بناء استراتيجية وطنية جامعة تعزز وحدة شعبنا في الميدان والارتقاء إلى مستوى من المسؤولية الوطنية الجامعة في صون حقوقنا وقضيتنا ومصير شعبنا، والتصدي لصفقة «بايدن نتنياهو» الفاشية.