المولد الرابع.. صرخات الغزيين تخطت درجات الحرارة
بقلم| عبد المنعم فياض سعدون
يعاني قطاع غزة منذ أن فرضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي حصاراً على القطاع، من انقطاع مستمر للكهرباء بشكل يومي، في ظل الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، يشكو سكان القطاع، من ساعات طويلة من القطع في الكهرباء، الأمر الذي أدى إلى غضب كبير أظهرته مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة ،من خلال حملة إلكترونية تطالب بتشغيل المولد الرابع في محطة توليد الكهرباء وأثارت الأزمة موجة غير عادية من السخط والاستياء على وسائل التواصل الاجتماعي
ماذا يعني تشغيل المولد الرابع بالنسبة للأهالي؟ ” في حال تشغيل هذا المولد من شأنه دعم جدول توزيع الكهرباء المعمول به بكمية كهرباء تقدر ب 20 ميجاوات وهي كمية ليست كبيرة ولكنها ستمكن شركة توزيع الكهرباء من تطبيق جدول ثمان ساعات وصل التيار بشكل كامل مع إمكانية تطبيق بعض الزيادات في ساعات الليل. وتتراوح احتياجات قطاع غزة من الكهرباء في الأيام العادية ما بين 450 إلى 500 ميغاوات، وتزداد هذه الاحتياجات في ذروة فصل الصيف لتصل إلى (600) ميغاوات، بمعني أن العجز تقريبا 50% من احتياجات قطاع غزة من الكهرباء. ويبقى التساؤل المطروح من قبل الغزيين والذي يحتاج إلى إجابة وافقة، “هل أزمة انقطاع الكهرباء أزمة مفتعلة؟؟ ومن يتحمل مسؤولية أعباء انقطاع الكهرباء الذي يؤثر سلباً على حياة المواطنين؟
مع ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة العالية واستمرار أزمة انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، يعيش المواطنون في غزة حياة بؤس.. في ضوء الاتجار بأسعار الكهرباء عبر المولدات، وفوضى منتشرة في قطاع غزة. ويعد الاحتلال الإسرائيلي مسببًا رئيسيًا الأزمة، بدءًا باستهدافه المباشر لمحطة التوليد، ورفضه السماح بإدخال معدات المحطة، وربطه السماح بإدخال الوقود ضمن مساومات سياسية، كما أدى الانقسام السياسي إلى خلق ازدواجية في المسؤولية عن المحطة وقطاع الكهرباء في قطاع غزة ككل؛ نظرًا إلى حالة التشابك بين الإدارات على صعيد المسؤولية تجاه توريد السولار .ولا يمكن بأي حال من الأحوال إغفال تأثيرات الحصار الإسرائيلي الخانق الذي فُرض عقب سيطرة حركة حماس العسكرية على القطاع عن تداعيات هذا الخلاف، وما رافقه من زيادة الفجوة في القرارات بين طرفي الانقسام.
وتتمثل أسباب الخلاف بين طرفي الانقسام في النزاع على الشرعية والمسؤولية بشأن هذا الملف. ففي الوقت الذي رأت فيه السلطة الفلسطينية أنها الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين، وأنها يجب أن تتلقى الأموال المحصلة من غزة، ثم تعمل على سداد ثمن الفواتير، وإرسال كميات الوقود اللازمة بمحطة التوليد، رأت حركة حماس أنها الحكومة الشرعية القائمة وإلى جانب ذلك، تبرز أسباب فنية متعلقة بمتابعة الكشوفات المالية الخاصة بالتحصيلات من المشتركين في القطاع، وحجم الأموال المحصلة، وآليات التسديد والدفع، مرورًا بالملف الفني الخاص بالصيانة والمعدات اللازمة لتطوير الشبكة
وبالرغم من أن حماس تدير السلطة الحاكمة لقطاع غزة بشكل تام، فإنها تلقي ملف الكهرباء دائماً على عاتق السلطة الفلسطينية التي تدفع فاتورة الخطوط الإسرائيلية والمصرية وتمول ثمن الوقود، وفي ملفات أخرى أيضاً تظهر حكومة غزة كمن يريد الحكم دون بذل أي تكلفة خدماتية أو تطويرات في البنى التحتية والقطاع المؤسسي والمجتمع المدني، فقط تريد مكاسب ذلك الحكم، ولتتحمل السلطة الفلسطينية نفقات قطاع غزة، فحكومة غزة غير متفرغة لهذه الملفات الهامشية، وأمامها مع الفصائل الإسلامية والوطنية رحلة طويلة من الإعداد والتجهيز “لمعركة تحرير فلسطين ،
لقد كان على حماس أن تتولى مسؤولية سيطرتها على قطاع غزة بشكل أكثر موضوعية وأخلاقية، فبدلاً من المراهقة السياسية وتقديم مصلحة الحزب الحاكم على حق المواطن في الحياة الكريمة، كان عليها أن تصنع توازناً بين احتياجاتها كسلطة حاكمة، وبين احتياجات الشعب ليحيا بالحد المعقول من الحياة الطبيعية، لكنها اختارت أن تستخدم إسرائيل كمسوغ جاهز لأي شيء سيئ من الممكن أن يحدث، لتستمر بعد ذلك في تضخيم ثرواتها وتوطيد علاقاتها مع الجهات الخارجية الداعمة للقضية الفلسطينية، كل ذلك والمواطن الفلسطيني يعيش حياةً لا تطاق بين فقرٍ وبطالة وأوهام وانعدامٍ للأفق مع غياب تام لشكل المجتمع الطبيعي
منذ سنوات، يدور الحديث في قطاع غزة عن مشاريع يتم تنفيذها من أجل المساهمة في التخفيف من الأزمة، أو مشاريع ذات طابع إستراتيجي تستهدف القضاء على المشكلة من جذورها، إلا أنها لم تصل إلى مرحلة التنفيذ الحقيقي ومنها مشروع غاز مارين ويقدر الاحتياطي في الحقل 1.1 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، أي 32 مليار متر مكعب، يعادل طاقة إنتاجية 1.5 مليار متر مكعب سنويا لمدة 20 سنة لتشغيل التوربينات في محطة التوليد ووجود الغاز بحد ذاته لا يولد كهرباء، الغاز يخفض تكاليف انتاج الكهرباء في محطة التوليد ولا يزيد كمية الكهرباء المولدة من التوربينات، يعني توفر كل الغاز في العالم لن يزيد انتاج محطة التوليد عن الحد الأقصى التصميمي لها وهو 120 ميغا وات / ساعة بافتراض تشغيل المولد الرابع.
موضوع الجباية هو جوهر الأمر في أزمة الكهرباء الحاصلة في قطاع غزة، وللأسف الشديد السلطة الوطنية هي من تدفع فاتورة الكهرباء عن غزة، وهناك من يجبي من المواطنين سعر الكهرباء ولا تستفيد منه كهرباء غزة مطلقاً. والمطلوب باختصار أن يكون هناك جباية أولاً من الجميع من كافة المؤسسات الموجودة، ويتم استثمار هذا المبلغ في تحسين الكهرباء بتشغيل المولدات الموجودة التي تحتاج إلى وقود، وهذا الوقود يتم شراؤه من الطرف الإسرائيلي، والمطلوب تشغيل كافة المولدات الموجودة وهذا يتطلب توفير الأموال، والأموال موجودة بفعل الجباية، ناهيك عن أن السلطة الوطنية هي من تدفع الكهرباء التي تأتي من إسرائيل وهذا هو جوهر الموضوع. وعلي الجميع أن يلتزم وتحديداً المؤسسات الرسمية في قطاع غز بدفع ما تستهلكه من كهرباء،
كما أن هناك ضبابية في موضوع الكهرباء وهذا يعود لغياب الشفافية والوضوح والمحاسبة على الأداء وليس المحاسبة على الفواتير، كما ان محاولة البعض تحويل الموضوع الى مشكلة جباية فهذا مزعج جدا لأنه بفرض التحصيل 100 % من كافة الفواتير فأن كمية عرض الطاقة غير كافية. أن موضوع الجباية مهم لتشغيل الأعمال اليومية لشركة توزيع الكهرباء التي تعاني من مشاكل كثيرة وجزء كبير من تلك المشاكل تخص النمط الإداري وموازين القوى وان منظم الخدمة شريك في الشركة وأمور كثيرة. ان عدم وجود منظم خدمة محترف وليس له مصلحة مع مزودين الخدمات هو امر أساسي من اساسيات حوكمة الإدارة العامة.