الشهيد نبيل حلبية .. مقاوم فلسطيني عنيد حتى الرمق الأخير
رام الله – المواطن
لم يكن الاشتباك العنيف الذي خاضه الشهيد نبيل علاء جوهر حلبية (20 عاما)، في مسقط رأسه بلدة أبو ديس جنوب شرق القدس المحتلة، على مدى نحو خمس ساعات اليوم السبت، الاشتباك الأول للمقاومين في البلدة، لكنه اشتباك قاتل فيه حلبية قوات الاحتلال الإسرائيلي بشراسة حتى الرمق الأخير واستشهاده، ثم احتجاز جثمانه.
كان الاشتباك الذي جرى، فجر اليوم السبت، بين الشهيد حلبية وقوات الاحتلال نوعياً من حيث المدة الزمنية التي استغرقها، ومن حيث كمية الرصاص والذخائر، بما فيها المقذوفات المتفجرة التي انهالت بغزارة على مخبأ الشهيد، كما يقول أهالي البلدة، ومنهم أحد كوادر حركة فتح في البلدة محمد عريقات، والذي يجاور منزله منزل عائلة الشهيد وسط بلدة أبو ديس.
وأضاف عريقات : “في اشتباك فجر اليوم، الذي بدأ عند الساعة الثانية وحتى السادسة صباحا، استخدمت قوات الاحتلال رشاشات عيار 250 وعيار 500، قبل أن تتمكن من التغلب على المقاوم حلبية، لتقوم جرافة عسكرية بعد ذلك بهدم المنزل وإخراج جثة الشهيد في صحن الجرافة، ثم التقطت مجندات كن يرافقن القوة العسكرية صوراً لهن بجوار جثة الشهيد، بينما رقص أحد الجنود بالقرب من الجثة”.
يذكر أن الشهيد حلبية، والذي تتهمه سلطات الاحتلال بالانتماء لحركة حماس وجناحها العسكري، كان مطلوبا لقوات الاحتلال منذ نحو شهرين، وفشلت قوات الاحتلال في اعتقاله أكثر من مرة على خلفية اتهامه بتنفيذ عمليات إطلاق نار نحو أهداف عسكرية.
وفي أعقاب ذلك، فرضت قوات الاحتلال عقوبات جماعية على أفراد أسرته، حيث منعتهم من السفر، أو مغادرة فلسطين إلى الخارج.
وكان الشهيد وعدد من أشقائه تعرّضوا قبل ذلك للاعتقال أكثر من مرة، وتمت مداهمة منزله عديد المرات.
ويشير عريقات إلى أن والدة الشهيد أجنبية، وتحمل الجنسية الأوكرانية، بينما يحمل الشهيد نفسه الجنسية الروسية.
وشهدت بلدة أبو ديس في السابق اشتباكات مماثلة نفذها مقاومون فلسطينيون مع قوات الاحتلال، حيث باتت البلدة معقلا لنشطاء المقاومة الفلسطينيين في الآونة الأخيرة، ومركزا لاحتجاجات شبه يومية مع قوات الاحتلال، غالبا ما يتخللها إطلاق الرصاص والحارقات وتحطيم مقاطع من جدار الفصل العنصري.
ويستذكر محمد عريقات وهو من قدامى كوادر فتح، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن بلدة أبو ديس شهدت اشتباكا مماثلا أوائل سبعينيات القرن الماضي، بين أحد المقاومين من خارج البلدة والذي لجأ إلى منزل عائلة المواطن إبراهيم ربيع، واستمر أيضا لساعات، وكان اشتباكا أفضى إلى ارتقاء المقاوم آنذاك وتدمير المنزل لاحقا.
ووفقا لعريقات، فإن بلدته كانت على مدى سنوات الاحتلال معقلا أساسيا من معاقل المقاومة منذ عام 1967، خاصة خلال الانتفاضتين الأولى والثانية، حيث قدمت البلدة الواقعة إلى الجنوب الشرقي من القدس المحتلة عددا من الشهداء يتراوح بين 35 و40 شهيدا.
وتتاخم بلدة أبو ديس مستوطنة “معاليه أدوميم” وهي واحدة من كبريات المستوطنات اليهودية التي أقيمت على مئات الدونمات من أراضي القدس بعد مصادرة تلك الأراضي، ويقطنها حاليا أكثر من خمسين ألف مستوطن.
واكتسبت بلدة أبو ديس أهمية خاصة مع انطلاق مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية، حيث اقترحها الاحتلال لتصبح عاصمة للدولة الفلسطينية، وهو الاقتراح الذي رفضه الفلسطينيون. ووفقا للاتفاقيات الموقّعة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، فقد صنفت البلدة في عام 1995 كمنطقة “ب”.
وتبتعد الحدود الغربية لبلدة أبو ديس عن المسجد الأقصى نحو 2 كيلومتر فقط، ويفصل جدار الفصل العنصري بينها وبين مركز مدينة القدس، لذلك تقع في نطاق الحدود الإدارية للضفة الغربية، لكنها تتبع محافظة القدس.