5 أشهر من الاعتقال لم تشفع لأسرى غزيين فكان الإفراج حكاية ألم جديد
المواطن – مدلين خلة
ألم ووجع استقر بين أضلاع قلوب أنهكها ضرب وتعذيب وتنكيل داخل معتقلات الاحتلال الإسرائيلي ودون توجيه تهمة الا كونهم يقطنون المناطق التي ادعى الجيش الإسرائيلي أنها آمنة عند بدء العملية العسكرية على خانيونس في ديسمبر/ كانون أول الماضي عاش المعتقلين بالسجون الإسرائيلية أيام أقل ما يمكن وصفها بأنها عذاب كعذاب جهنم.
حبس وليد أبو دقة مع عدد كبير يتجاوز ال 500 أسير غزي اعتقلوا من خانيونس جنوبي القطاع، داخل معتقل صغير لا يكاد يتسع إلى عشرين شخصا عاشو أصعب لحظات عمرهم مكبلي الأيدي والارجل ومعصوبي الأعين لمدة أسابيع دون السماح لهم بتناول اي صنف من الطعام او حتى شربة الماء محرمة عليهم.
هنا حيث العذاب انهالت الذي لا يفرق بين رجال أو نساء أطفال وصغار او حتى ذوي احتياجات خاصة، لم يراعي فيها الجيش الذي يصف نفسه بأنه الأكثر أخلاقية في العالم حرمة النساء وقهر الكبار وعجز الصغار.
تجرع وليد وبدر أحد رفاقه الستة الذين أفرج عنهم من بوابة زيكيم مرارة البعد عن ذويهم مرتين مرة حين اعتقالهم واقتيادهم إلى جهة مجهولة والمرة الأخرى حين وجدوا أنفسهم بشمال القطاع لا جنوبه.
” شفنا أيام ما بتمناها لعدو كنا بكل فترة نتعرض لنوع تعذيب جديد فش رحمة هناك ضرب وسحل وتنكيل وتكسير عظم وفي ناس اتقطعت أطرافها وهي بتتعذب والتهمة ما عارفين شو هي”.
ازاح وليد دمعة خذلت كبرياء الرجولة داخله وهو يتابع حديثه لـ“المواطن”: “ما في فرق بالتعذيب بين شاب وكبير بالسن او طفل حتى أصحاب الإعاقة كانوا يتعرضوا لتعذيب كبير كان الجيش يربط أيديهم وراء ظهرهم لفترة تزيد عن أسبوع وبس هو يصير يصرخ من الوجع كانوا يضربوه ضرب مبرح يسيل الدم من جلدهم كان اليهود يستفزو مشاعرنا بافعالهم مع ذوي الحالات الخاصة ولكن ما باليد حيلة كنا مربطين واذا نطقنا بحرف ما نعرف من وين الضرب بوقع علينا او على أي مكان بجسمنا”.
بصوت متعب ووجه شحب من كبر حجم الالم والوجع يحكي وليد تفاصيل مجزرة شنيعة يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى الغزيين “اقتاوني مع عدد كبير من الاشخاص من خانيونس وكلبشوا ايدينا بالحديد وحطونا بقفص كبير بدون ما نعرف وين رايحين وليش أخذونا، حطوا الذكور بقفص والنساء بقفص لعند ما وصلنا مكان واسع وفيه أقفاص حديد أكبر من الي كنا فيها ما بنعرف خارج القطاع ولا داخله بس الي بنعرفه انو النساء راحن مكان ثاني”.
يستذكر اصعب لحظات عمره كما وصفها أبو دقة فيقول:” دخلونا على الاقفاص الأكبر وتركونا ثلاثة أيام دون أن يأتي أحد ليخبرنا لماذا اصطحبونا معهم؟ أو التهمة التي يوجهونها لنا، حتى الاكل والشرب كان ممنوع خلال هذه الأيام الثلاث، كنا ننظر لبعضنا دون النطق بأي حرف، كل واحد فينا جواه مليون سؤال ولكن أهم هذه الأسئلة هل سنلتقي أهلنا مجددا؟”.
يسترسل الأسير المحرر حديثه: ” بعد الثلاث أيام نقلونا على غرف التحقيق والتعذيب وكانوا يوجهوا النا أسئلة من ورا الشمس ما بنعرف شو الإجابة وكان تركيز الأسئلة، بتعرف وين الرهائن الاسرائليين، وين كنت يوم 7 أكتوبر، وأسئلة ذات طابع فصائلي عن حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، واجباري انت بدك تجاوب حتى لو ما بتعرف شي”.
ويتابع “كنا نسمع صراخ الأطفال وأصحاب الاحتياجات الخاصة والنساء وهم بتعذبوا وما نقدر نعمل الهم شي نتخيل وضعهم تحت التعذيب يطير النوم من عيونا، وكانت اليهود تعرف انا بنتألم لوجعهم يزيدوا بالضرب والسب والشتم بأقبح الألفاظ كجزء من التعذيب النفسي”.
“كنا كل ما يكون في نقل جديد لمكان جديد ينادوا علينا نعرف انو رايحين ع موت جديد لان أسلوب التعذيب بكل مرة بختلف، كنا كتير نحكي هادي المرة ما رح نطلع عايشين كنا بمعركة كر وفر مع الموت وما متنا”.
“يوم الإفراج ما كنا بنعرف انو رح نطلع بالعكس مثل كل يوم نادوا على أسماء عدد من الشباب أنا كنت من ضمنهم، وبضع من النساء، ركبنا بالباص وعند نقطة معينة قال الضابط النا رح تنزلو هان بوابة زيكيم وممنوع اي حركة هيك أو هيك”.
صراع مع الزمن من أجل النجاة بحياتك فكل جزء من الثانية يحسب عليك “قبل ما ننزل من الباص أخذنا مجموعة من التعليمات، أي حركة مشبوهة الدبابة حول الباص رح تفعصك وانت بتجري اذا بتلتفت خلفك بتموت بطلق قناص، خرجنا من الباص وكل واحد يفكر بنجاته وبس عيوننا على بوابة زيكيم مو مصدقين انو لحظة الإفراج جاء وقتها ورح نشوف النور بدون ما ينحسب علينا”.
الحزن والحسرة تكوي قلب الأسرى الستة، فبعد خمسة أشهر من البعد عن أهلهم يكون جزاء صبرهم عذاب لا تحمله جبال، فيقول وليد :” احنا طلعنا من سجن صغير لسجن أكبر شمال القطاع مثل السجن لا حياة ولا أكل ولا شرب ولا مسكن، المفترض طلعنا على معبر كرم أبو سالم مش على زيكيم”.
ويتساءل الأسرى المحررون عن سبب الإفراج عنهم عبر بوابة زيكيم، وعن كيفية الوصول إلى جنوب القطاع مع إغلاق حاجز نتساريم أمام حركة العبور.
” بناشد كل حد عندو ضمير كل الجهات المعنية، الصليب الاحمر، أن ينظروا في قضيتنا برأفة ورحمة لان احنا هان ما عارفين نعيش، بدنا نحضن أهلنا بدنا نشوفهم، “.