واشنطن بوست نفند مزاعم الاحتلال بشأن اغتيال حمزة الدحدوح ومصطفى ثريا
واشنطن – المواطن
شكّكت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، في تقرير لها، أمس الثلاثاء، في ادعاءات جيش الاحتلال حول ظروف استشهاد الصحافيين الفلسطينيين حمزة الدحدوح ومصطفى ثريا، نتيجة قصف إسرائيلي استهدف السيارة التي كانا يستقلانها جنوبي قطاع غزة، في السابع من يناير/ كانون الثاني الماضي.
وكان الدحدوح وثريا في طريق العودة من تصوير غارة إسرائيلية استهدفت أحد المباني، جنوبي خانيونس جنوبي قطاع غزة، حيث استخدما طائرة مسيّرة لأخذ لقطات لمكان القصف، وهو الأمر الذي استند إليه جيش الاحتلال لتبرير استهدافهما. ففي 8 يناير ادعى جيش الاحتلال أنّه “حدّد هوية وضرب إرهابياً كان يقود طائرة تشكّل تهديداً لقوات الجيش الإسرائيلي”. وبعدها بيومين، عاد جيش الاحتلال ليقول إنّ الدحدوح وثريا ينتميان إلى حركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس على التوالي.
لكن اللقطات التي حصلت عليها “واشنطن بوست” من الطائرة المسيّرة التي استخدمها ثريا في تصوير مكان الغارة قبل وقتٍ قصير على استهداف السيارة كشفت عدم وجود أي جنود أو آليات عسكرية إسرائيلية في محيط الموقع، ممّا ينفي ادعاء جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنّ استهداف الصحافيين جاء بسبب استخدامهما طائرات بدون طيّار بطريقة شكّلت خطراً على قواته.
كذلك، بيّنت مقابلات الصحيفة الأميركية مع زملاء للدحدوح وثريا، أنّ الثنائي قد عبر نقاط تفتيش إسرائيلية خلال الانتقال من شمال القطاع إلى جنوبه في وقت مبكر من الحرب، ممّا يفند ادعاءات الاحتلال بأنّهما عنصران في حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي. وذلك عدا عن موافقة الاحتلال على منح تصريح للدحدوح بمغادرة غزة قبل وقتٍ قصير على اغتياله، وهو امتياز من النادر أن يُمنح لمسلّح معروف، بحسب “واشنطن بوست”.
ورفض جيش الاحتلال الرد على استفسارات متعدّدة وأسئلة تفصيلية من قبل الصحيفة.
في السياق نفسه، أشار صحافيون فلسطينيون في قطاع غزة للصحيفة الأميركية إلى أنّهم لم يتلقوا أي توجيهات رسمية من جيش الاحتلال بعدم استخدام الطائرات المسيّرة.
إعلام وحريات
الكتّاب يحتجون: ماذا عن زملائنا في غزة؟
عملية الاغتيال
بحسب المقابلات التي أجراها مراسلو “واشنطن بوست” مع زملاء وعائلات الدحدوح وثريا، فقد غادر الصحافيان شمال غزة، في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول، عبر طريق إخلاء المدنيين الذي حدده جيش الاحتلال الإسرائيلي، إلى مدينة رفح جنوبي القطاع، حيث أقاما مع زملاء آخرين في الخيام لمدة أكثر من شهرين.
وفي السابع من يناير الماضي، انطلق حمزة الدحدوح ومصطفى ثريا، مع عددٍ من الصحافيين، لتصوير قصف منزل عائلة أبو النجا، وأظهرت المقاطع التي صورتها مسيّرة ثريا مراسلين يرتدون سترات صحافية زرقاء وأطفالاً يشاهدون الرجال بينما ينتشلون الجثث من بين الركام.
وأظهرت اللقطات، التي تستمر لمدة تزيد قليلاً عن 11 دقيقة، مصطفى ثريا في بعض الأحيان وهو ينظر إلى جهاز التحكّم في الطائرة بدون طيار، فيما لم تظهر في أي لقطة قوات أو طائرات أو معدات عسكرية إسرائيلية أخرى.
وبعد مراجعة محللين صور الأقمار الصناعية المتاحة للمنطقة التي التقطتها شركة بلانت لابس وإيرباص في السابع من يناير، والتي تغطي دائرة نصف قطرها حوالي كيلومترين من مكان إطلاق الطائرة بدون طيار، لم يجدوا أي دليل على انتشار عسكري أو نشاط مسلّح، وفق ما تشير الصحيفة.
وقال وليام غودهيند؛ الباحث في “كونتستد غراوند”، وهو مشروع بحثي يتتبع التحركات العسكرية عبر صور الأقمار الصناعية، إنه لم يعثر على ما يدل على وجود “مركبات مدرعة، وشاحنات عسكرية، ومعاقل، وسواتر، أو نقاط إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون”.
أظهرت بيانات مقاطع الفيديو أن مسيّرة مصطفى ثريا توقفت عن التصوير عند الساعة 10:55 صباحاً، وبعدها بست دقائق، نزلت قذيفة جديدة على الموقع، أدت إلى إصابة الصحافيين عامر أبو عمر وأحمد البرد بشظايا، ليتم نقلهما بسيارة إسعاف، تبعتها سيارة أقلّت ثريا والدحدوح مع زملاء لهما قرروا ترك المكان خوفاً من استهدافهم.
وبعد دقائق، كانت طائرة عسكرية بدون طيار تلاحق سيارة الصحافيين، التي كانت تسير خلف سيارة الإسعاف مباشرة، وفي تمام الساعة 11:10 صباحاً، التقطت كاميرا عمرو الذي كان في الإسعاف، صوت القذيفة التي أطلقتها المسيّرة وأدت لاستشهاد الدحدوح وثريا.
كذب إسرائيلي
في السابع من يناير قال جيش الاحتلال، في بيان، إنّ طائراته “حددت وأصابت إرهابياً كان يقود طائرة تشكل تهديداً لقوات الجيش الإسرائيلي”. في الثامن من يناير، بدا أنّ المتحدث باسم جيش الاحتلال تراجع عن بيان الليلة الماضية، إذ قال في حديث مع شبكة إن بي سي الأميركية: “إن موت أي صحافي أمرٌ مؤسف”، مضيفاً أنّ “استعمالهم طائرة بدون طيارة جعلتهم يبدون كأنّهم إرهابيون”.
لكن، وفي العاشر من يناير، عاد جيش الاحتلال للادعاء بأنّ الطائرة بدون طيار شكّلت “تهديداً مباشراً” للجنود القريبين، على الرغم من أنّ الغارة وقعت بعد حوالي 15 دقيقة من إيقاف ثريا مسيرته.
وحاولت “واشنطن بوست” مسائلة جيش الاحتلال عمّ إذا كان بإمكانه تحديد اللحظة التي شكّلت فيها الطائرة بدون طيار تهديداً لقواتها، لكنّها لم تحصل على جواب.
وقال منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحافيين، شريف منصور، للصحيفة الأميركية، إنّ تبرير الجيش الإسرائيلي للضربة يتناسب مع “نمط حددناه حتى قبل هذه الحرب، قوامه التهرب من المسؤولية وإلقاء اتهامات الإرهاب على الصحافيين”.
من جهتها، نفت شبكة الجزيرة وحركة حماس وأقرباء الصحافيَّين حمزة وائل الدحدوح ومصطفى ثريا اتهامات جيش الاحتلال الذي وصفهما بأنهما “عنصران إرهابيان”.
وقال مدير مكتب “الجزيرة” في غزة ووالد الصحافي الشهيد حمزة الدحدوح، وائل الدحدوح: “هذه فبركات واضحة ومحاولات للدفاع عن النفس وتبرير ما يجري”.
وأضاف الدحدوح الذي سبق أن قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدوانها على غزة زوجته وولدين آخرين وحفيداً له، بقصف استهدفهم في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أنّ “استهداف الصحافيين رتّب ضغوطاً كبيرة على إسرائيل وعلى الإدارة الأميركية، لذلك يريدون حرفها إلى مسار آخر، ويختلقون الذرائع”.
وكان وائل الدحدوح نفسه قد أصيب بشظايا جراء قصف إسرائيلي استهدف خانيونس جنوبي قطاع غزة، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وفي القصف نفسه، استشهد زميله مصور “الجزيرة” سامر أبو دقة. وأعلنت شبكة الجزيرة حينها أنها قررت إحالة ملف اغتيال مصورها في قطاع غزة سامر أبو دقة إلى المحكمة الجنائية الدولية.
إعلام وحريات
“يونيفيل”: دبابة إسرائيلية قتلت مصور “رويترز” عصام العبدالله
وصرّح محمد ثريا، ابن عم الصحافي الشهيد مصطفى ثريا، لوكالة فرانس برس، بأنّ “ما يقوله الاحتلال محض اتهامات كاذبة”. وأضاف أنّ مصطفى ثريا الذي كان يتعاون مع وسائل إعلام دولية عدة، من بينها وكالة فرانس برس، “كان يعمل في الصحافة مصوراً تلفزيونياً وفوتوغرافياً منذ سنوات عدة ولديه مسيّرة للتصوير، وهو معروف بين الصحافيين بعمله المهني”. وأكد أن “لا علاقة له بالتنظيمات”.
وأدانت قناة الجزيرة في بيان لها عملية الاغتيال وتعهدت بـ”اتخاذ كافة الإجراءات القانونية لملاحقة مرتكبي هذه الجرائم”.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة، الثلاثاء، أن حصيلة العدوان الإسرائيلي على القطاع وصلت إلى 31819 شهيداً و73676 جريحاً، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأوّل الماضي، من بينهم 130 صحافياً استشهدوا برصاص وقصف قوات الاحتلال.