أنقاض بلا ثمن: حين يصبح الركام حلم العودة
كتبت : نور الحلو
بين أنقاض الخراب وأمل العودة
انتهت الحرب بصوت صواريخها الذي اختفى تاركًا وراءه وطنًا يئن تحت وطأة الخراب وفي الوقت الذي بدأ فيه الجميع يترقب بدء تنفيذ وعود العودة المترقبة وإعادة الإعمار يظل النازحون رهائن لسؤال مصيري: إلى أين سنعود؟ وكيف يمكننا العودة إلى ركام كنّا نسكنه بينما لا تزال ديونه تثقل كواهلنا ولم تُسدّد؟
الحرب لم تكتفِ بسلب أرواح الأبرياء وهدم البيوت بل خلّفت آثارًا اقتصادية واجتماعية تُثقل كاهل كل فرد في المجتمع اليوم يجد المواطن الذي لجأ إلى القروض في الفترة السابقة للحرب لتحسين أوضاعه المعيشية نفسه في مواجهة كارثة جديدة تهدد كيانه وكرامته.
الحياة بعد الحرب .. بين اليأس والانتظار
عشرات الآلاف من النازحين تركوا بيوتهم تحت جحيم القصف ليجدوا أنفسهم بلا مأوى وأمامهم جبل من الديون المتراكمة هؤلاء الذين كانوا يملكون يومًا عقارات تحوّلت ممتلكاتهم الآن إلى أكوام من الحجارة والتراب وهم لا يدرون إن كان بإمكانهم العودة إليها أو إذا ما كانوا سيفقدونها للأبد.
القلق يتعاظم بين هؤلاء النازحين مع ارتفاع التساؤلات حول مستقبلهم كيف سيتم التعامل مع القروض السكنية التي كانت مفروضة عليهم؟ هل ستبدأ الجهة المموّلة بمطالبتهم بتسديد هذه القروض فورًا؟ أم أن السلطات العليا ستتدخل بحلول شاملة وفعالة لحمايتهم من أن يصبحوا مجرد أرقام تُضاف إلى قوائم الديون المُعسِرة؟
رُكام لم يُسدد ثمنه بعد .. الواقع المؤلم هو أن غالبية النازحين كانوا يعتمدون على القروض لتغطية احتياجاتهم اليومية والحياتية لا سيما تلك التي تُمنح من البنوك والمؤسسات التمويلية ومع بدء العدّ التنازلي لعودة النازحين للشمال والتسجيل إعادة الإعمار يخشى الكثيرون من أن يصبحوا هدفًا مباشرًا لهذه المؤسسات التي ستطالب بسداد الأموال التي أُنفقت على بناء منازل لم تعد موجودة.
أحد النازحين عبّر عن إحباطه قائلاً: لقد خسرت بيتي وكل ما أملك والآن يتوقعون مني أن أسدد ثمن حطام هذا البيت؟ هل هذا عدل؟
الحاجة لتدخل الجهات العليا .. لا يمكن حل هذه الأزمة دون تدخل الجهات الحكومية العليا والمؤسسات الإنسانية والدولية فالقضية هنا ليست قضية أفراد فقط بل قضية شعب بأكمله إن الغالبية العظمى من النازحين هم من الطبقة الكادحة التي باتت على شفا الانهيار وسط معاناة اقتصادية تكاد تكون غير مسبوقة.
يناشد المواطنون الجهات المعنية لوضع خطة شاملة تشمل:
تجميد ديون المتضررين بشكل مؤقت لحين إعادة تأهيل منازلهم واستعادة حياتهم الطبيعية.
تقديم دعم مالي مباشر أو تسهيلات للإعمار بما يُخفف العبء عن كاهل المواطنين الذين لا يملكون حاليًا أي مصدر دخل ثابت.
تشكيل لجان متخصصة لمتابعة حالات النازحين والتأكد من أن القروض السابقة لن تصبح سيفًا مسلطًا على رقابهم.
المسؤولية المجتمعية والدولية .. لا يمكن أن يترك الشعب وحيدًا في مواجهة تبعات الحرب وعلى المجتمع الدولي الذي شارك بشكل مباشر أو غير مباشر في هذه الأزمة أن يتحمّل نصيبه من المسؤولية من خلال تقديم الدعم المالي والتقني لإعادة بناء المنازل والبنية التحتية التي دُمرت.
كما يُتوقع من مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص أن تسهم في التخفيف من معاناة الناس قد تكون هذه المرحلة فرصة لتعزيز مفهوم المسؤولية المجتمعية لتتحول الأزمات إلى محفزات للتغيير الإيجابي.
شعب يبحث عن وطن .. بين ركام البيوت المدمرة وديون تُثقل الكاهل يقف المواطن النازح في مواجهة مصيره المجهول حاملاً أحلامه وأطفاله وعائلته في قلبه لكنه لا يملك سوى الأمل في أن تتحرك الجهات المسؤولة لإنقاذه من هذا الواقع المرير.
اليوم يُختبر ضمير الإنسانية فهل ستسمع الحكومات والمؤسسات صوت هؤلاء المقهورين الذين لا يطلبون أكثر من أن يعودوا إلى وطن يُشبه الوطن؟ أم أن الصوت الأعلى سيبقى لصدى الحرب متجاهلاً معاناة شعب بأكمله يبحث عن كرامته؟