أقلام

آمال الغزيون.. أصبح الأمان والأمل حلماً!

كتب عبد الباري فياض:

تخطت الحرب على غزة عامها الأول، ومازال أهالي القطاع المشردون في مناطق الإيواء يحلمون بمستقبل أفضل يتسم بالهدوء والاستقرار والنمو الاقتصادي والتعليم وكافة مناحي الحياة مثلهم مثل أي شعب آخر، فهم يعيشون حياة مأساوية غاية في الصعوبة، وسبب الفشل المتكرر في التوصل إلى صفقة تبادل الأسرى حالة من التذمر والإحباط بينهم، ازدادت مع غياب مواقف دولية حازمة تلجم الاحتلال عن جرائم الإبادة المتواصلة بحق المدنيين العزل.

وبكل أسف تتعارض آمال أهالي غزة وتطلعاتهم بغد مشرق، بل وتتحطم على صخرة الاحتلال الذي مازال يواصل كل أعمال العنف ضدهم، فعلى الرغم من تصفية الحسابات مع حركة حماس والتي انتهت باغتيال الزعيم يحيي السنوار، إلا أنها تصر على محو كل ما هو فلسطيني على أرض فلسطين، والدليل على ذلك استمرار الحرب على غزة بذريعة تتبع ذيول حماس، إلا أن كل ذلك لا يدفع ثمنه إلا المدنيين الذين فقدوا ذويهم وهجروا بيوتهم وشردوا في رفح وغيرها من مناطق الإيواء دون تأمين طعام أو مياه نظيفة أو حتى أبسط أساسيات الحياة.

وتتمركز أحلام الغزيين على إعلان إسرائيل انتهاء الحرب وترك أهالي القطاع يعيشون في سلام ويعودون إلى بيوتهم أو ما تبقى منها، رغم ما تعرضت له، ولكن يظل المكان ملاذًا آمنًا حتى وإن كان خرب.

وهنا يأتي دور السلطة الفلسطينية باعتبارها المؤسسة الشرعية الفلسطينية وومثلهم الرسمي، في زيادة سعيها إلى سيطرتها على قطاع غزة، واستخدام كل أوراق الضغط على الاحتلال، والحصول على دعم المؤسسات الدولية، وكذلك أبناء غزة في الخارج، لتحقيق هذا الهدف حتى ينعم القطاع بنوع من الهدوء، ثم المضي قدمًا في تنفيذ خطة إعادة الإعمار، وتهيئة حياة كريمة لأهالي القطاع، بداية من الاهتمام بالبنية الأساسية، وإعادة بناء البيوت والمستشفيات والمدارس أولا، خاصة وأن 72% من الأبنية السكنية دُمّرت بالكامل.

أيضا الحاجة إلى تحفيز الاقتصاد المحلي، خاصة في ظل القيود المفروضة من الاحتلال، ووضع سياسات تعزّز الاستثمار، مع تقديم حوافز للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتوفير تسهيلات مالية لها، كما يُعتبر التعاون مع رجال الأعمال الفلسطينيين في الخارج خيارًا إستراتيجيًّا؛ لجذب الاستثمارات وتحقيق نمو اقتصادي مستدام يعزز من فرص العمل في فلسطين، وأيضا يمكن إعادة الأنشطة المحلية مثل تصدير الأسماك والدواجن وكثيرا من المنتجات التي تنتج داخل القطاع، وكذلك الخضروات والفواكه، التي كان القطاع يصدرها قبل الحرب.

كذلك يمكن تشجيع الصناعات المحلية التي ينفرد بها أبناء القطاع وفتح أسواق لهم في الداخل والخارج، وتوفير فرص عمل جيدة خاصة أن 90% من القطاع الخاص و15% بالحكومي فقدوا وظائفهم، فضلا عن خسارة وظائف جميع العاملين في الاقتصاد الإسرائيلي.

ولا ننسى قطاعي الزراعة والبناء، باعتبارهما المحركات الأساسية لخطة إعادة الإعمار، خاصة أن قطاع الزراعة تضرر بنسبة حوالي 93%، والقطاع الصناعي بنسبة 92%، وقطاع الخدمات بحوالي 77% بسبب الحرب.

وهناك أيضا بعض القطاعات الحيوية التي اضطرت للاستمرار في العمل خلال الحرب، بما فيها القطاع الصحي وبعض المخابز والمحال والصيدليات، لذلك من الهمم إعادة الاهتمام بها ودفعها بقوة في جسد الاقتصاد الفلسطيني، بجانب كل أنواع المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.

وإذا تحدثنا عن الحياة الكريمة فلا بد من دعم للأجور كجزء من عملية استعادة النشاط وتسهيل التعافي الاقتصادي المحلي، مع وضع استراتيجيات اقتصادية تهدف ليس فقط إلى دعم النمو الاقتصادي في غزة وفلسطين، وإنما لخلق وظائف كريمة توفر أجورا لائقة للعمال في بيئة عمل مناسبة، حتى يشعر المواطن بدوره المهم في مجتمعه.

وأخيرًا فإن تحقيق التنمية المستدامة في فلسطين، والبدء في تنفيذ أحلام الأهالي على أرض الواقع، يتطلب التزامًا جماعيًّا واستراتيجيات مدروسة تتجاوز القيود المفروضة، ودعمًا من المجتمع الدولي في تمويل عشرات المليارات من الدولارات من الاستثمارات لإعادة الإعمار، لإنقاذ هذا الشعب وإعادة الأمل والأمان له

Back to top button