أزمة الوقود في غزة: مطالبات بالشفافية وتنظيم العلاقة مع المنظمات الدولية

تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال الوقود بمشتقاته إلى قطاع غزة، مما يهدد حياة أكثر من مليوني نسمة، بعد أن أدى النقص الحاد إلى توقف بعض المستشفيات والمراكز الصحية ومحطات تحلية المياه عن العمل.
ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر 2023، فرض الاحتلال قيودًا مشددة على دخول الوقود، مما أدى إلى تفاقم الأزمات الإنسانية، بحسب تقارير صادرة عن منظمات ومؤسسات دولية.
وأوضح مختصون اقتصاديون أن الوقود الذي يتم إدخاله عبر المؤسسات الدولية يهدف إلى استمرار العمل الإنساني في القطاع، مؤكدين أن الكميات المحدودة التي تسمح سلطات الاحتلال بإدخالها لا تلبي الاحتياجات اليومية، حيث يقدر احتياج القطاع بنحو 500 شاحنة يوميًا.
ويُستخدم الوقود حاليًا بشكل أساسي لتشغيل المستشفيات ومحطات تحلية المياه ونقل النفايات، إلا أن الكميات المتوفرة غير كافية لمواجهة التحديات المتزايدة.
وأكد الخبير الاقتصادي محمد أبو جياب أن الاحتلال يمنع إدخال مشتقات الوقود للقطاع الخاص، ويسمح فقط بكميات محدودة موجهة للمؤسسات الدولية كمنظمة الصحة العالمية. وأشار إلى أن آلية توزيع الوقود عبر شركات نقل تتلقى الوقود كأجرة، ساهمت في انتشار السوق السوداء، مما رفع تكاليف المواصلات والخدمات والبضائع وأدى إلى مزيد من معاناة السكان.
ودعا أبو جياب إلى ضرورة ضبط وجدولة العلاقة بين المنظمات الدولية والمؤسسات المحلية للحد من شبهات الفساد وتعظيم أرباح المتاجرين بالأزمات، مطالبًا بتفعيل مبادئ الشفافية والنزاهة في إدارة هذا الملف الحيوي.
من جهته، قال رئيس شبكة المنظمات الأهلية بغزة أمجد الشوا، إن الاحتلال الإسرائيلي عمد منذ بداية العدوان إلى وقف إدخال الوقود والمواد الأساسية للقطاع، مما فاقم الأزمة الإنسانية. وأضاف أن ما يدخل من وقود مخصص فقط للخدمات الإنسانية عبر البلديات والمستشفيات، ولا يلبي حجم الاحتياجات المتزايدة.
وأكد الشوا أن الاحتلال يتعمد تعميق الأزمة الإنسانية في غزة لمنع أي بوادر انتعاش اقتصادي، داعيًا إلى تحرك دولي جاد للضغط على إسرائيل من أجل إدخال كميات كافية من الوقود للقطاع الخاص أيضًا.
وفي السياق ذاته، أوضح إسماعيل الثوابتة، مدير المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، أن أزمة الوقود ناتجة عن الحصار الإسرائيلي المشدد والتحكم الدولي بعملية إدخاله وفق بروتوكولات خاصة، بعيدًا عن إدارة الحكومة المحلية. وطالب بآليات شفافة وعادلة لضمان توزيع الوقود وفق الاحتياجات الحقيقية لمختلف القطاعات الحيوية.
وشدد الثوابتة على ضرورة توسيع دائرة المستفيدين من الوقود ليشمل القطاعات الحكومية ومحطات تحلية المياه والنقل والمرافق الإنسانية، داعيًا لإنشاء آلية رقابة محلية بالتعاون مع المؤسسات الدولية لضمان التوزيع العادل.
بدوره، أشار الخبير الاقتصادي عمر شعبان إلى أن الاحتلال يستخدم الوقود والطعام والكهرباء كأسلحة حرب ضد المدنيين، وهو ما يعد انتهاكًا للقوانين الدولية. واتهم المؤسسات الدولية بعدم ممارسة ضغط كافٍ على الاحتلال لإدخال الوقود للقطاع، مطالبًا بجهود أكبر لحماية الحقوق الإنسانية لسكان غزة.
يُذكر أن معدي التقرير حاولوا التواصل مع متحدثين رسميين باسم المؤسسات الدولية المعنية بالملف، لكن دون الحصول على رد.
في هذا السياق، دعا “ائتلاف أمان” إلى إدارة ملف الوقود بشفافية مطلقة، مؤكدًا ضرورة إصدار تقارير دورية حول آلية العمل لضمان نزاهة التوزيع وتلبية احتياجات سكان القطاع المنكوب.