الطوفان السياسي في غزة: قراءة في مواقف حماس وتداعياتها
غزة – المواطن
في تحول لافت عن شعارها السابق بأن “اليوم التالي للحرب هو كاليوم السابق ولا حكومة إلا بحماس”، تبدو حركة حماس اليوم مستعدة لطرح فكرة حكومة جماعية أو مدنية في غزة. هذا التوجه يحمل أبعادًا سياسية عميقة تتطلب قراءة دقيقة لما وراء السطور.
دلالات الطرح الجديد
الاحتفاظ بالسلطة وتوزيع الأعباء
يشير هذا الطرح إلى رغبة حماس في البقاء كجهة فاعلة ومسيطرة على قطاع غزة، بينما تسعى لاستخدام منظمة التحرير كوسيلة للخروج من الأزمة الراهنة.
تحميل الآخرين مسؤولية إعادة الإعمار والإغاثة يعكس محاولة للتخفيف من تبعات الطوفان الذي أغرق القطاع.
السعي لحكومة تُقبل دوليًا يعكس رغبة في استعادة شرعية سياسية تآكلت على المستوى الإقليمي والدولي وحتى المحلي داخل غزة.
فهم متأخر للواقع السياسي
هذا الطرح يبدو خطوة متأخرة في إدراك التعقيدات السياسية والضغوط الدولية. ما تسعى حماس للمحافظة عليه اليوم قد تجد نفسها مجبرة على التخلي عنه لاحقًا، وهو مسار تكرر في محطات سابقة خلال العام الماضي.
إشكاليات الموقف الحالي
مكاسب الحكم دون أعبائه
مطالبة حماس بالاحتفاظ بالملفات الأمنية والضريبية بينما تتخلى عن مسؤوليات إعادة الإعمار والإغاثة يكشف تناقضًا في الطرح، إذ يبدو كفخٍ سياسي مكشوف يفتقد للواقعية.
التراجع عن الشعارات السابقة
خلال السنوات الماضية، رفعت حماس شروطًا للتفاوض مثل إنهاء الحصار وتبييض السجون، لكنها سرعان ما تراجعت عنها. يبقى المطلب الحقيقي الوحيد هو الاحتفاظ بالسلطة في غزة، حتى في ظل التحديات المتفاقمة.
الواقع العسكري والسياسي بعد 7 أكتوبر
الحرب الأخيرة أظهرت أن استمرار حكم حماس لغزة أصبح أكثر صعوبة، وأن الفعالية الميدانية المحدودة لم تستطع تحقيق ضغط كافٍ على الاحتلال.
غياب خطة واضحة أو قيادة متماسكة أدى إلى تفاقم معاناة الشعب الفلسطيني دون تحقيق مكاسب حقيقية.
تسليم غزة للاحتلال وفتح المجال أمام التهجير يشكلان أخطر تداعيات الحرب الحالية.
الدروس المستفادة: ضرورة التحرك السياسي المسؤول
التاريخ مليء بالنماذج القيادية التي واجهت أزمات مشابهة ونجحت في تحقيق مكاسب لشعوبها عبر تقديم تنازلات تكتيكية دون التفريط بالقضية الأساسية.
النبي محمد ﷺ في صلح الحديبية قدم نموذجًا ناجحًا لكيفية تجاوز الأزمات دون خسارة المشروع الكلي.
حماس بحاجة إلى تقديم حزمة تفاوضية واقعية تتضمن خطوات مثل تجميد العمليات وتسليم بعض الأسلحة التكتيكية، ما يمنح الاحتلال ذريعة لوقف العدوان ويخفف من معاناة الشعب.
المطلوب الآن: الأولوية للشعب وليس السلطة
في هذه المرحلة الحرجة، المطلوب من حماس وضع المصلحة الوطنية فوق أي اعتبارات أخرى.
وقف ما يمكن وصفه بـ”الحرب العبثية” التي تفتقد للقيادة والخطة والحلفاء.
اتخاذ خطوات تنقذ الشعب الفلسطيني من التهجير والدمار، وتحافظ على وحدة القضية دون التضحية بالمكتسبات الوطنية.
إن استمرار السياسات الحالية سيؤدي إلى مزيد من الخسائر على كافة المستويات، في حين أن التحرك الواعي والمسؤول يمكن أن يفتح أفقًا جديدًا للشعب الفلسطيني وقضيته.
#الله_غالب
#الأولية_للوطن