أخــبـــــار

ليلة دامية بدلت فيها “حوارة” رداءها الأبيض بثوب الحداد

نابلس- المواطن

مدلين خلة

ليلة ليس لها مثيل، دامية ومليئة بالحزن والآهات، خلعت فيها بياضها الناصع وارتدت ثوب الحداد الأسود المغبر بدخان النيران التي أُضرمت في منازل وأملاك ساكنيها، بكت بحرقة على ثرواتها التي نهبت وسرقت عندما دخل المستوطنون إلى صدر بيوتها دون إذن أصحابها ولا هي، هكذا باتت حوارة ليلة الأحد- الاثنين الماضية.

ليلة لم يزر فيها النوم حوارة ودعها وتركها تبكي نفسها وما جرى لها، كانت ليلتها تستعد لتغط في نوم عميق جهزت فراشها وتناولت ما تيسر لها من طعام على مائدة جمعت كافة ساكنيها براحة وطمأنينة، لم تضع لقمتها الأولى بفمها إلا وسيل من قطيع المستوطنين العاشقة للدماء تنهش كل ما تراه أمامها من أخضر ويابس.

تفرق كل شخص واحتمى ببيته خشية أن تلتهمه شراسة القطيع الذي تجاوز عدده الـ150 مستوطن، ضن ان بيته سيكون ملجؤه من غضب جامع تكتنفه نفوس المستوطنين، وكأنهم ذئاب مفترسة رأت فريستها أمامها فأخذت تنقض عليها دون رأفة ورحمة بصياح صغار وعجز كبار وقلة حيلة بيد شباب.

لم يعد هناك مكان آمن فالأرض قد لفضت نيران بطنها بأيدي المستوطنين على منازل المواطنين وممتلكاتهم من سيارات وبركسات ومحال تجارية جميعه أضرمت فيه النار وتحولت السماء من زرقاء صافية إلى حمراء متوقدة.

لحظات مرعبة عاشها الأطفال بين أحضان والديهم الذين أخذوا على عاتقهم ايجاد مكان آمن لتوفير الحماية لأبنائهم بأي وسيلة كانت ولو كانت حياتهم الثمن، فكانت الغرفة التي تطل على الحارة الثانية بضوء خافت جدا لا يرى منه الكثير، لسانهم ينطق بذكر الله والشهادتين كيف لا وهم بين ثلاث احتمالات احلاهما مر، فإما أن يموتوا خنقا من الغاز والدخان المتسرب للمنزل، أو أن يتمكن المستوطنون من خلع الأبواب عليهم، أو أن يخرجوا لهم خارج البيت بعد ضيق نفس طويل فيموتوا على باب بيتهم.

وكان القطيع لديه مهمة عليه انجازها وإلا فالعقاب من سيدهم سيواجههم، تفرق المسوطنون قسمين قسم أخذ على عاتقه حرق المنازل وتخويف السكان وحرق السيارات والعقارات، وقسم آخر عليه أن ينهب بقدر ما يستطيع وأكثر مما يستطيع من أموال وبهائم وما يمكن سرقته من سكان البلدة.

ساعتين كأنهما دهرا تحولت فيها حوارة من خضراء يانعة بهية إلى رماد وركام ومنازل محترقة مجزرة ارتكبت هنا لا يوجد أحد في البلدة إلا وقد تضرر في هذه الليلة، وكأن بركانا من باطن الأرض نفذ ما ببطنه وكانت حوارة ملجأه.

خمدت النار التي أضرمها المستوطنون في بيوت وأملاك أهالي البلدة إلا أن نيران الحسرة والألم بدأت تشتعل في صدر مالكيها فخسائر فادحة تكبدها المواطنون هناك، سيارات وعقارات وحواصل ومنشآت وممتلكات عامة، صورة احتضنها أهالي حوارة في ذاكرتهم لن تمحوها أيام ولا سنين.

ليلة دامية انتهت باستشهاد سامح أقطش (37 عامًا) وأكثر من 390 إصابة تنوعت بين رصاص وطعن بسكين وضرب واختناق، على إثر حرق المنازل وإلقاء قنابل غاز ألقاها جنود الاحتلال، كانت حصيلتها إحراق أكثر من 100 سيارة، و35 منزلاً بالكامل و40 جزئيًا إلى جانب تخريب ممتلكات ومنشآت ومرافق عامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى