سباق عالميّ لإنتاج مكيّفات هواء أقلّ تلويثًا للبيئة واستخدامًا للطاقة
وكالات- المواطن
يتسابق العلماء في ظلّ مواجهة الاحترار المناخيّ، إلى جعل أجهزة المكيّفات أقلّ استهلاكًا للكهرباء، بالإضافة إلى محاولات إيجاد بدائل عمليّة للاستغناء عن غازات التبريد الضارّة بالبيئة.
ويجري العمل على إدخال تحسينات تقنيّة كثيرة إلى المكيّفات، خصوصًا لناحية تكنولوجيا “العاكس” (“إنفرتر”) الّتي تتيح تعديل سرعة محرّك المكيّف، وقد ساهمت أصلًا في تخفيض متوسّط استهلاك الكهرباء لمكيّفات الهواء بمقدار النصف منذ العام 1990، بحسب وزارة الطاقة الأميركيّة.
وعلى مدى عقود، كانت مكيّفات الهواء تستخدم بشكل حصريّ تقريبًا غازات الكلوروفلوروكربون أو الهيدروكلوروفلوروكربون الّتي تؤثّر على مسألة الاحترار العالميّ اكثر بعشرة آلاف مرّة من ثاني أكسيد الكربون.
وحظر هذان الغازان بموجب بروتوكول مونتريال (1987) الّذي خضع لتعديل عام 2016 في ما يتعلّق بمركبات الكربون الهيدروفلوريّة (HFCs) الّتي خلّفت الغازين المذكورين، ويفترض أن تحظر بصورة نهائيّة بحلول عام 2050.
ومن بين الميزات الجديدة الأخرى الّتي يجري العمل عليها، ما يسمّى بنظام التهوية عند الطلب الّذي يستخدم أجهزة استشعار لتحديد عدد الأشخاص في المبنى وضبط تدفّقات الهواء استنادًا إلى ذلك.
يتمثّل التحدّي الثاني للقطاع في إيجاد بدائل لغازات التبريد الّتي لا تزال معظم مكيّفات الهواء المقدّر عددها بنحو ملياري مكيّف في العالم بحسب وكالة الطاقة الدوليّة، مجهّزة بها. ومع أنّ هذه الغازات موجودة داخل الأجهزة، لكن يمكن أن تتسرّب في حال كان مكيّف الهواء مكسورًا.
وبدأت المواقع الصناعيّة تعتمد غازات أخرى كالأمونيا الّذي لا يؤثّر على الاحترار المناخيّ، والهيدروكربونات وتحديدًا البروبان الّذي يتسبّب بانبعاثات أقلّ من تلك الناجمة عن غاز الميثان.
ويقول أنكيت كالانكي من معهد روكي ماونتن “بدأ في بعض البلدان استخدام البروبان” في مكيّفات الهواء الفرديّة.
لكن بما أنّ هذا الغاز قابل للاشتعال على عكس مركّبات الكربون الهيدروفلوريّة، إنّ الكمّيّات الصالحة للاستخدام محدودة بموجب القوانين فيما ينبغي اتّخاذ تدابير سلامة إضافيّة.
لذلك، “لا يزال استخدامه محدودًا جدًّا لأنّ هذا المستوى من التطوّر يرفع من سعر المكيّف”، على قول كالانكي.
ويضيف المهندس أنّ “سوق مكيّفات الهواء المستخدمة في المنازل تميل إلى البحث عن الأسعار الأقلّ أوّلًا ثمّ الكفاءة”.
من جهة ثانية، تعمل شركة “باسكال” الصغيرة الّتي تمّ إنشاؤها هذا العام في كامبريدج (ماساتشوستس)، على ابتكار آليّة تركّز على موادّ تبريد لا تخرج مطلقًا من الأجهزة، ما يحدّ تاليًا من أيّ انبعاثات.
تعمل شركات أخرى على ابتكار مكيّفات هواء تعمل من دون ضغط، وهي تقنيّة تستهلك كمّيّات كبيرة من الطاقة ولم تطلها تغييرات كثيرة منذ اختراعها سنة 1902.
وتتمثّل هذه التقنيّة في جعل الضغط على مادّة التبريد متفاوتًا في حلقة مغلقة، ممّا يتيح للمكيّف سحب الهواء الساخن من الغرفة.
وابتكر باحثون من جامعة سنغافورة الوطنيّة وفريق من معهد “ويس” التابع لجامعة هارفارد في الولايات المتّحدة مكيّفات تستخدم الماء لتبريد الهواء.
وتستخدم شركة “بلو فرونتير” الناشئة الّتي استثمر فيها بيل غايتس، محلولًا ملحيًّا يلتقط رطوبة الهواء ثمّ يبرّده مرّة أخرى عن طريق ملامسته للماء.
ويتيح هذا الحلّ أيضًا إمكانيّة تخزين الطاقة الّتي يمكن استخدامها في أيّ وقت، “لذا لا داع للقلق في شأن الإتاحة” المحدودة للكهرباء في فترات الاستهلاك الكبير، بحسب المدير العامّ لشركة “بلو فرونتير” دانيال بيتس.
لكنّ هذه التقنيّات مكلّفة، ومن أجل “إزالة العبء الماليّ” المرتبط بالاستثمار في هذه المكيّفات، تأمل الشركة أن توفّر اعتبارًا من العام 2025 “خدمة عبر الاشتراك” لأصحاب المباني التجاريّة الّذين غالبًا ما “لا يرون هدفًا من امتلاك أجهزة أكثر كفاءة” وأغلى ثمنًا، ويعتبرون أنّ ذلك “مجرّد تسويق”، على قول بيتس.
ومن الناحية التكنولوجيّة، تتمثّل المشكلة الثالثة الّتي يتسبّب بها تكييف الهواء على البيئة، في تصريف الهواء الساخن من المباني والّتي لا يحلّها التبريد المائيّ.
ومن بين الخيارات القليلة الموجودة، تتجنّب أنظمة الطاقة الحراريّة الجوفيّة تسخين الهواء الخارجيّ بفضل شبكة من الأنابيب المثبّتة تحت الأرض.