الأدوية المسروقة وغلاء أسعارها
كتب الدكتور الصيدلاني سلامة شلح
هناك ما يزيد من قساوة الايام في ظل الحرب المستمرة بالإضافة الدمار والإبادة و الفقد التي خلفته الحرب ، هي تلك الظواهر التي لم نعتاد على عليها وليست من عاداتنا ولا تقاليدنا الدينية أو الشعبية كالسرقة والاحتكار والغلاء وغياب الأمن والتكافل الاجتماعي وغيرها وكل ذلك نتيجة غياب المنظومة الأمنية والحكومية والانضباط كما كان قبل الحرب ..
وأصبح واقع الحال في حياتنا اليومية من الواجبات أن تحمي نفسك وأهلك وتكون المسؤلية مباشرة على الفرد أو رب الأسرة و تطالع بشكل يومي احوال البلد من توافر السلع الأساسية وأسعارها إن وجدت ..
ولست بصدد تناول الموضوع من جانب فقهي أو اسلامي وجواز ذلك من عدمه فهو متروك لذوي الاختصاص وأهل الفتوى بعد فلتان زمام الأمور للأسف أصبح الكل يفتي لنفسه ولأهوائه متستراً خلف الظروف ..
وبالنسبة للجانب الصحي ونحن على اطلاع مباشر بشكل يومي على الحالة الصحية اود تناول موضوع هام يخصنا جميعا وهو مدى توفر الأدوية والتعامل بها حيث نعلم أنه كلما طالت الحرب وإغلاق المعابر اشتدت الايام وازداد التدهور الصحي وشح الأدوية فما يُستهلك لا يأتي غيره ، و نبقى ننتظر وقف الحرب وانتهاء هذه المعاناة واكثر من عملية التنفس .
إن استمرار العمل الصحي في هذه الظروف السيئة هو من أكبر التحديات التي لا نزال نحاول الحفاظ عليها ولا ندع مجالا أو محاولة لم نستخدمها في الحفاظ على صحتنا وصحة أبناء شعبنا المقيمين أو النازحين وتعزيز الجانب الصحي مسؤولية كبيرة وعامة على الجميع بالإضافة للعاملين فيه بشكل خاص .
وبدلاً من توزيع الأدوية على المحتاجين والمرضى بالمجان في المؤسسات الصحية الحكومية أو الغير حكومية المتوفرة نتابع
وجود الأدوية على قارعة الطريق وفي ايدي العامة من يجهلونها ويجهلون قيمتها يتم تداولها في سوق سوداء تحول فيها الدواء من علاج إلى سلعة عرض وطلب كل يوم في حال وسعر ! تم الحصول عليه بالسطو والسرقة من مخازن الأدوية التي تم قصفها أو تدميرها أو مساعدات قادمة ومن جهة أخرى بالاحتيال على العاملين في القطاع الصحي وادعاء المرض وسحب الأدوية من المراكز الصحية أو النقاط الطبية وبيعها والاتجار بها بحجة تدهور الوضع الاقتصادي ولا يوجد دخل مادي في الحرب .
غياب الضبط الحكومي والدور النقابي تحولت فيه المسؤولية إلى وازع شخصي واصبح العاقل حيران بين أن يوفر تلك العلاجات و الأصناف لمعالجة المرضى وبين الامتناع عن المشاركة في العبث من منظور نقي اعتاد النظام والقانون .
و ختاماً أوجه رسالة لكل العاملين والمهتمين بالشأن الصحي وتوفير الأدوية والنهوض بالصحة العامة ، توخي الحذر في الحفاظ على الأدوية وعدم التفريط بها بالتوزيع العشوائي واتخاذ سياسة إدارية وخطط محكمة للعمل الصحي حسب الحالة المرضية ، وبالنسبة لتداول الأدوية بين الصيدليات والمستودعات الدوائية و الصيدليات والصيادلة بشكل عام المحافظة على اسعارها وعدم المشاركة في سوء المنظومة الصحية بالاتجار الفاحش والغلاء في أسعار الأدوية وعدم السماح للمتطفلين والمتجولين من غير اهل التخصص والتعامل معهم حيث أن أغلب من يتداول بهذه الأدوية في هذه الأيام يعلم مصدرها يشارك في الجريمة وعليه عدم التعامل بها وردها إلى جهتها ومن لا يعلم بمصدرها عليه أن يحافظ على إيصالها وتوفيرها بالسعر المناسب الذي لا يزد على المريض ألمه وعلّته وهو يشتري أدوية بأسعار غالية غير متابعة أو مسجلة بالأصول وهي أساساً ليست للبيع او كانت توزع مجاناً .
خاصة في أيام نحن بحاجة للوقوف بجانب بعضنا البعض حتى تنقشع هذه الغمة ..