النخالة: المقاومة بكافة أطيافها ستبقى دعما للكتائب بالضفة ويدا واحدة لدحر الاحتلال
غزة – المواطن
أكَّدَ الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين القائد زياد النخالة على جملةٍ من القضايا والأمور أولها وفي رأسها أنَّ حركته ماضية في طريق الجهاد والمقاومة رغم كل التحديات، وأنَّ المعركة مع العدو ستظل مستمرة حتى الانتصار على المشروع الصهيوني.
وشدد النخالة خلال كلمة في الذكرى الـ36 لانطلاق حركة الجهاد الإسلامي على ضرورة أنْ تكون قوى المقاومة على مستوى التحدي القائم، وعلى مستوى طموح شعبنا، وبعيداً عن أي شعارات لا تعبر عن طموح وآمال شعبنا، او مثل اللقاءات التي تعقد على مستوى الأمناء العامين التي وصفها بأنها لـ”ملء فراغ الوقت”، ولا تعدو كونها جلسات لإصدار فرمانات تتناقض جوهريًّا مع طموحات شعبنا الفلسطيني.
وأكد النخالة على ضرورة التمسك بوحدة شعبنا وقوى مقاومته من أجل تحقيق أهداف شعبنا بالحرية والانتصار، مع ضرورة ان تكون تلك الوحدة على برنامج وطني أصيل متماسك، قائلاً: “إننا نرى أن وحدتنا الواجبة تقوم على مواجهة الاحتلال، وعدم القبول به، وذلك من خلال برنامج وطني متماسك، لا يعرف المساومة أو المجاملة، ولا يعرف التناقض، لا في داخله، ولا مع شعارات حامليه، ولا مع ممارساتهم الخاصة والعامة”.
وأوضح النخالة في سياق حديثه عن الكتائب المقاتلة في الضفة الغربية، أنَّ المقاومة بكتائبها المقاتلة وشعبها البطل، ستظل تمثل رأس حربة في مشروع المقاومة واستمرارها، مشدداً على أنَّ المقاومة بكل قواها، في قطاع غزة، ستبقى سندًا حقيقيًّا لشعبنا، وجزءًا أصيلاً من مقاومته، وامتدادًا للمقاومة في الضفة الغربية الباسلة، وكتائبها المقاتلة.
وعن الأسرى في معتقلات العدو، حثَ النخالة قوى المقاومة مجتمعة بضرورة أنْ تكون قضية الأسرى وحريتهم همًّا يوميًّا لدى قوى المقاومة حتى تحريرهم.
ولم ينسَ النخالة في كلمته المطولة أنْ يؤكد على ضرورة الاهتمام بالحاضنة الشعبية للمقاومة، في الضفة الغربية، وقطاع غزة، وتقدير صمودهم وتضحياتهم.
كما، وأشار النخالة في كلمته إلى أهمية وحدة قوى المقاومة في المنطقة، في مواجهة المشروع الصهيوني، وعلى رأسهم الجمهورية الإسلامية في إيران، وسوريا، وحزب الله.
ولفت إلى أنَّ العلاقة مع حركة حماس، وقوى المقاومة في فلسطين، قائلاً: “نؤكد أنَّنا والإخوة في حركة حماس، وقوى المقاومة في فلسطين، سنبقى صفًّا واحدًا، حتى تحقيق أهداف شعبنا بالحرية والتحرير”.
ودعا النخالة السلطة الفلسطينية إلى الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين والمقاومين، والتي بسببهم أفشلت لقاء الأمناء العامين، مشيراً إلى أنَّ عدداً من عناصر الكتائب المقاتلة في الضفة تعرضوا للاعتقالات والإصابات، من العدو ومن السلطة.
وانتقد النخالة تمسك المنظمة والسلطة بمسارات التسوية مع العدو، قائلاً: “جميعنا يدرك ما مرت به القضية الفلسطينية، منذ النكبة حتى أوسلو، ذلك الاتفاق اللعين الذي اعترف بإسرائيل، وقبل بوهم التفاوض على ما بقي منها، مقابل الاعتراف بأن منظمة التحرير تمثل الشعب الفلسطيني، تمامًا كالأم التي قتلوا طفلها، وأعطوها دمية بدلاً منه، وأصبحت الدمية هي الطفل، وفقدت الأم عقلها، لأنها أصبحت تعتقد أن الدمية هي طفلها الحقيقي”.
وأضاف: “هذه المفارقة ما زلنا ندفع ثمنها حتى الآن، ثلاثون عامًا مضت، وما زلنا نراوح في نفس المكان، وما زلنا نختلف على توصيف المنظمة ودورها. وما زال من يرأس المنظمة وغيره يعتقد أن الدمية هي الطفل الحقيقي”.
وتابع: “ماذا تعني المنظمة أو السلطة، والاستيطان يملأ الضفة كالسرطان، والقدس تهود مدينة ومسجدًا، والقتل متواصل، والاعتقالات لم تتوقف، وهدم البيوت بحجج واهية ما زال مستمرًّا”.
وعن وهم الدولة، أشار إلى انَّ الساحة الفلسطينية أصبحت متخمة من الأكاذيب والفهلوة والقرارات الوهمية التي ما زالت قائمة، قائلاً: “(إسرائيل) تقول: لا دولة فلسطينية، وكذلك من يدعمونها، وكل ما يجري على الأرض شاهد على ذلك. يجب أن يتوقف الخداع، ونواجه الحقيقة كما هي، ونتحمل مسؤولياتنا، وننهض جميعًا بدون استثناء. فشعبنا قادر على المقاومة، وما زال يقاوم، ويستطيع أن يغير”.
في الوقت نفسه انتقد التطبيع القائم بين الكيان والأنظمة العربية، قائلاً: “إن ما تقوم به الأنظمة العربية، من خضوع وتسليم للمشروع الصهيوني، بدعاوى الواقعية، هو اصطفاف إلى جانب العدو، في مواجهة شعبنا ومقاوميه الشجعان. ويجب ألا نتردد في تسمية الأشياء بأسمائها”.
وأضاف في هذا الصدد: “نحن نؤكد اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أننا لسنا ضد التطبيع فقط، ولكننا ضد كل هذا المسار الذي بدأ باتفاقية كامب ديفيد، وما ترتب عليها، مرورًا بوادي عربة، واتفاقية أوسلو، وقرارات القمة العربية التي قدمت ما سمي بمبادرة السلام العربية”.
وسرَدَ النخالة جملة من المعارك التي خاضتها المقاومة وفي مقدمتهم سرايا القدس، مشيراً إلى أنَّ سرايا القدس في كل معركة كانت تحقق انجازاتٍ مهمة على طريق التحرير والصمود والثبات.
وبيَّن أنَّ معركة ثأر الأحرار كانت واحدة من أهم المعارك التي خاضتها الجهاد الإسلامي واستمرت على مدار خمسة أيام متواصلة، كانت فيها كل مدن العدو ومستوطناته تحت مرمى صواريخ سرايا القدس، موضحاً أنَّ قادة ومقاتلي سرايا القدس خرجوا من هذه المعركة مرفوعي الرأس، وأكثر قوة، وأكثر بأسًا، وسلاحهم بأيدهم، على الرغم من فقد ثلة من الصف القيادي.
اليكم نص كلمة النخالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على قائدنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه إلى يوم الدين.
يا شعبنا المجاهد والعظيم، الإخوة الحضور جميعًا…
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام على أرواح الشهداء، شهداء شعبنا كلهم.
السلام على الجرحى الذين يحملون أوسمة حضورهم الدائم في حياتنا وجهادنا.
السلام على أسرانا الشجعان الذين ما زالوا يقبضون على مسيرة جهادنا، بأيديهم وقلوبهم وجفون عيونهم.
السلام على شعبنا العظيم الذي أعطى ويعطي بلا توقف، من أجل يوم تكون فيه فلسطين حرة، وتكون فيه القدس عاصمة لفلسطين.
لقد أتينا اليوم لنؤكد على خيارنا الذي لن يتغير ولن يتراجع، بالحرية وطرد العدو الصهيوني من بلادنا.
وأتينا لنحيي ذكرى انطلاقة حركتنا المباركة التي تحمل اسم: “الشهداء بشائر الانتصار”، متزامنة مع مناسبات كبيرة ومهمة، وعلى رأسها ذكرى المولد النبوي الشريف، مدرستنا في الحياة، وفي الإيمان، وفي القوة والصبر والمثابرة، وفي الجهاد والعطاء والانتصار… إنها سيرة رسول الله محمد، صلى الله عليه وسلم، وهي تمثل صراع الحق في مواجهة الباطل على مدى الزمان، وتمثل لنا الأسوة المطلقة والحسنة، في صراعنا مع المشروع الصهيوني، ونسترشد بها دليلاً في مسيرتنا وجهادنا، لتحرير بلادنا وتصويب خياراتنا.
ومناسبة أخرى مهمة، هي انتفاضة الأقصى التي كان حضور حركتنا ومقاتلينا وشهدائنا فيها مميزًا ومؤثرًا. فمن أول عملية استشهادية فيها، مرورًا بعملية زقاق الموت، وعمليات استشهادية كبرى، إلى معركة جنين عام 2002 الحاضرة دومًا، كانت حركة الجهاد ومقاتلوها كتفًا إلى كتف مع مقاومي شعبنا الفلسطيني البطل، علامة فارقة ومميزة في شجاعة مقاتليها، وحضورهم البارز. إضافة إلى مناسبات كثيرة أخرى.
واليوم ونحن نحتفل بذكرى انطلاقتنا، نستحضر كل هذه المناسبات، لتكون تكريمًا لشهداء شعبنا، على طول مسيرته نحو القدس، ونحو فلسطين. وتكريمًا لشهداء حركتنا الذين نرفع صورهم الآن رايات عالية، اعتزازًا وافتخارًا بهم، وحضورًا لا يغيب… فهم أحياء يرزقون، ينظرون إلينا، ويتفقدون حضورنا واحتفاءنا بهم. فمن تخلف عن هذا الحضور خسر فرحة إخوانه الشهداء. فمن حق إخواننا الشهداء علينا أن نحفظ أسماءهم، ونحفظ بطولاتهم وأعمالهم، ونحفظ ذكراهم، لتبقى قدوة لنا في مسيرتنا نحو القدس…
إن حركتنا وشعبنا العظيم الذي يحتفي بالشهداء، في هذا اليوم المبارك، يوم حركة الجهاد الإسلامي، يؤكد، برغم كل ما نراه من حولنا، أن الشهداء أحياء في حياتنا وقلوبنا ومسيرتنا، وأننا سنكمل طريقهم، مهما كانت التضحيات، وسيبقون بشرى انتصارنا إن شاء الله.
الإخوة والأخوات، يا شعبنا المجاهد والصابر…
في هذه المناسبة، أجد من واجبي أن أوضح ما تمر به قضيتنا من تحديات، على كل المستويات…
وأبدأ بالوضع الدولي الذي له تأثير ودور كبير على ما يجري في منطقتنا، وعلى قضيتنا بشكل خاص، حيث ما زال الانحياز إلى جانب العدو الصهيوني قائمًا، منذ إقامة هذا الكيان على أرض فلسطين. وما زال معيار القوة وامتلاكها هو الذي يتحكم في سياسات العالم. وما زالت أمريكا وحلفاؤها يقفون مؤيدين ومساندين للعدو في كل المجالات، انطلاقًا من رؤيتهم لنا على كل المستويات. فنحن العرب متخلفون عنهم في كل شيء، ومختلفون معهم في كل شيء؛ في الدين، وفي الثقافة والأخلاق… والعدو الصهيوني جزء منهم، ونظير لهم، في ثقافتهم وتاريخهم وأخلاقهم… وينكرون علينا ديننا وثقافتنا وأخلاقنا. لذلك نجدهم على الدوام منحازين إلى عدونا، ومؤيدين ومساندين له في كل شيء، ويقدمون له كل المساعدات العسكرية والأمنية والسياسية والمعنوية. وفي الوقت نفسه يعملون على تشتيت صفوفنا، وتطويع دولنا، أحيانًا بالقوة، وأحيانًا بالتخويف، وأحيانًا بالحروب الاقتصادية… وكذلك بتجنيد الضعفاء والمهزومين، من قادة منطقتنا ومثقفينا وجنرالات عسكرنا. وللأسف فإنهم ينجحون!
وما نراه اليوم من المآسي التي تلحق بنا، في فلسطين والمنطقة العربية والإسلامية، ليس صدفة، بل هو نتيجة لعمل متواصل ومستمر، لم يتوقف لحظة واحدة. ونموذج السلطة الفلسطينية، وأجهزتها الأمنية التي يشرف عليها الجنرالات الأمريكيون، من تدريب وإعداد، وتوفير ميزانيات وأسلحة، ليس إلا مثالاً صغيرًا لكل ما يجري في منطقتنا العربية.
فإسرائيل تقتلنا بسلاح أمريكي، وما يسمى بأجهزتنا الأمنية تلاحقنا وتعتقلنا بقرار أمريكي إسرائيلي أيضًا. وحديثًا أصبح الحضور الإسرائيلي بارزًا، بعد ما سمي باتفاقيات السلام وموجة التطبيع، في كثير من الأجهزة الأمنية العربية. لذلك، فإن السفهاء منا ما زالوا يبيعوننا الأوهام، وهم يقفون حقيقة في صفوف الأعداء. وسنبقى ندفع الثمن من أوطاننا ودماء شعوبنا إذا تجاهلنا هذه الحقائق، أو أغمضنا أعيننا عنها. وأنا أقول ذلك، من أجل أن نعرف وندرك طبيعة معركتنا وحجمها، وحجم واجباتنا ومسؤولياتنا التي يجب أن نعمل سويًّا على أساسها. فلا نتعامى عن الحقائق، ولا نتحدث بغمغمة سياسية في المواقف، فيختلط الحق بالباطل.
أما الوضع العربي، فلا يخفى على أحد ما آلت إليه أحوال دولنا وأنظمتنا، من وضع محزن ومؤسف، كانت نتيجته هذا الانهيار الكبير الذي لحق بكل المنطقة العربية، أمام المشروع الصهيوني، وأمام ما يسمى بدولة “إسرائيل”.
هذه الدولة التي أقيمت على وطننا فلسطين، بعد أن شردتنا، وقتلت الآلاف من أبناء شعبنا، وقتلت مئات الآلاف من الشعوب العربية، واعترف بها بعض الفلسطينيين.
هذه الدولة مساحتها عشرون ألف كيلو متر مربع، وعدد سكانها من اليهود لا يبلغ ستة ملايين، يأتي إليها العرب، أصحاب التاريخ، وأصحاب الحضارة، أذلاء يطلبون سلامها، وهم مئات الملايين من البشر.
هذه الأمة التي تملك من العقيدة، ومن التاريخ والجغرافيا، ما يكفي ليجعلها قادرة على الصمود والمنافسة، تنهار أمام المشروع الصهيوني، في مشهد مأساوي قل نظيره في التاريخ.
إن المقاتلين والشهداء وحدهم فقط يستطيعون إيقاف هذه المهزلة، وإيقاف ما يجري.
إن ما تقوم به الأنظمة العربية، من خضوع وتسليم للمشروع الصهيوني، بدعاوى الواقعية، هو اصطفاف إلى جانب العدو، في مواجهة شعبنا ومقاوميه الشجعان. ويجب ألا نتردد في تسمية الأشياء بأسمائها.
كيف بهم يركعون وينهارون، وشعبنا المظلوم ما زال يقاتل، ولم يستسلم، حتى لو فعل بعض الضعفاء منا ذلك.
لقد صمتنا على حصارهم لنا، وملاحقتهم لكل مؤيد وداعم لنا، ولكن يجب ألا نصمت على ما يفعلونه الآن. فليحولوا بلدانهم ملاهي وملاعب، كما يشاؤون، فهذه مشكلة شعوبهم. ولكن من حقنا أن نصرخ في وجوههم، وهم لا يرون دمنا وشهداءنا على مدار الوقت. نحن ما زلنا في ميدان المعركة، ولم نستسلم، وما زال شعبنا العظيم يقاوم في كل مكان، ويواجه القتل، وهدم البيوت بالجرافات والطائرات. من حقنا عليهم أن يدعمونا، ومن حقنا عليهم ألا يحاصرونا. ولكنهم لم يفعلوا هذه ولا تلك، وذهبوا بلا حياء أو خجل، وداسوا على دمائنا، وعلى شهدائنا، وعانقوا الأعداء.
إن من واجبنا اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، أن نصرخ ونواجه، وإذا لم نفعل ذلك، سيقول السفهاء منهم إن الشعب الفلسطيني يريد ذلك.
إن هؤلاء الذين يتراكضون للتطبيع مع المشروع الصهيوني، يجب أن يعلموا، وهم يعلمون، أن ذلك هو إقرار منهم بأن فلسطين ليست لنا، وأن القدس بمسجدها ليست لنا.
ونحن نؤكد اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أننا لسنا ضد التطبيع فقط، ولكننا ضد كل هذا المسار الذي بدأ باتفاقية كامب ديفيد، وما ترتب عليها، مرورًا بوادي عربة، واتفاقية أوسلو، وقرارات القمة العربية التي قدمت ما سمي بمبادرة السلام العربية.
أما فلسطينيًّا، فجميعنا يدرك ما مرت به القضية الفلسطينية، منذ النكبة حتى أوسلو، ذلك الاتفاق اللعين الذي اعترف بإسرائيل، وقبل بوهم التفاوض على ما بقي منها، مقابل الاعتراف بأن منظمة التحرير تمثل الشعب الفلسطيني. تمامًا كالأم التي قتلوا طفلها، وأعطوها دمية بدلاً منه. وأصبحت الدمية هي الطفل. وفقدت الأم عقلها، لأنها أصبحت تعتقد أن الدمية هي طفلها الحقيقي.
وهذه المفارقة ما زلنا ندفع ثمنها حتى الآن. ثلاثون عامًا مضت، وما زلنا نراوح في نفس المكان، وما زلنا نختلف على توصيف المنظمة ودورها. وما زال من يرأس المنظمة وغيره يعتقد أن الدمية هي الطفل الحقيقي…
ماذا تعني المنظمة أو السلطة، والاستيطان يملأ الضفة كالسرطان، والقدس تهود مدينة ومسجدًا، والقتل متواصل، والاعتقالات لم تتوقف، وهدم البيوت بحجج واهية ما زال مستمرًّا.
هذه حقائق يراها الناس يوميًّا، ولكن الأكاذيب والفهلوة والقرارات الوهمية ما زالت قائمة.
“إسرائيل” تقول: لا دولة فلسطينية. وكذلك من يدعمونها. وكل ما يجري على الأرض شاهد على ذلك. يجب أن يتوقف الخداع، ونواجه الحقيقة كما هي، ونتحمل مسؤولياتنا، وننهض جميعًا بدون استثناء. فشعبنا قادر على المقاومة، وما زال يقاوم، ويستطيع أن يغير.
إن معركتنا مستمرة، وشعبنا يريد حريته، وعلى قوى المقاومة أن تكون على مستوى التحدي، وعلى مستوى طموح شعبنا، وليس على مستوى لقاء الأمناء العامين، لملء فراغ الوقت، وإصدار فرمانات تتناقض جوهريًّا مع طموحات شعبنا الفلسطيني.
إننا نرى أن وحدتنا الواجبة تقوم على مواجهة الاحتلال، وعدم القبول به. وذلك من خلال برنامج وطني متماسك، لا يعرف المساومة أو المجاملة، ولا يعرف التناقض، لا في داخله، ولا مع شعارات حامليه، ولا مع ممارساتهم الخاصة والعامة.
ويجب أن نترك اليأس والأوهام خلفنا، ونتمسك بالأمل واليقين بأن النصر حليف الشعوب التي تقاوم، وليس حليف الشعوب المستسلمة، وقياداتها الواهمة.
ويجب أن نشحذ الهمم، فمطلبنا عظيم، وواجباتنا كبيرة، والرجال وحدهم الذين يستطيعون إكمال المسيرة. لن نختنق في منتصف الطريق، لقد دفعنا أثمانًا غالية وما زلنا. ودائمًا يجب أن نتذكر أننا لسنا شعبًا عابرًا في هذه الجغرافيا المقدسة. وعلى الذين خلقوا هنا، على أرض فلسطين، أن يحفظوا عن ظهر قلب، وبلا تردد، أننا أصحاب رسالة خالدة خلود الزمان، ولن نترك أرضنا ومقدساتنا، وسنواجه الغزاة القتلة، ولن نتركهم يقتلوننا دون أن نقاتل، أو يقهروننا ونعيش بذل مطأطئي الرؤوس، تحت أي مبرر أو واقعية جبانة. ومن يردد ويتلو آيات القرآن صباح مساء، يجب ألا يقول: لا نستطيع القتال.
نعم، إننا ندرك، ونحن ندفع بأنفسنا وأبنائنا إلى ميادين القتال، أننا سندفع ثمنًا غاليًا، ولكن ألا تستحق القدس ذلك؟! ألا تستحق مسيرتنا نحو فلسطين ذلك؟! ألا يستحق التاريخ الذي نخطه بدمنا أن يكون كما نريد؟!
إن الصراع لم يتلاشَ، ولن ينتهي على هذه الجغرافيا المقدسة، وإن الأعداء يخططون، ويقتلوننا كلما يشعرون أن ذلك ضروري للسيطرة على أرضنا. فلماذا لا نقاتل، ونموت بطريقتنا، طالما أن الموت واقع؟! فلنقاتل لننتصر، ولن ينتصر من لم يقاتل. من لم يقاتل على هذه الأرض فهو مقتول، بالذل والتبعية التي لا تنتهي. هذا الكيان الذي قام على تهجيرنا، وعلى أشلائنا، لن يتوقف عن غروره وغطرسته، وسيحولنا إلى عبيد، نبني بيوته ومستوطناته على الأرض التي سلبها منا.
الإخوة والأخوات، يا شعبنا العظيم…
في ذكرى انطلاقة حركتنا، نؤكد أن مقاومتنا مستمرة، وأن حركة الجهاد التي انبثقت من روح الإسلام ما زالت مستمرة في مسيرتها، لم تساوم ولن تستسلم للأوهام. وهي تحتفل اليوم مع قادتها وكوادرها ومجاهديها، وحاضنتها الشعبية، وشعبها الفلسطيني في كل الساحات، تظللهم أرواح الشهداء على مدى التاريخ الفلسطيني، ومنذ بدء الغزوة الصهيونية على فلسطين…
وطالما أن المناسبة تتعلق بحركتنا، ودور شهدائها منذ انطلاقتها، فإننا نقف بإجلال وتقدير كبيرين، أمام شهداء معركة الشجاعية، أبطال عملية الهروب الكبير، من سجن غزة المركزي، الذين افتتحوا هذه المسيرة المباركة بجهادهم واستشهادهم، لتنطلق مسيرة حركتنا، ويبدأ حضورها البارز، في الانتفاضة الأولى عام 1987 من القرن الماضي، وصولاً إلى انتفاضة الأقصى عام 2000، وشهدائها، بعملياتهم الكبرى والمميزة التي توجت بمعركة جنين الكبرى عام 2002، والتي كانت فيها حركتنا، بمقاتليها وشهدائها، العنوان الأبرز والأهم في تلك المعركة، بجانب قوى شعبنا ومقاتليه.
وعلى الجانب الآخر، كانت غزة حاضرة بمقاومتها وشهدائها، وقد أجبرت العدو على الانسحاب وتفكيك المستوطنات. لتدخل غزة بمقاومتها في معادلات الردع مع العدو الصهيوني، وخاضت حروبًا كبرى، وقدمت آلاف الشهداء من أبناء شعبنا ومقاوميه الأبطال. وكانت حركتنا أيضًا حاضرة بقوة، كتفًا إلى كتف، مع كل قوى المقاومة، وتنتقل من معركة إلى أخرى؛ فمن معركة صيحة الفجر وشهدائها، وصولاً إلى معركة سيف القدس التي كانت علامة فارقة في مسيرة المقاومة، وفي مسيرة شعبنا، إلى عملية نفق الحرية التي أبدع فيها فرسان الجهاد الأبطال، فأحدثت أثرًا بالغًا ومريرًا في منظومة الأمن الصهيوني، والتي ترتب عليها تشكيل كتائب سرايا القدس المظفرة، على امتداد الضفة الغربية الباسلة، ونقلت المقاومة نقلة نوعية، ما جعل العدو يشن عدوانًا كبيرًا على قطاع غزة، وعلى حركة الجهاد، في معركة وحدة الساحات، عام 2022، فصمدت حركتنا، وقاتلت، وودعت ثلة من شهدائها الكبار.
وفي عام 2023 شن عدوانًا آخر، في معركة ثأر الأحرار التي كانت واحدة من أهم المعارك التي خاضتها حركتنا، على مدار خمسة أيام متواصلة، كانت فيها كل مدن العدو ومستوطناته تحت مرمى صواريخ سرايا القدس. وبالرغم من فقداننا ثلة من أعز إخواننا في قيادة السرايا، لكننا خرجنا من هذه المعركة مرفوعي الرأس، وأكثر قوة، وأكثر بأسًا، وسلاحنا بأيدينا.
وبقيت جنين بأهلها، وكتيبتها التي خاضت معركة كبرى، معركة بأس جنين، دافعت فيها عن المخيم، وانكفأ العدو. وما زالت كتائب حركتنا حاضرة، تقاتل وتدافع عن الشعب الفلسطيني، على امتداد الضفة الغربية؛ من كتيبة طولكرم التي تصدت لعدوان كبير على مخيمها، إلى كتيبة نابلس، وكتيبة طوباس التي لم يتوقف حضورها عن الجهاد، وعن المقاومة، إلى كتيبة جبع، وكتيبة عقبة جبر… وقد قدمت كل كتائبنا العشرات من المقاتلين الشهداء، إنهم جميعًا نجوم مضيئة في سماء فلسطين، وتعرض العديد من مقاتلينا للاعتقالات والإصابات، من العدو ومن السلطة.
وبهذه المناسبة، أدعو السلطة الفلسطينية إلى الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين والمقاومين، والتي بسببهم أفشلت لقاء الأمناء العامين.
وأختم بالشهداء القادة، قمري الجهاد؛ الدكتور فتحي، والدكتور رمضان، والشهيد الشجاع خضر عدنان…
وفي نهاية كلمتي أؤكد على ما يلي:
أولاً: أننا سنبقى أوفياء لأرواح شهداء شعبنا جميعهم، على أن نستمر في جهادنا حتى الانتصار على المشروع الصهيوني.
ثانيًا: أن وحدة شعبنا وقوى مقاومته واجبة وضرورة من أجل تحقيق أهداف شعبنا بالحرية والانتصار.
ثالثًا: ضرورة الاهتمام بالحاضنة الشعبية للمقاومة، في الضفة الغربية، وقطاع غزة، وتقدير صمودهم وتضحياتهم.
رابعًا: أن الضفة الغربية، بكتائبها المقاتلة وشعبها البطل، تمثل رأس حربة في مشروع المقاومة واستمرارها.
خامسًا: أن المقاومة بكل قواها، في قطاع غزة، ستبقى سندًا حقيقيًّا لشعبنا، وجزءًا أصيلاً من مقاومته، وامتدادًا للمقاومة في الضفة الغربية الباسلة، وكتائبها المقاتلة.
سادسًا: أن قضية الأسرى وحريتهم يجب أن تبقى همًّا يوميًّا لدى قوى المقاومة حتى تحريرهم.
سابعًا: أهمية وحدة قوى المقاومة في المنطقة، في مواجهة المشروع الصهيوني، وعلى رأسهم الجمهورية الإسلامية في إيران، وسوريا، وحزب الله.
ثامنًا: أننا والإخوة في حركة حماس، وقوى المقاومة في فلسطين، سنبقى صفًّا واحدًا، حتى تحقيق أهداف شعبنا بالحرية والتحرير.