رسالة أم من غزة إلى طفلها في عيد ميلاده الأول

غزة – المواطن

كتبت نور وائل من سكان قطاع غزة رسالة إلى طفلها “عمر” في عيد ميلاده الأول، والذي يأتي في ظل استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع منذ ما يقرب العام.

وجاء في الرسالة التي نشرتها عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك:

إلى “عمر الفاروق” في عامِه الأوّل:
مرحبًا طفلي الجميل وصديقي المُفضّل، كلُّ عامٍ وأنتَ الخير، لا أعرف كيف لي أن أصنعَ لكَ فرحًا في هذا اليوم بعد مرور العام الأوّل لميلادك؟! . العامُ الأوّل الذي كنتُ أحلمُ وأبوكَ أن نجعلَه عامَ الفرح والطّمأنينة لكَ ولألعابِك الكثيرة والمُبهجة، العامُ الأوّل الذي كنّا نحلمُ أن نصنعَ لكَ به الكعكةَ الأولى لحياتِك، أن نُعلّق البالون الأوّل وسط غرفتِك البيضاء، أن نرسُمَ حُلمك على ورقة، العامُ الأوّل الذي كنا نحلمُ أن نلبِسك فيه ما رقّ وزان من الثّياب، أن نلتقط لك صورة الفرح على سريرك الأبيض ووسادَتِك الصّغيرة، العامُ الأوّل الذي سيجمعُ لكَ به الجميعُ ما تشاء من السّعادة، العامُ الأوّل الذي كنّا نحلمُ فيه أن نراك تزحف على قدميك نحوَنا وتقول كما نُحبُّ أن نسمعَ دائمًا: “بابابابابا، ماماماماما، يمممّ، تتّي، تااااتّو…” أنغامُك الموسيقيّة الأولى والجُمل الشّهيرة لفمِك المدوّر الصّغير، وقلبِك الأبيض الذي يتّسع لكلّ هذا الوجود، كم كنّا نحلمُ أن يدّفئَنا حضُنك وسطنا وأنتَ تقول: “أنانّانانا هنّيييي” … أنتَ الذي منحتَ لهذه الحياة معنى حيث أنتَ معنا، أنتَ الذي منحتَنا دِفءَ الأبوّة وعافيةَ الإحسان وراحَةَ المودّة وخاتمةَ الرّحمة، أنتَ الذي جمعتَ كلَّ الخير بيْنَنا وكلَّ السّلام. طفلي الذي أُحبّ، أنا آسفة على هذا اليوم، فالحربُ أكلت قلوبَنا ومزّقت خواطِرَنا وحطّمت أجسادَنا ونسفت أحلامَنا، أنا آسفة لجعلِك وسط هذا الرّكام وتحتَ تلك القنابل وفوقَ هذه الدّماء، أنا آسفة لتحمّلِك عناءَ النّزوح لأكثر من مرّة، أنا آسفة لقوائمِ المُستشفيات ورائحةِ الموت والمنطقة اللّآمنة وصوت الصّواريخ وأزيز الطّائرات ووحشيّة المدافع وقنابل الغاز والرصاص، وانكسار الليالي وبُكاء الصّباحات وقلق النّهاية وكارثة أكتوبر، أنا آسفة لعدم إطعامِك كلّ أنواع الفاكِهة واللّبن -لعدم توفّرهما- أنا آسفة هذا اليوم الذي لم ولن أقدرَ على جعله يومًا لضحكتِك الواسعة ووجهِك الحنطيّ وشعرِك الخرّوبي وعيْنيْكَ اللّوزيتيْن وغمّازتِك الأنيقة، ولصوتِك القادم من أعلى غيمةٍ في السّماء … أنا آسفة على كلّ شيء.
أنا أحبُّكَ فقط. عامٌ من الحُبّ والسّلام أتمنّاه لك.

والدتُك.
15 Sep. 2024.