حكاية الأسواق في شمال غزة: بين الوفرة والفقر – كتبت حنين أكرم
بقلم حنين أكرم
في أسواق شمال غزة، تتناثر الخضروات والفواكه المستوردة على الطاولات، كأنها لوحة فنية ملونة، لكنها لوحة فارغة من الأمل. الأسواق مليئة بالسلع، لكنها فارغة من المشترين. فهنا، حيث الوفرة، يغيب المال، ويقف الجميع متفرجين على معركة يومية للبقاء.
رغم أن الأسواق تعج بالخضار والفواكه، إلا أن رائحة الفقر أكثر وضوحًا. العيون التي كانت تلمع بالأمل في الماضي، أصبحت اليوم مليئة بالقلق. أسئلة في الهواء لا تجد إجابة: “كيف يمكننا شراء كل هذا ونحن لا نملك ما يكفي؟”
“الأشياء أمامنا، ولكننا عاجزون”
تحدثت مع أحد الباعة في السوق، وكان واضحًا عليه الحزن: “الناس بحاجة لكل شيء هنا، لكنهم لا يملكون ثمنه. أنا أقف هنا كل يوم، ولكنني بالكاد أستطيع تأمين قوت عائلتي.”
شاهدت عائلة فقيرة تتجول بين الرفوف، يتأملون البضائع دون أن يقتربوا منها. شاهدت طفلة صغيرة بجانب والدها، تلتقط التفاحة من على الطاولة وتنظر إليها بشغف. سألته بصوت خفيض: “بابا، هل يمكننا أخذ واحدة؟” فأجابها بصوت مكسور: “إن شاء الله، قريبًا.” لكنني شعرت أن الإجابة كانت محاولة لتهدئة قلبها الجائع.
معاناة أكبر من الجوع
الوضع في غزة ليس مجرد نقص في الطعام، بل هو نقص في كل شيء: الرواتب المفقودة، الفرص التي لا تأتي، والظروف التي تزداد قسوة مع كل يوم. حتى أولئك الذين كانوا يستطيعون تأمين حاجاتهم الأساسية، أصبحوا اليوم عاجزين عن شراء أبسط الأشياء.
نداء إلى العالم
أنا،حنين أكرم أكتب هذه الكلمات من قلب المعاناة. نحن هنا لا نطلب الكثير، فقط أن نجد فرصة للعيش بكرامة. كيف يمكننا العيش بينما كل شيء حولنا يبدو متاحًا، لكننا لا نستطيع الوصول إليه؟
إلى كل من يقرأ هذه الكلمات: لا تتوقفوا عند القصص، بل تذكروا أن هذا الواقع هو واقع ملايين البشر. إذا استمر الحال على ما هو عليه، فسيبقى هذا الجوع وهذه المعاناة وصمة عار على جبين العالم.
من غزة، من أسواقها التي تفيض بالسلع ولا تفيض بالأمل، أرسل صرخة: ساعدونا. ساعدونا بأكثر من كلمات، ساعدونا بفعل يعيد لنا شيئًا من كرامتنا.