أقلام

في يوم المرأة العالمي .. المرأة الفلسطينية شموخ وتحدي!

د. سائدة البنا

فيما تحتفل نساء العالم في الثامن من آذار بيوم المرأة العالمي تقف المرأة الفلسطينية في السجون الصهيونية وفي الشتات وكل أماكن اللجوء الفلسطيني تحيي هذه المناسبة على طريقتها الخاصة .

فأم الشهيد تستحضر يوم استشهاد ابنها فلذة كبدها ، وقد يكون في نفس يوم المرأة العالمي، وقد تحدت أم الشهيد ألمها وحزنها، وشاركت المشيعين وهم يزفون ابنها شهيدًا ورفاق دربه من الشباب الثائرون يرددون “يا أم الشهيد نيالك.. ياريت إمي بدالك” كلمات وقعها نار تحرق قلبها فتزيدها قوة وعنفوانا فتلقي نظرة وداعٍ على كفنه وتضع النعش على كتفها وتمضي متماسكة يسندها صبرها لتزفه عريسًا والدموعِ بعينيها تحفر على وجنتيها سطورا لقصة حزنها التي ستلازمها مدى الحياة. إنها لوحة لصورة مشرفة ترسمها أم الشهيد في فلسطين وهي تقدم قطعة من قلبها وفلذة كبدها لأجل الوطن لأجل فلسطين . الأم الفلسطينية تصبر وتتحمل ليعيش أبناء الشعب الفلسطيني بحرية .ولا تزال أمهات شهداء فلسطين تقدم بطولات وصورا من الثبات والصمود تنحني لها الهامات فخرا وحبا واعتزازا.

في يوم المرأة العالمي لم يتحرك هذا العالم الظالم الذي يدعي نصرة المرأة وأنه جعل هذا اليوم ليذكر العالم بحقوق المرأة وقد تناسى ان المرأة في فلسطين تقتل كل يوم وكل لحظة لوعة وشوقا إلى أبنائها المعتقلين في سجون الاحتلال، فنحن أمام احتلال تنصل من كل ما هو إنساني وأخلاقي وقانوني وحقوقي، في ظل غياب ردع عربي وإسلامي وعالمي. وقد قام الاحتلال الإسرائيلي ولايزال بتغييب آلاف الأسرى والأسيرات في سجون المحتل الصهيوني المجرم الذي يمارس عليهم شتى ألوان القمع والتعذيب.

وبلغ عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال حتّى نهاية شهر كانون الثاني 2022 نحو (4500) أسيراً، من بينهم (34) أسيرة.

وفي اليوم العالمي للمرأة جدير بنا ان نحتفل بصمود أخوات ماجدات غيبهن ظلم السجن والسجان خلف قضبان المحتل المجرم، فمنهن الأمهات والزوجات والحوامل والمريضات والشابات والطالبات والقاصرات والنساء كبار السن ، حيث يتم تعذيبهن وتنتهك خصوصيتهن على مدار الساعة من اقتحامات ليلية وتفتيش وحرمان من الزيارات وعدم وجود طبيبة مختصة لمتابعة أمورهن الصحية والطبية، والأصعب من كل هذا ألم البعد والفراق عن أبنائهن .

وقد خاضت الأسيرة الفلسطينية مع إخوانها الأسرى بطولات عظيمة من المواجهة مع السجان، فكان لها مشاركة في معركة الأمعاء الخاوية والإضراب عن الطعام طلباً للحرية والذود عن كرامتها.

وبرغم كل الألم والمعاناة التي تعيشها المرأة الفلسطينية في ظروف الاحتلال القاسية وظروف الحصار الظالم على المرأة في قطاع غزة إلا أنها تقف جنبا إلى جنب مع الرجال في كافة الميادين. وتشارك الرجل في النضال والبناء، وتحقيق أهداف الشعب في العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس. المرأة الفلسطينية لا زالت تواصل كفاحها من أجل حقها العادل في المشاركة في عملية البناء والتنمية للوصول الى المواقع الريادية والقيادية في المجتمع رغم كل التحديات التي تطال حقها وتقوض أسس الحياة الاقتصادية والاجتماعية خاصة في قطاع غزة . فصمدت على أرضها في مواجهة الاستيطان، وتعرضت للقمع والتعذيب، وسقطت شهيدة وجريحة في ميادين النضال، منذ بداية مسيرة الكفاح الوطني الفلسطيني الرافضة للاحتلال.

برغم كل انجازات المرأة الفلسطينية المشرفة إلا أنها تتغيب حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية عند العالم الحقوقي المزيف الذي يتغنى بحقوق المرأة ، إلا المرأة الفلسطينية فيتفنن في دعم الاحتلال الصهيوني لقتلها وتعذيبها وتدمير بيتها على رؤوس افراد اسرتها .

إن المرأة الفلسطينية في اليوم العالمي للمرأة أحوج ما تكون الى صوت المرأة الحرة في كل العالم الرافض للظلم والاضطهاد والتمييز، والوقوف معها في وجه الاحتلال الصهيوني والإرهاب والظلم، فوحدة وصلابة موقف المرأة في كل العالم إزاء الظلم والقهر الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني على يد الاحتلال الإسرائيلي، إنما يستدعي وقفة جادة من قبل كافة القوى والمؤسسات النسوية في العالم لتقول موقفها بوضوح أن كفى للعدوان الاسرائيلي من قتل وتدمير وسلب إرادة وحرية وكرامة المرأة الفلسطينية. حق النساء والفتيات الفلسطينيات في العيش بأمان وسلام كغيرهنّ من نساء العالم، والتمتع بالحقوق التي كفلتها لهنّ المرجعيات الوطنية والدولية، وأهمها حق تقرير المصير وحق العودة والاستقلال، والتمتع بالحماية القانونية اللازمة من انتهاكات الاحتلال الاسرائيلي الممنهجة ، وذلك من خلال مساءلة الاحتلال عن انتهاكاته للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان من أجل وضع حدّ للإفلات من العقاب، وضمان إقامة العدل، والردع عن ارتكاب المزيد من الانتهاكات والجرائم بحق النساء والفتيات الفلسطينيات.

كل التحية لك أيتها المرأة الفلسطينية العظيمة التي جسّدت أروع آيات النضال والتضحية حُباً للوطن وحريته، فأنت اليوم وعلى مر التاريخ سيدة نساء الأرض وفي يوم المرأة العالمي شموخ وتحدي!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى