غزة – المواطن
يبدو أن المنطقة دخلت مرحلة جديدة من التوترات التي لن تنتهي بسهولة، بعد إعلان الجيش الإسرائيلي مقتل الأمين العام لـ”حزب الله” ، في هجوم القيادة بالضاحية الجنوبية لبيروت.
ذلك في الوقت الذي يشير فيه الخبير السياسي اللبناني إلى أن هذا الحدث، رغم عِظمه، لن يؤدي إلى حرب شاملة في المنطقة، بِعَدِّ وجود مصالح دول في الميزان.
ويؤكد حمادة، في حوار خاص له أن تل أبيب مستمرة في استهداف البنى التحتية والقرى والبلدات الجنوبية، وتدمير جمعيات ومربعات سكينة كثيرة، مركزًا على البيئة الشعبية الحاضنة لـ”حزب الله”.
وهنا نص الحوار مع علي حمادة:
بعد إعلان الجيش الإسرائيلي اغتيال نصر الله، كيف تنظر إلى مرحلة ما بعد مقتله؟
يُعدُّ اغتيال حسن نصر الله وخروجه شخصيًّا من المعادلة، تحولًا كبيرًا، قد يؤثر في مسار الحرب بين “الحزب” وإسرائيل، وممكن أن يحدث انقلابًا في المشهد اللبناني والإقليمي.
بعد فورة الغضب والحزن، لا بد أن يؤدي الأمر إلى البحث عن خفض التصعيد على الساحة اللبنانية، ولا سيما مع وجود إجماع لبناني على وقف الحرب التي أدت إلى كارثة في البلاد، ومع العلم أن هذا الحدث الكبير لا يؤهله لتفجير منطقة الشرق الأوسط، فقد يتوتر الوضع، ولكن لا يؤدي إلى حرب شاملة، خاصة مع وجود مصالح دول في الميزان.
كيف تقيّمون الأوضاع عسكريًّا في لبنان، حتى الآن؟
دخل لبنان الحرب، وانتقلنا من حرب الاستنزاف أو حرب الإسناد التي أشعلها “حزب الله” في الثامن من أكتوبر 2023، إلى حرب طاحنة بين الطرفين.
إن الحرب من الجانب الإسرائيلي أوسع، وأكثر دموية، وأخطر، ومستواها أعلى، أما حزب الله فهو يرد، ولكن حتى الآن يرد بشكل مضبوط، من أجل ألا يتحمل وزر ضربات أكثر دموية من جانب إسرائيل.
إنه يناور، ولكنه في مكان ما سوف يُستدرج إلى حرب واسعة، وخاصة أن الإسرائيليين لن يقبلوا أن تستمر حرب الاستنزاف المتوسطة الوتيرة الواسعة التي يريد حزب الله أن يفرضها.
إذًا، نحن أمام مرحلة مفصلية ما بين رفع إسرائيل تحدي الحرب الواسعة، في مقابل محاولة حزب الله التمسك بقواعد قديمة للاشتباك، لا نعرف متى سوف ينتقل الطرفان إلى الحرب الواسعة والمنفلتة تمامًا.
ماذا بشأن الاتفاقيات والهدن التي تقترحها أطراف دولية؟ ما مدى جديتها وفرص تحقيقها؟
هناك مقترح الهدنة (21 يومًا)، الذي تقدمت به الولايات المتحدة وفرنسا بمشاورة 10 دول، إنما الموضوع لا يزال في بداياته، فهناك تفهم غربي لمسارعة إسرائيل إلى رفع وتيرة الحرب؛ لأن حزب الله رفض الوساطات كلها على مدى 12 شهرًا لوقف هذه الحرب.
الإسرائيليون في نظر المجموعة الغربية يدافعون عن أنفسهم، وحزب الله مُعدود بأنه يريد فرض قواعد اشتباك تناسبه، لمشاغلة الإسرائيليين والتدخل في حرب غزة، وهذا الأمر لا يحظى بغطاء في المجتمع الدولي، وبالتالي فالهدنة المطروحة سقطت سلفًا.
وهناك كلام كثير يطلقه القادة العسكريون الإسرائيليون عن مناورة برية، فالاجتياح الجوي حاصل وبدأ منذ عدة أيام، ومستمر، ولكن التهديد بالدخول البري لا يزال سابقًا لأوانه، والإسرائيلي غير مستعجل للدخول برًّا.
هل انتهت المناورات البرية في لبنان، وبدأ الجيش الإسرائيلي بتحقيق أهدافه العسكرية والدخول في حرب برية؟
الجيش الإسرائيلي يسجل نقاطاً لصالحه عبر الاجتياح الجوي، فيستهدف البنى التحتية والقرى والبلدات الجنوبية، ويدمر جمعيات ومربعات سكينة كثيرة، مستهدفًا البيئة الشعبية الحاضنة لحزب الله.
وبتقديري، فإن وقت المناورة البرية لم يحن بعد، وربما لاحقًا، إذا تطورت الأمور أكثر في المرحلة القادمة.
هل برأيكم ستمتد الجبهة إلى خارج لبنان وستصل سوريا؟
تناقلت صحف، ومنها صحيفة “الأخبار” اللبنانية التابعة لحزب الله، تقارير وسيناريوهات تفيد بامتداد الجبهة إلى خارج لبنان ووصولها إلى سوريا، على أن يقوم الجيش الإسرائيلي بمناورة برية للالتفاف على حزب الله من جهة سوريا، واختراق جبهة الجولان وريف دمشق، من خلال الضغط على الحدود اللبنانية من الجهة السورية.
وهذا تزامنًا مع معلومات تفيد باهتمام إسرائيلي كبير بإقفال المعابر، وتعطيل إمكانية تمديد حزب الله بالأسلحة عبر الحدود السورية، ولا سيما أن الإسرائيليين يعرفون أنه مهما تضررت البنية التحية لحزب الله، فإن إيران قادرة على تعويضها عبر إمداداتها من سوريا، ومن هنا تتمثل خطورة الجبهة السورية، التي قد تدرجها إسرائيل ضمن بنك أهدافها.
كيف تنظرون إلى الموقف الإيراني من حزب الله؟ هل هو صمت أم إستراتيجية جديدة؟
لا يوجد صمت بمعنى الصمت أو الحياد، فالإيرانيون واضحون، لن يحاولوا التدخل مباشرة، ولا يريدون حربًا مباشرة مع الإسرائيليين؛ لأنهم يعرفون نتائجها.
وأساسًا، لقد أنشئت الفصائل كافة في سوريا والعراق اليمن ولبنان، وصولًا إلى حركتي حماس والجهاد الفلسطينيتين، لدعم النظام وليس العكس.
وبالتالي، فإن إيران لا تتدخل في الحروب مباشرة، بل تمدّ هذه الفصائل بالدعم المالي والمعنوي والعسكري والتسليحي والخبرات والتكنولوجيا، وليس أكثر من ذلك، فهي لم تتدخل في أي حرب مباشرة، وكانت آخر حرب لها مع العراق في عهد الرئيس الراحل صدام حسين.