في الذكرى للاتفاق التحرر من اوسلو بين الأقوال والأفعال
بقلم: د. صلاح عبد العاطي
حكمة الزمن تقول أن لا شيء يدوم. إذاً المراحل الماضية لم تدم ولذلك هذه المرحلة لن تدوم.
يقف الفلسطينيون اليوم بعد ثلاثين عاما من أوسلو أمام أزمة شاملة، تتعلق برؤية الفلسطينيين لأنفسهم، ولطبيعة صراعهم مع عدوهم، وتعريفهم لمشروعهم الوطني، وتحديدهم لطرق نضالهم المناسبة والمجدية، وتصورهم عن مستقبلهم، وضمن ذلك تحديدهم للأفق السياسي الراهن لكفاحهم وتضحياتهم. بما يضمن تحديد ما الذي يريده الفلسطينيون على المدى البعيد؟ وما الذي يستطيعون على المدى القريب؟ وكيف يصلون لتحقيق أهدافهم الوطنية. الامر الذي يفرض دراسة الواقع والظروف والمتغيرات وتحديد الأولويات، وإمعان التفكير في كيفية صوغ رؤية جديدة لمشروعهم الوطني، علي اساس الثوابت الفلسطينية وقرارات الإجماع الوطني التي تؤكد علي ضرورة التحلل من قيود والتزامات اتفاق أوسلو ، وبنا يمكن من إعادة بناء مؤسسات النظام السياسي علي أسس الشراكة والديمقراطية وانتخاب مجلس وطني يقر البرنامج الوطني والاستراتيجية الوطنية الشاملة وينتخب قيادة موحدة تتابع النضال من أجل تقرير المصير ولحينها مطلوب تغيير وظيفة السلطة ووقف تحولها لوكيل للاحتلال من الباطن بجعلها سلطة خدامة للمشروع الوطني ومعززة لصمود الناس والتحرك لتجسيد دولة فلسطين وتدويل الصراع وتوظيف طاقات الشعب الفلسطيني في مواجهة التحديات الوطنية والإنسانية بما يراعي أفق المستقبل، وظروف الحاضر، والحقوق الوطنية ومعايير القانون الدولي والدولي الإنساني، واعتبارات الحقيقة والعدالة، لإعادة بناء حركتهم الوطنية وكياناتهم السياسية على هذا الأساس.
فلسطين فكرة وليست فقط أرضاً أو تاريخاً ضائعاً، هي فكرة إنسانية كبرى ، لأنها اعدل قضايا الكون، و لانها كذلك يؤمن بها كل حر في العالم ..
وبعد ثلاثون عاما من أوسلو ما تركة منذ تداعيات كارثية علي الشعب والقضية ، الم يحن الوقت لطرح الاسئلة الصحيحة عن اسباب استمرار تمديد الاتفاق المؤقت؟ وعن اسباب اخفاقنا المتواصل في الوصول لتحقيق الأهداف الوطنية وحتي استعادة الوحدة وإعادة بناء مؤسسات النظام السياسي؟ هل يمكن في ظل استمرار التمسك بالاتفاقيات وأداء السلطة السياسي والامني والاقتصادي والقانوني والدبلوماسي واعفاء الاحتلال الإسرائيلي والاستعمار الاستيطاني العنصري من أعباءه؟ واعفاء العالم والعرب من كلفة التقاعس والتيسيس و التطبيع وازودجية المعايير في عدم انفاذ قرارات الأمم المتحدة ؟ هل يمكن في ضوء استمرار التنسيق الأمني وسيطرة الاحتلال علي الاقتصاد الفلسطيني وتفويضه بجمع الضرائب أن نعزز صمود الشعب ونحمي شعبنا من البطالة والفقر والهجرة ؟، هل يمكن في ظل الأداء الرسمي الحالي أن نحمي شعبنا من اعتداءات المستوطنين وجنود الاحتلال ونحافظ على منجزاتنا النضالية والدبلوماسية؟
وهل هناك من لا يزال يعتقد أن مهادنة الصهيونية واقتسام الوطن معها أمر لا زال ممكن ؟
هل يمكن في ظل الانقسام وتعطل مؤسسات النظام السياسي وغياب الانتخابات أن نوقف الانحدار والتدهور و الفساد وانتهاك الحقوق والحريات ؟
ولماذا نهرب من تقديم الاجابات لمواجهة التحديات الوطنية والإنسانية ؟ ولماذا نتمسك بتسجيل المواقف فيما العجز عن مواجهة الذات والقيام بالمراجعات لتحديد أسباب الخفاق والقصور في كافة المجالات ؟
الي متي تبقي حالة التفرد والانتظارات والاستجابة للضغوط والرهان علي التغييرات الإقليمية والدولية ؟
لماذا فشلنا في تقديم البدائل واجتراح خارطة طريق وطنية والاتفاق علي استراتجية نضالية وقيادة موحدة ؟
هل يمكن بلورة كتلة شعبية ضاغظة لقيادة تحرك جماعي وطني لضمان الاستجابة لنداء الشعب في إجراء الانتخابات الشاملة وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وتغيير وظيفه السلطة لتصبح خادمة للشعب والمشروع الوطني بدلا من انحدارها لوكيل أمني للاحتلال ؟ وهل يمكن بلورة جبهة مقاومة موحدة لقيادة النضال الشعبي ؟ والي متي يستمر الرهان علي دعم بعض القوي الإقليمية والدولية ؟
ختاما يعد الفعل الفلسطيني قاطرة الفعل العربي والدولي، ولأن النهوض الوطني المقاوم لن يكون إلا فلسطيني ؟ ولان الثوابت الوطنية والديمقراطية والمشاركة والقبول بالتعددية والايمان بوحدة الشعب والقضية والمصير المشترك هي أسس العقد الذي ينبغي لقوي الشعب الايمان بها والعمل بموجبها وبما يفرض إرادة الشعب لتغيير السياسيات والشخوص واجتراح الوسائل النضالية و فعل التغيير المطلوب لحماية الشعب والحقوق الوطنية .
ورغم كل الاضاءات الوطنية والإنسانية وحجم التضحيات الكبير الذي قدمه الشعب الفلسطيني ، يبقي سؤال ما العمل ومن يعلق الجرس قائما ..