الفلسطينيون وضرورة ضبط النفس أثناء الهدنة
أمينة خليفة
في الوقت الذي يحتفل فيه أهالي الأسرى الفلسطينيين، بقرب إطلاق سراح أبنائهم وذويهم، قرر الاحتلال الإسرائيلي تعكير صفو هذه الأجواء السعيدة خاصة في القدس الشرقية، حيث ردت الشرطة الإسرائيلية بقسوة على هذه الاحتفالات، وأجبرت الأهالي على تجنب التجمعات الجماهيرية.
ويبدو أن إسرائيل تصر على كسر الفرحة أو قتلها، واغتيال كل ما يدخل لحظة بهجة عابرة على قلوب الفلسطينيين، وكأنها تقول لا فرحة على أرض فلسطين، خاصة مع استمرار شرطة الاحتلال في حملات المداهمات والاعتقالات في القدس المحتلة، والتي كان آخرها اقتحام منزل المعتقلة الفلسطينية “زينة بربر” في بلدة رأس العامود وسط المدينة، كما منعت الاحتفالات بالأسرى الذين سيفرج عنهم في الأيام المقبلة، ضمن صفقة التبادل التي أبرمتها مع “حماس”.
ربما تعتبر سياسية الاحتلال هذه في منع الفرحة والاستمرار في اقتحام منازل الأسرى وحظر التجمع أو رفع رايات أو أي مظهر من مظاهر الاحتفال واستقبال المُفرج عنهم، جاءت تنفيذًا لأوامر الشرطة والجيش بمنع أي مظاهر استقبال أو احتفال بالمفرج عنهم في كافة أنحاء الضفة الغربية والقدس، وذلك تأكيدًا لسياسية اغتيال بهجة الفلسطينيين عن عمد.
وعلى الرغم من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، أجبر أهالي المفرج عنهم من القدس الشرقية على مطالبة الجمهور بتجنب الاحتفالات الجماهيرية بسببب تعنت الاحتلال، فقد يصل الأمر إلى رفض الإفراج عن ذويهم وزيادة أحزانهم.
وأكثر ما يزيد الأمور قسوة، هي تعليمات وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إلى الجيش الإسرائيلي بمنع الاحتفالات والمسيرات الجماهيرية الفلسطينية التي تُنظم بمناسبة إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، وجاءت هذه التعليمات بعد أيام قليلة من قيام الشرطة الإسرائيلية باقتحام منازل عائلات الأسرى في القدس المحتلة لمنعهم من الاحتفال بإطلاق سراح ذويهم.
وتحرص إسرائيل دائما على منع تكرار الاحتفالات والمسيرات الجماعية واغتيال الفرحة، فقبل الإفراج عن الدفعة الأولى للأسرى بيوم واحد، اقتحمت الشرطة الإسرائيلية منازل عائلات الأسرى الفلسطينيين في القدس المحتلة، كجزء من إجراءاتها لمنع الاحتفالات بتحرير الأسرى، لكن ذلك لم يمنع الفلسطينيين من الاحتفال بخروج أسراهم من المعتقلات الإسرائيلية والذين أطلقوا الألعاب النارية وهتفوا ابتهاجا بتحرير الأسرى حتى اصطدمت هذه الاحتفالات بقرارات الاحتلال الأخيرة.
ويبدو أن هذا الوضع والأجواء الصعبة ستظل سائدة مع اقتراب شهر رمضان الكريم، رغم تتطلع سكان القدس الشرقية إلى الإفراج عن أبنائهم وكذلك تحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، بأن يرفع الاحتلال يده عن اعتقال الفلطسينيين وكذلك التضييقات الاجتماعية والاقتصادية، لاستعادة الأمن من جديد وتحسين الأوضاع ككل.
وقد تكون الأيام القليلة المقبلة فرصة لتعزيز التماسك الروحي والاجتماعي، فعلى المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل حتى ترفع يدها عن الضفة والقدس وتوقف حملات الاعتقالات وإطلاق النار، وأن تسمح للأهالي بالعودة مجددًا لممارسة حياتهم الاجتماعية دون خوف أو تهديد أو اغتيال الفرحة.
وفي النهاية، ينبغي أن يعي الفلسطينيون أن الحفاظ على الهدوء ضروري لعدم تكرار حوادث أمنية قد تؤدي الى نتائج عكسية، لأن العديد من الشباب الفلسطيني قد يكون عرضة للإعتقال بحجة إثارة أعمال الشغب في حين أن الاحتلال لا يفرق بين الاحتفال والشغب.