تفاصيل ساعات من الجحيم بعد حريق أستوديو الأهرام
القاهرة – المواطن
تحوّل أستوديو الأهرام بمنطقة العمرانية بمحافظة الجيزة إلى حطام ورماد بعد أن شهد حريقا ضخما منذ الساعات الأولى صباح يوم السبت، التهم ديكور مسلسل “المعلم” من بطولة الفنان مصطفى شعبان، وامتد الحريق إلى 6 عقارات سكنية ملاصقة للأستوديو، مما ألحق ضررا بنحو 30 وحدة سكنية، إلى جانب خسائر أخرى وعدد من الإصابات.
ماس كهربائي أم مشهد انفجار؟
حتى الآن لم يتم الكشف عن السبب الرئيسي الذي أدى إلى وقوع الحريق، ولكن النيابة العامة رجحت بشكل مبدئي أن السبب هو ماس كهربائي لوجود أسلاك تالفة لا تخضع للمعاينة.
غير أن شهود عيان من سكان المنطقة المحيطة بالأستوديو أرجعوا -في تصريحات لصحف محلية- الحريق إلى مشهد انفجار كان يتم تصويره داخل الأستوديو.
في حين أكد نقيب المهن التمثيلية الدكتور أشرف زكي، للجزيرة نت، أنه لم يكن هناك مشهد انفجار في المسلسل، وأنه تواصل مع صناع العمل الذين أكدوا له أنه لا صحة لما يتردد حول هذا الأمر.
وأضاف نقيب الممثلين أن التحقيقات جارية وستسفر عن الأسباب الحقيقية وراء الحريق.
وعن مصير المشاهد المتبقية من مسلسل “المعلم” بعد أن التهمت النيران الديكور بالكامل داخل الأستوديو، أوضح زكي أن النيران التهمت ديكور السوق، وهناك أكثر من ديكور للمسلسل، وسيتم تدارك الأمر خلال جلسات عمل يقوم بها صناع المسلسل في الوقت الحالي لترتيب الوضع، وأكد على سلامة فريق عمل المسلسل.
في حين رفض مصدر أمني شارك في عمليات الإطفاء الجزمَ بصحة أن يكون السبب ماسا كهربائيا بسبب حجم النيران التي التهمت الأستوديو، وفق تصريحاته لموقع مصراوي، بالمقابل أشار مصدران آخران إلى أن النيابة تدرس سيناريو آخر ستكشف عنه قريبا، حيث شكلت السلطات لجنة هندسية لمعرفة أسباب وملابسات الحريق ولرفع تقرير مفصل عن الأمر وتقديمه لجهات التحقيق المعنية.
إصابات وخسائر
وكانت النيران قد اشتعلت في الأستوديو في الساعات الأولى من صباح يوم السبت، وتوجهت على الفور حوالي 15 سيارة إطفاء للسيطرة على الحريق في الأستوديو، الذي يضم 3 “بلاتوهات” (مواقع تصوير) حيث كان يتم تصوير مسلسل “المعلم”، والتهمت النيران ديكور “شادر السمك” الذي تحوّل إلى رماد.
ورغم مغادرة فريق “المعلم” موقع التصوير قبل وقوع الحريق بنحو 15 دقيقة، بحسب ما أكدته أسرة المسلسل، وعدم وقوع خسائر في الأرواح، فإن قوة الحريق تسببت في إصابة 12 شخصا بالاختناق، بينهم 3 أفراد من رجال الإطفاء، كما أصيب اثنان من رجال الإطفاء بكسر في القدم وخلع في الكتف عقب سقوط سلم الإطفاء أثناء عملية السيطرة على الحريق.
وقد أعلنت مستشفيات محافظة الجيزة حالة الطوارئ، وتم نقل 7 مصابين إلى مستشفى الهرم، واثنين آخرين إلى مستشفى أم المصريين، في حين خضعت حالات اختناق أخرى للإسعاف في موقع الحريق.
تعويضات عاجلة
امتد الحريق إلى العقارات المجاورة، مما أسفر عن تضرر ما يقرب من 30 وحدة سكنية لأسر لجأ أفرادها إلى الشارع وافترشوا الأرض في اليوم السادس من شهر رمضان، وقد أصدر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أثناء وجوده بموقع الحريق أمرا فوريا بصرف 15 ألف جنيه (السعر الرسمي للدولار يساوي 47.8 جنيها) كجزء من الإيجار المؤقت لشقق بديلة لحين إصلاح الوحدات السكنية المتضررة وإعادتهم إليها، وإصدار بطاقات رقم قومي بديلة لمن فقدها في الحريق.
وكشف مدبولي أن الحكومة ستتكفل بالتكلفة الكاملة لإعادة الوضع كما كان عليه قبل الحريق، والاطمئنان على المباني.
في حين تقدم النائب إيهاب منصور، رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، بطلب إحاطة لمجلس النواب بشأن الحريق، وطالب بمعرفة سبب الحادث، وما إذا كان الأستوديو يطبق اشتراطات الحماية المدنية وكافة إجراءات السلامة، وطالب بتعويض المتضررين بإيجاد سكن بديل على الفور.
مصير الأعمال الفنية
وحتى الآن لم يحدد صناع مسلسل “المعلم” موعدا لتصوير المشاهد المتبقية لإنهاء المسلسل المعروض ضمن مسلسلات رمضان 2024، كما توقف أيضا تصوير فوازير “شاورمر” التي يقوم ببطولتها الممثل الكوميدي محمد ثروت، الذي قال في تصريحات محلية إنه غادر أستوديو الأهرام قبل حدوث الواقعة بنصف ساعة، وأشار إلى أنه لم يتم الانتهاء من الفوازير بالكامل إذ يحتاج إلى 3 أيام تصوير، ولكن تم التوقف حتى إشعار آخر.
80 عاما من التراث السينمائي
ويعد أستوديو الأهرام واحدا من أعرق أستوديوهات السينما في مصر، ومن علامات مصر الفنية والثقافية في العصر الحديث، ويعود تأسيسه إلى فترة الحرب العالمية الثانية، وبالتحديد عام 1944، على يد اليونانيين أفابخلوس أفراموسيس وباريس بلفيس على مساحة قدرها 27 ألف متر مربع، ويضم 3 مواقع تصوير، وصالة عرض وصالة “دوبلاج”، إلى جانب معمل التحميض والطبع.
وعلى مدى 80 عاما ضم الأستوديو تصوير وطباعة وتحميض أكثر من 450 عملا فنيا، بداية من أفلام فترة الأربعينيات من القرن الماضي مثل “عنتر وعبلة” و”عروسة للإيجار” و”صاحب بالين”، واستمر في إثراء الفن المصري عبر سنوات وأجيال مختلفة.
ومن أشهر الأعمال التي تم تصويرها في الأستوديو “فاطمة وماريكا وراشيل” و”باب الحديد” و”ابن النيل” و”العتبة الخضراء” و”القاهرة 30″.
ومن الدراما التلفزيونية التي تم تصويرها في أستوديو الأهرام “أرابيسك” و”حديث الصباح والمساء” و”السيرة الهلالية” و”حضرة المتهم أبي” و”الملك فاروق”. وفي العام 2019 تم تصوير “شقة فيصل” في الأستوديو نفسه.