لدي فضول!
كتب الدكتور صبري صيدم :
في خضم ثورة المعلوماتية وتصاعد الاهتمام العالمي بالذكاء الاصطناعي القائم على توظيف التقانة لخدمة الإنسان، وفق إرادة جديدة تساهم في تغيير الواقع والنهوض به، فإن من المنطقي أن ترى اليوم تدخلاً كبيراً للتكنولوجيا في حياة الناس، سيراً على خطوات تتبع نهجاً منطقياً في حساباتها وخوارزمياتها، وهو ما يعني أن سقوف هذا النوع من الذكاء لم تعد محدودة بمدارس التقليد والرتابة، ولا حتى بموضوعات ومجالات محددة، وهو ما يقود وبالضرورة نحو توافر القدرة الكبيرة على التدخل في كل مكونات الحياة البشرية. فمن إدارة عمليات الطهي، وصولاً إلى التحكم بالمهمات الفضائية على اختلافها، بتنا على موعد مع منظومة كاملة تستطيع التدخل في أمور وشؤون ومحطات لم نعهدها من قبل.
فكرة طرحها بعض الأصدقاء وأثارت فضولي، خاصة أن التفكير لا بد أن يجنح وبصورة تلقائية نحو تغذية الفضول الذاتي لدى ملايين البشر، باستخدام الذكاء الاصطناعي في معالجة الأزمات وحل الصراعات.أما وأن الشعب الفلسطيني قد ابتلي باحتلال مصمم على إفناء الهوية الفلسطينية، فإن الفضول لا بد أن ينتاب الإنسان، في سبيل توظيف الوسائل التكنولوجية التي تميز العصر الحالي ،باتجاه حل الصراع العربي الإسرائيلي.
لذا في هذا الإطار فقد تم وعبر عدد من الناشطين طرح العديد من الأسئلة على بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي، لإعطاء التكنولوجيا هذه المهمة التي عجز عنها البشر. ومن باب الدقة فقد تم طرح الأسئلة التالية:
– ماذا لو أدار الذكاء الاصطناعي سياسات الدول فماذا سيكون حال إسرائيل؟
ـ ماذا لو أدار الذكاء الاصطناعي سياسات الدول فماذا سيكون مصير الاحتلال الإسرائيلي؟
ـ ماذا لو أدار الذكاء الاصطناعي سياسات الدول فماذا سيكون واقع الاحتلال الإسرائيلي في مقابل حقوق الفلسطينيين؟
– ما الذي يستطيع الذكاء الاصطناعي فعله لإنقاذ الفلسطينيين وإنهاء الصراع؟
ـ ماذا لو تسلم الذكاء الاصطناعي حكم إسرائيل فماذا سيفعل؟
ماذا لو أوكل للذكاء الاصطناعي حل القضية الفلسطينية فماذا سيفعل؟
الإجابات التي أصدرتها التطبيقات آنفة الذكر، تمحورت في مجملها حول النص المحوسب التالي:
يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورا حاسما في إنقاذ الفلسطينيين، وإنهاء الصراع عبر مجموعة من الآليات. أولاً، يمكنه تحسين الشفافية والعدالة في صنع القرار من خلال تحليل كميات ضخمة من البيانات بشكل موضوعي، ما يساعد على تقديم حلول مبنية على الأدلة والحقائق. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم في تعزيز الحوار والتفاهم بين الأطراف المتنازعة عبر توفير تحليلات دقيقة للتوجهات والمواقف المختلفة، واقتراح حلول وسط تأخذ في الاعتبار حقوق واحتياجات الفلسطينيين، بالإضافة إلى ذلك، يمكنه تحسين جودة الحياة للفلسطينيين، من خلال تطوير البنية التحتية، وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، وتقديم حلول مبتكرة لإدارة الموارد بشكل مستدام. يمكن أيضا استخدام الذكاء الاصطناعي في تعزيز الأمن ومنع الصدامات، من خلال أنظمة مراقبة ذكية وتحليل بيانات الأمان بشكل استباقي، لتجنب النزاعات. ومع دعم دولي لاستخدام هذه التكنولوجيا بشكل محايد وأخلاقي، يمكن أن يساهم الذكاء الاصطناعي في وضع حد للصراع وتحقيق سلام عادل ومستدام للطرفين.
وبما أن المخرجات تعتمد على المدخلات، فإنه ومن الواضح بأن تقارب الإجابات إنما جاء بفعل ما تمت تغذية التطبيقات به، من مفاهيم وقيم ومبادئ تقوم على أسس التهادن وفض الخلافات وتسوية الصراعات وتصفيرها، وهو ما يعني أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي، إنما تتجنب العدوانية وتلتزم بالمواثيق الآدمية المقرة، وتحض على إعلاء القيم الإنسانية عبر آليات وفاقية محددة مسبقاً. وعليه حتى الآلة إنما تقول كلمتها بما لا يعجب أرباب التطرف في إسرائيل، بصورة تؤكد تجاوز إسرائيل كامل المنظومة الآدمية التي تغذي الآلة وتقدم إجابات ممنهجة.
تحدي البشر والذكاء الاصطناعي وتطبيقات الخدمة الآلية المحوسبة من قبل الاحتلال إنما يؤكد اعوجاج المنطق الذي يطرحه نتنياهو وعصابته في تل أبيب، بما يخالف قيم البشر ومواثيقهم وأخلاقهم.. فهل تصلح الآلة ذات يوم ما أفسده الدهر؟ ننتظر ونرى.