أقلام

قضاء ” خمس نجوم”

الكاتب: المحامي آدم الهريني
لا يخفى على عظيم فهم المواطن بأنه ” بقرة حَّلوب ” في نَّظر حكومته يَّستدرون ما استطاعوا من لَّبنها ثم يذبحونها عندما يَّنضَّب ..
إلا أنه أُصيب بالبَّلادة واستسلم لتلك النظرة المشؤومة نتيجة الإنتهاك المستمر لحقوقه الدستورية المَّصونة بموجب القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003 وعجزه عن الدفاع عن تلك الحقوق قضائياً في ظل إجتماع السلطات الثلاث تحت إمرةَّ سُلطةٍ واحدة فيها الخِصام وهي الخصمُ والحكمُ ..
عَّجزُ المواطن عن إنتزاع حقوقه الدستورية في ظل إختزال السُلطات الثلاث بسلطة واحدة قد أتاح الفرصة أمام المتنفذين بإصدار قرار يتضمن تعديل جدول رسوم المحاكم النظامية بما يحول دون تمكين أصحاب الدخل المحدود من اللجوء إلى القضاء وإتاحة هذه الفرصة أمام الطبقة المُخملية فقط الأمر الذي يشكل إخلالاً بمبدأ مجانية القضاء وتعزيزاً لشريعة الغاب ..
إن ثَّني المواطن عن اللجوء إلى قاضيه الطبيعي عَّبر فَّرض رسوم مهولة لا تتناسب مع دخله بمثابة رُخصة تقدم على طبق من ذهب للمواطن من أجل إستيفاء حقه بالذات حيثُ بلغ رسم إحدى الدعاوى المسجلة حديثاً خمسة عشر ألف وأربعمائة وثمانون (15480) شيقل علماً بأن رسمها قديما لم يتجاوز الألفان وخمسمائة (2500) شيقل ..
المَّشهد ليس غريباً على حكومة غير ريادية تتبع أسلوب النَّمطية في إدارة أزماتها وتسديد إلتزاماتها عَّبر الطواف حول جيب المواطن واستنزاف آخر ما تبقى من قوت يومه إلا أن الغريب هو عدم إدراك الحكومة البَّليدة ولغاية هذه اللحظة بأن المواطن هو مرآتها وأن ضعفه يُعبر عن ضعفها والعكس لا يمكن أن يكون صحيح إلا بوجود حكومة قادرة على استبدال جيب المواطن بجيب كبار موظفي الدولة وترشيد النفقات وفق منهج موضوعي بَّناء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى