كنز غزة المدفون .. مفتاح للحرب أم للسلام ؟؟
غزة – المواطن
على رغم الجدل القائم حول فُرصة حصول فلسطين على حقوقها من ثروة النفط والغاز الطبيعي في الضفة الغربية وقبالة قطاع غزة، فإن ما هو مطروح من فرضيّات اقتصادية بشأن العائدات المادّية لهذه الثروة، يبدو جديراً بأن يسخَّن الميدان لأجله.
مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) في تقرير له قال إن علماء جيولوجيون واقتصاديون في مجال الموارد الطبيعية أكدوا أن الأرض الفلسطينية المحتلة تقع فوق خزانات كبيرة من ثروة النفط والغاز الطبيعي، في الضفة الغربية المحتلة وقبالة قطاع غزة.
وتقدر خسائر الفلسطينيين من عدم الاستفادة من الموارد بسبب الاحتلال بالمليارات بحسب التقرير.
وهو ما يلفت الأنظار حول إمكانية أن تكون تلك إحدى أسباب دعم الغرب والولايات المتحدة للاحتلال الإسرائيلي خاصة في حرب الإباداة التي تمارسها ضد قطاع غزة وسكانه.
وقال التقرير أن الاحتلال لا يزال يمنع الفلسطينيين من تطوير حقول الطاقة لديهم لاستغلالها والاستفادة منها.
وعلى هذا النحو، فقد حُرم الشعب الفلسطيني من فوائد استخدام هذا المورد الطبيعي لتمويل التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتلبية احتياجاته من الطاقة حيث تقدر الخسائر المتراكمة بمليارات الدولارات.
وأضاف التقرير أنه كلما طال أمد منع إسرائيل للفلسطينيين من استغلال احتياطياتهم من النفط والغاز الطبيعي، كلما زادت تكاليف الفرصة البديلة وتزايدت تكاليف الاحتلال الإجمالية التي يتحملها الفلسطينيون.
وحدد التقرير احتياطيات النفط والغاز الطبيعي الفلسطينية الحالية والمحتملة التي يمكن استغلالها لصالح الشعب الفلسطيني، والتي تمنعهم إسرائيل من استغلالها أو تستغلها دون مراعاة القانون الدولي.
وقال أن الخسارة الاقتصادية للشعب الفلسطيني نتيجة حرمانه من حقه الطبيعي في تطوير واستغلال موارده الطبيعية يتجاوز موارد النفط والغاز الطبيعي.
ومع ذلك ركزت الدراسة على هذين المصدرين، في ضوء قيمتهما العالية وأهميتهما الحاسمة في تلبية الاحتياجات الفلسطينية الأساسية من الطاقة وعائدات التصدير.
وأضاف التقرير أن من الأمور الحاسمة أيضًا اكتشافات النفط والغاز الطبيعي الجديدة في شرق البحر الأبيض المتوسط والتي بدأت إسرائيل في استغلالها لمصلحتها الخاصة وينبغي أن يخضع استخدام هذه الموارد والاستفادة منها لنفس القواعد والمعايير التي تنطبق على الموارد “المشتركة “الأخرى.
وبحسب المصادر، فيعد حقل “غزة مارين”، الواقع على بعد نحو 30 كيلومترًا من ساحل غزة بين حقلي الغاز العملاقين “لوثيان” و”ظهر”، من حقول الطاقة الهامة في منطقة شرق المتوسط، فهو يحتوي علي أكثر من تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي.
وختم التقرير بأن استغلال الموارد الطبيعية الفلسطينية، بما في ذلك النفط والغاز الطبيعي، من قبل السلطة القائمة بالاحتلال يفرض تكاليف باهظة على الشعب الفلسطيني، وهي تكاليف مستمرة في التصاعد مع استمرار الاحتلال.
وهذا لا يتعارض مع القانون الدولي فحسب، بل ينتهك أيضًا العدالة الطبيعية والقانون الأخلاقي. حتى الآن، تراكمت التكاليف الحقيقية وتكاليف الفرصة البديلة للاحتلال حصراً في مجال النفط والغاز الطبيعي إلى عشرات، إن لم يكن مئات، مليارات الدولارات.
فرضيات اقتصادية
وفقاً للخبير الاقتصادي، أحمد أبو قمر، فإن ما تمّ اكتشافه من احتياطات في بحر غزة، تَجاوز 1.3 تريليون قدم مكعّب، بحجم استثمارات تفوق 6 مليارات دولار، مع الإشارة إلى أن التنقيب والاستثمار سيُظهران كمّيات أكبر في ما لو تمّا.
وتلك الكمّية قدّرها المسح الجيولوجي الأوّلي، الذي اكتُشف فيه حقلا «غزة مارين 1 و2»، علماً أن الأوّل يَبعد عن شواطئ القطاع 26 كيلومتراً، بعمق لا يتجاوز الـ600 متر تحت مستوى سطح البحر، ويضمّ 8 حقول متجاورة تقريباً، تُقدَّر كمّية الغاز المتوفّرة في ما هو مكتَشف منها بحوالي 12 تريليون متر مكعّب، توجد على عمق مغرٍ لعمليات الاستخراج، بالنظر إلى أن التكلفة المادّية للعملية محدودة.
ويضيف أبو قمر، أن «الواردات الأوّلية التي تُقدَّر بـ6 مليارات دولار، تكفي لتسديد ديون السلطة الفلسطينية كاملةً، البالغة قيمتها 6.5 مليارات دولار، اقترضتْها من صندوق الاستثمار وعدد من البنوك المحلّية والمؤسّسات الدولية، وستظلّ تتحمّلها الأجيال المتعاقبة، إذ ستُدفع عاجلاً أو آجلاً من حصّة الفرد من الموازنة العامة».
حين يتمّ الحديث عن حاجات غزة والضفة الغربية من الغاز الطبيعي السنوية، فإن النسبة لا تتجاوز 3% من الاحتياطات المكتشَفة حالياً (10 آلاف طنّ سنوياً). إلّا أنه بحسب «شركة توزيع كهرباء غزة»، فإن حاجات القطاع من الكهرباء قفزت خلال السنوات الماضية إلى 600 ميغاوات، بينما وصلت في ذروة فصلَي الشتاء والصيف إلى 670 ميغاوات، لكن ما تتسلّمه الشركة من مصادرها الأساسية، يصل في أحسن الظروف إلى 200 ميغاوات.
ومن هنا، يتحدّث أبو قمر عن «حلّ كامل لأزمة الكهرباء، والحاجات المنزلية، وحتى استهلاك السيارات التي تعمل بالغاز»، فيما لناحية العائدات غير المباشرة، يمكن القول إن الانتفاع من الحقول القريبة من القطاع فقط ولو بشكل جزئي، عبر تخصيص نسبة من العائدات للإنفاق، من شأنه أن ينقل غزة من استجداء المِنح والمساعدات، إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي مالياً، بل وتحقيق فائض سينعكس على قطاع تنمية البنى التحتية.
بدوره، يعرب الخبير الاقتصادي، محمد أبو جياب، عن اعتقاده بأن «كنوز غزة من الغاز تتكفّل، إذا ما تمّ استخراجها، بقلْب الواقع الاقتصادي للسكّان، على صعيدٍ أبعد من متطلّبات الحاضر وأزماته التي لا تقارَن بحجم الواردات المتوقّعة»، مستدرِكاً بأن «استثماراً كهذا بحاجة إلى استعادة الوحدة الوطنية، كي ينتظم القرار الفلسطيني وفق استراتيجية موحَّدة لاستغلال تلك الموارد، ومن دون ذلك، ستنهب إسرائيل الغاز، بينما تُلهينا بفتات المساعدات الدولية وتصاريح العمل». كما أن ما هو مأمول، مرهون بقبول شركات التنقيب الدولية العمل في بيئة يحيط بها التهديد؛ إذ يستبعد مراقبون أن تسمح إسرائيل بتقديم امتياز كهذا لا للسلطة الفلسطينية ولا لـ«حماس»، بالنظر إلى أن ذلك من شأنه إجهاض التحكُّم الإسرائيلي بالاقتصاد الفلسطيني برمّته، وبالتالي إحراق إحدى أبرز أوراق الاحتلال الرابحة.
ختاما: ونحن نقترب من الذكرى السنوية الأولى للسابع من أكتوبر، وعلى أعتاب عامٍ من حرب الإبادة الجماعية المستمرّة على قطاع غزّة، وتمتدّ أذرعها إلى الضفة الغربية أيضاً، يبدو مهمّاً الالتفات إلى ما تبلور في الشهور الماضية من حقائق صارت مؤكّدة يبقى السؤال .د هل كنز غزة الأسود أشعل الصراع أم يكون جزءا من الحل؟..