«الحطاب طبق “الجريشة” يزين موائد رمضان في الأحياء الشعبية في مدينة غزة»
كتب شريف الهركلي
على مشارف حي الشجاعية شرق مدينة غزة في شارع الشوا قرب سوق الخضرة بعد صلاة العصر مباشرة وبعد غروب الشمس تشاهد تجمعاً كبيراً للمواطنين حول قدر كبير على منصب يحيطه الحطب المشتعل، وسط الدخان الأبيض حينما تدقق النظر تشاهد وليد الحطاب “أبو يوسف” الرجل الستيني من سكان الحي يطبخ “جريشة” أو “الفريكة”، وهي أكلة شعبية تراثية عشقها الغزيين الأغنياء قبل الفقراء فهي تزين موائدهم طوال شهر رمضان المبارك.عندما تدق الساعة الخامسة والنصف مساءً يقوم الحطاب بسكب الحساء للقادمين من كبار السن والنساء والشباب في جو يسوده الفرحة والسرور مع سيمفونية الدق على الأواني الفارغة وفرحة الأطفال.سنروي حكاية المواطن وليد الحطاب ” أبو يوسف ” والحب الذي يورث من الأجداد للأبناء، إنه عندما كان في سن الثانية عشرة كانت جدته الحاجة نزهه الحطاب تطهو “الجريشة” وترسله لتوزيعها أمام مسجد “القزمري” بعد صلاة عصر يوم الجمعة، حيث ظلت الفكرة عالقة في ذاكرته، وقبل عشر سنوات بدأ في طهي “الجريشة”، وتوزيعها على الناس الفقيرة والغنية رحمة ونوراً على روح زوجته “أم يوسف” التي كانت تحب شهر رمضان وتطهو الطعام وتوزعه على الجيران والأهل.
وايضاً على روح والديه وأموات المسلمين.”أكلة شعبية قديمة تراثية ” وبجهود ذاتية يقوم الحطاب بتجهيز البرغل وبعض المكونات الأخرى مثل الملح، الفلفل الأسود، الكمون، الحب هان، وبعض اللحم الضاني أو العجل لإعداد وجبة الجريشة ليقوم بتوزيعها بشكل مجاني يومياً على أهل الحي.وأكد الحطاب على الاستمرارية بهذا العمل طوال أيام شهر رمضان المبارك، هو وأبناؤه حتى بعد وفاته.
وقال الحطاب أنه يستفيد من “الجريشة” أكثر من 170عائلة بشكل يومي طيلة شهر رمضان، وأضاف بأنه لا يتلقى مساعدات خاصة من أي جهة رسمية أو مجتمعية.وقدم الشكر الجزيل إلى شباب الحي على مساعدتهم في تجهيز “الجريشة” مشهد في قمة الروعة بسمة الأطفال وهي تحيط بالقدر والنار والدخان مع كبار السن والنساء والشباب وتجمع كاميرات الصحافة المتنوعة التي تغطي هذا الحدث الإنساني الذي يؤكد قوة شعبنا الفلسطيني الذي يطلق رسالة الحب والتكافل الإجتماعي رغم سوء الأحوال الإقتصادية وظروف الإنقسام والحصار الفلسطيني.
هل يسمع القيادات “سيمفونية الدق على الأواني الفارغة؟ أم موسيقى تطربهم للحظات وبعد ذلك تمر مرور الكرام، وينشغلون في سلفنة الخرفان المشوية، وهنا يبقى طبق “الجريشة” سيد الموائد في شهر رمضان المبارك.
كل عام وأنتم بألف خير.
تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال