لا شك أن ما يحدث في غزة أدمى قلوب العرب والمسلمين والإنسانية بأكملها، فعلى الرغم من استمرار القصف الصهيوني على القطاع الفلسطيني المقاوم للاحتلال على مر الزمان، إلا أن نيران الغيرة القومية لن تهدأ، فستظل فلسطين أبد الدهر، وسيظل الشعب الفلسطيني مثابرا على قضيته، مقدما روحه فداء الأرض والوطن، مستقبلا وابل الرصاص المتجدد يوميا من أجل تحرير الأقصى ونزع البذرة الفاسدة من أرض الأنبياء الطاهرة.
صدى طوفان الأقصى مازال يدوي، حتى تسبب في نكبة إسرائيلية كبيرة، تحاول تل أبيب الآن ردها بأبشع الطرق العسكرية والمجازر غير الإنسانية التي تركبها يوميا في ربوع الأراضي الفلسطينية وباحات المسجد الأقصى، وخلفت حرب إسرائيل على قطاع غزة كارثة إنسانية كبيرة، يحاول زعماء العالم الغربي غض بصرهم عنها في حماية صارخة وغير مقبولة لإسرائيل، في ظل استهدافها لأطفال وأبرياء غزة حتى خلفت أكثر من ألف شهيد و6 آلاف مصاب في حرب الإبادة على غزة حتى الآن.
انطلاق طوفان الأقصى.. لم يأتي من فراغ، فشنت كتائب القسام التابعة لحركة “حماس” هجوما بريا وبحريا وجويا على إحدى المستوطنات الإسرائيلية ومناطق في تل أبيب، بسبب إصرار جنود الاحتلال الصهيوني على اقتحام المسجد الأقصى وتدنيسه يوميا، مما اضطر حماس إلى محاولة الانتقام من مسلسل العدوان الإسرائيلي الذي لا ينتهي في محاولة لوضع حد فاصل لاقتحامات المسجد.. فلماذا يصر اليهود على تدنيس مقدسات الشعب الفلسطيني يوميا؟!
ما أثار الاستغراب في هذه الأحداث، هو دخول “حزب الله” على خط الحرب بإطلاق قذائف وصواريخ على مواقع إسرائيلية، مما أدى إلى رد إسرائيلي عنيف على مناطق غير مأهولة وخيمة أقامها الحزب عند الحدود الإسرائيلية منذ أشهر، وتسبب ذلك القصف في إصابة طفلين لبنانيين في المنطقة بشظايا الزجاج، فيما تصاعدت ردود فعل دولية داعية إلى التهدئة وضبط النفس.. فهل كان لبنان على استعداد لدخول معركة الحرب الآن؟
وأثار موقف “حزب الله” غيظ إسرائيل، خاصة بعد تأكيده أنه على اتصال مباشر مع قيادة المقاومة الفلسطينية في الداخل والخارج، وأعلن عن مسؤوليته عن قصف تجاه تل أبيب، وقال نصا في بيان له: “تضامناً مع المقاومة الفلسطينية المظفرة والشعب الفلسطيني المجاهد والصابر، قامت مجموعات الشهيد القائد عماد مغنية في المقاومة الإسلامية صباحاً بالهجوم على ثلاثة مواقع، هي موقع الرادار وزبدين ورويسات العلم، بأعداد كبيرة من القذائف المدفعية والصواريخ الموجّهة”، واستوجب هذا رد إسرائيل، بإعلان الجيش الإسرائيلي أنه نفّذ قصفاً مدفعياً على جنوب لبنان، رداً على إطلاق نار من المنطقة، وذكر في بيانه إن” المدفعية الإسرائيلية قصفت المنطقة التي جاء منها إطلاق نار في لبنان”، مشيراً إلى أن إحدى طائراته المسيَّرة قصفت موقعاً تابعاً لـ”حزب الله” في منطقة جبل روس، التي تسميها إسرائيل هار دوف في مزارع شبعا، موضحا أنهم على استعداد لمواجهة جميع السيناريوهات لحماية أمن إسرائيل.
ما سبق في رأيي يؤكد أن لبنان تقحم نفسها في حرب غير متكافئة، ليس مع إسرائيل فقط بل مع أمريكا وفرنسا وألمانيا ومع جميع الدول الغربية المناصرة لدولة الاحتلال الصهيوني، فلماذا تدخل “بيروت” في حرب خاسرة؟!
ما يمر به اقتصاد لبنان يؤكد على وجود ضائقة اقتصادية منذ ضرب مرفأ بيروت والمطار، فتعاني البلاد من أزمات في المحروقات والطاقة والدواء والغذاء وهذا بالتأكيد يلقي بظلاله على الشعب اللبناني ويعمق جراح المجتمع اقتصاديا بشكل كبير، واعتقد أن الاقتصاد اللبناني لن يتحمل كثيرا في ظل تراجع الإنتاج المحلي بسبب الأزمات الاقتصادية، وتراجع الخدمات الصحية بشكل كبير في ظل ضعف شبكة الحماية الاجتماعية.. فلماذا يصر حزب الله على إقحام لبنان في حرب خاسرة!
أيضا، دخول لبنان في الحرب سيؤدي بالتأكيد إلى إجراءات عقابية خصوصا من دول الغرب التي تدعم إسرائيل وعلى رأسها أمريكا، وهنا يخشى الشعب اللبناني من تبعات السياسية التي قد تجعل من بيروت “غزة جديدة”!.
بالتأكيد، الحرب تؤثر سلبا على مشروعات الاستثمار وتدفق رؤوس الأموال إلى أي دولة، كما أن رأس المال يبتعد تلقائيا عن مناطق الاضطرابات، فما بال لو حدث الأمر في لبنان!
في الحقيقة، أرى أن الشعب اللبناني لا يريد الحرب ولا يريد سيناريو مشابه لسيناريو غزة، بالتأكيد يدعم القضية الفلسطينية وأهالي غزة بكل ما أوتي من قوة، لكنه غير مستعد لدخول أي حرب حاليا حتى إن كانت حربا نفسية.
وفي النهاية دعنا نتساءل: هل من الممكن أن يتحمل “حزب الله” تبعات إقحام لبنان في حرب مع إسرائيل؟