هل ستؤول أحداث جنين لعملية عسكرية واسعة شمال الضفة؟ محللان يجيبان
خاص المواطن- مدلين خلة
بالرغم من الاقتحامات المتكررة لمخيم جنين إلا أنه لم تدخل الطائرات الحربية الإسرائيلية من طراز “أباتشي” و” إف16″، سماء المدينة، منذ أكثر ما يزيد عن 20عاما.
جيش الاحتلال الإسرائيلي أعلن استخدام الطائرات الحربية من طراز “أباتشي” خلال اقتحام قواته لمدينة ومخيم جنين صباح اليوم الإثنين وذلك بعدما كمن مقاتلي “القسام” و”سرايا القدس”، من كتيبة جنين للقوات المقتحمة للمخيم واكتشفوا القوة الخاصة وحاصروا آلياته المتمركزة هناك.
ولا تعتبر هذه المرة الأولى التي يكتشف فيها مقاتلو كتيبة جنين القوات الخاصة المقتحمة للمخيم، ولكنها الأولى التي يستخدمون فيها العبوات المحلية الصنع التي ضربوا فيها دبابات الاحتلال المتوجهة للمخيم.
وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الإثنين، إن عملية سحب 5 آليات عسكرية على الأقل تضررت من جراء استهدافها بالعبوات الناسفة في جنين “سيستمر لعدة ساعات، تحت إجراءات أمنية مشددة”.
وبحسب المتحدث العسكري الإسرائيلي، فإن الاحتلال عزز قواته في المنطقة ودفع بالمزيد من الآليات والعناصر للمساعدة في عملية سحب الآليات العالقة في جنين وتأمينها.
وقال إن ناقلة جند من طراز “بانتير” (فهد) تعطلت بعد تعرضها لانفجار عبوة ناسفة زُرعت في الطريق الذي انسحبت منه قوات الاحتلال التي نفذت عمليات اعتقال في جنين فجر اليوم.
وأسفر ذلك عن أضرار في إطارات المركبة وتعطلها في “نقطة يسيطر عليها (المقاومون في) مخيم اللاجئين”.
وقال إنه بعد انفجار العبوة الناسفة مباشرة، “بدأ إطلاق النار باتجاه الآلية”، مشيرا إلى أن هناك ما بين 5 إلى 7 آليات عسكرية عالقة في جنين، وقال إن القوات تعمل على سحبها ويتم العمل على إنقاذها بـ”مساعدة مُسيرات هجومية”.
وأشارت التقارير الإسرائيلية إلى تضررت محركات الآليات العسكرية الأخرى العالقة في جنين بنيران الشبان الفلسطينيين الذين حاولوا صد اقتحامات قوات الاحتلال، مما أدى إلى تعطيلها.
وأجمع محللان سياسيان في حديثهما لـ”المواطن”، أن ما حدث في جنين اليوم لن يخلص إلى عملية عسكرية واسعة في شمال الضفة، مشيران إلى أن استخدام الطائرات الحربية ليس إلا لتورط الاحتلال في جنين وعدم تمكنه من تنفيذ أهدافه التي خطط لها وإخراج جنوده بسلام من جنين.
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف، إن الاحتلال لديه تفكير جاد بتنفيذ عملية شمال الضفة منذ أسابيع واكثر ولكن على ما يبدو أن ما حدث اليوم سيعيد تفكير الاحتلال أن أي عملية شمال الضفة لن تكون سهلة بعد الكمين الذي نصبته المقاومة وأصابت فيه المقاومة ستة من جنوده بعضها خطير.
وأضاف، الصواف في حديثه لـ”المواطن”، أن ما حدث في جنين اليوم يدلل على أن المقاومة متطورة في ادواتها ووسائلها في التصدي للاحتلال والصمود، مشيرا إلى أن هذ الأمر لا يمنع الاحتلال من التفكير بشن عملية عسكرية ولكن الخسائر التي قد تصيبه تجعله يتردد في ذلك.
وتابع أن من يتابع الاعلام العبري وحديث قادته ومراسليه العسكريين تظهر له الصدمة والجهل لدى المخابرات والامن الصهيوني مما لدى المقاومة وهذا بكل تأكيد سنسمع ونشاهد ردود فعل غير عادية من قبل الراي العام الصهيوني على العملية وتطور المقاومة.
وشدد صواف على أن ما حدث في جنين صورة أولية سنشاهدها في كل المدن والمخيمات والقرى الفلسطينية وربما نشاهد أشد منها خاصة ان لدى المقاومة تطور واضح في الأدوات والأساليب والمراقبة لتحركات الاحتلال.
وأشار إلى أنه من المفترض على المقاومة ان تكون جاهزة حال تعرض ساحة واستفراد الاحتلال بها، والمطلوب ان تهب كل الساحات لمشاغلة العدو وفتح جبهات معه وهو وسيلة لكبح جماح الاحتلال.
وأوضح أن غزة جاهزة لو حاول الاحتلال العدوان وفي نفس الوقت المقاومة لن تنجر لأي استفزاز من قبل الاحتلال وهي تخطط لنفسها كيف تواجه الاحتلال وفق رؤيتها وليس لما يريد الاحتلال.
وبين أنه من الصعب اليوم استدراج الاحتلال للمقاومة لمعركة يعد العدة لها والمقاومة لها ما تقوله حال تعرضت لعدوان من قبل الاحتلال.
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي أن استخدام الطيران في القصف من طائرات الاباتشي دليل تعرضه لحادث مؤلم وهو أراد بالقصف اشغال المقاومة، حتى يتمكن من اخراج جنوده المصابون وألياته المعطوبة ، وهذا أيضا دليل على تطور المقاومة في التصدي للاحتلال.
وشدد على أن قواعد الاشتباك اختلفت والجاهزية للمقاومة باتت مختلفة والمراقبة لقوات الاحتلال تؤتي أوكلها وما حدث اليوم قد يكون صورة مصغرة للقادم من قبل المقاومة ليس في جنين وحدها بل في غالبية نقاط الاشتباك مع الاحتلال.
من جانبه، أكد المحلل السياسي فايز أبو شمالة، أن ما حدث في جنين اليوم لن يبوء إلى عملية عسكرية واسعة شمال الضفة.
وقال أبو شمالة في حديثه لـ”المواطن”، لا أظن أن العدو الإسرائيلي سيطور عدوانه إلى عملية موسعة شمال الضفة، وذلك لعدة أسباب، منها: الخشية من انتشار المقاومة والانتفاضة إلى كل الضفة الغربية، ومن ثم الخشية من الفشل في تحقيق انجاز داخل مخيم جنين والمدينة، والسبب الثالث، الحذر من دخول غزة إلى أرض المعركة، تقديري أن العدو يحاول الخلاص من الكمين الذي وقع، ولا يسعى إلى البقاء في المكان لفترة أطول من حاجته لتخليص عرباته المدمرة.
وأضاف، أن هذه العملية أثبتت فشل المخابرات الإسرائيلية، وفشل جيش النخبة، وفي ذلك انعكاس على ثقة الإسرائيليين بمستقبلهم، وأمنهم، ولهذه العملية عدة انعكاسات داخلية سياسية وأمنية، وعدة انعكاسات خارجية، تتعلق بهيبة الجيش الإسرائيلي، ومكانة إسرائيل المخادعة في المنطقة.
وتابع، الضفة الغربية جسد واحد، لا تنام نابلس في الوقت الذي تشهد فيه جنين اشتباكات، ولن تغفل الخليل أو رام الله عما يجري في أريحا، لذلك فإن المواجهات قابلة للاتساع، إذا استمرت وتواصلت، وهذا ما يعمل له الجيش الإسرائيلي والمخابرات الإسرائيلية ألف حساب، ولاسيما أن شباب الأجهزة الأمنية أكثر شوقاً وتوقاً لمواجهة العدو الإسرائيلي، ويخاف العدو أن يندمج عشرات الآف الشباب المنتمي للأجهزة الأمنية إلى خندق المقاومة، كما حدث في انتفاضة الأقصى.
وأوضح أبو شمالة في حديثه، إلى أن العدو الإسرائيلي الذي تفاجأ في عش الدبابير، لا يفكر بالهجوم، يفكر بالخلاص، وأظن أن بقاء الجيش في جنين جاء مغايراً للخطة التي أعدها الجيش، بشن غارة سريعة، والخروج بسلام، مشيرا إلى أن جيش الاحتلال تورط، وهذه الورطة هي التي تجبره للبقاء تحت النيران حتى هذه اللحظة، فمتى استطاع العدو تأمين الانسحاب، لن يعاود الكرة مرة أخرى على جنين لفترة طويلة من الزمن.
وشدد على أن غزة حذرة من خطف الأضواء عن جنين، والمقاومة في جنين أبلغ وأكثر أثرا ًمن صواريخ غزة، لذلك لن تقع غزة في فخ المواجهة، واهتمام الإعلام بغزة، والتغافل عن جنين، عبر تصريحات غالانت تعبر عن أمنية، ومصلحة أمنية، لا أظن غزة بالجهل السياسي كي تحقق له أحلامه.
وبين أن الورطة، والكمين، والفشل، والعجز عن تخليص العربات المدمرة، كل ذلك دفع قيادة الجيش لاستخدام الطائرات، وهذا دليل فشل، وعجز، والوقوع في كمين المقاومة، إن تجريد الطيران ليشن غارات على المدن والمدنيين، دليل إرهاب إسرائيلي، ويقدم صورة عن الخيبة الإسرائيلية، ولهذا الفعل ردة فعل دولية، وهو أمر مدان، ويضع إسرائيل في المكان الذي حاولت الهروب منه.
وأضاف المحلل السياسي أن استخدام الطيران لا يضيف تدميراً أكثر من الدبابات والقذائف الإسرائيلية، ولاسيما أن الطائرات المسيرة لم تفارق سماء جنين من قبل العدوان.
وأكد على أن قواعد اللعبة تغيرت فعلاً، المرحلة القادمة لن تشهد المزيد من الاقتحامات، فقد فشلت هذه السياسية، وتحصنت جنين بقوتها وقدراتها وشبابها، لذلك سيفكر العدو بطريقة أخرى خلافاً للاقتحام، لذلك لا أستبعد أن يلجأ العدو الإسرائيلي إلى التصفيات من خلال الجو، أي اللجوء للطيران لتصفية المقاومين، وقد تأكد له فشل اعتقالهم.