“ميكروت” تُفاقم أزمة المياه في بيت لحم والخليل.. والمستوطنون ينعمون بها
محافظات- المواطن
جاء قرار شركة “ميكروت” الإسرائيلية التمييزي العنصري تخفيض حصص المياه المخصصة لمحافظتي الخليل وبيت لحم بنحو 6 آلاف كوب يوميا، ليفاقم من أزمة انقطاع المياه التي تعاني منها المحافظتان، خاصة خلال فصل الصيف.
وقد أكدت سلطة المياه أنه لا توجد أسباب فنية وراء هذا التخفيض، ولم يتم الكشف عن أي أعطال في المصدر المزود، وإنما يأتي ذلك كإجراء تمييزي يضاف إلى السياسة العنصرية التي تمارسها سلطات الاحتلال بوجه عام، وشركة “ميكروت” بوجه خاص، والمتمثلة بتمييز المستوطنات ومنحها كميات كبيرة إضافية من المياه على حساب حقوق الفلسطينيين.
“مشكلة النقص الحاد في المياه تؤرق حياتنا دوما، حتى أصبح شغلنا الشاغل تسلق خزانات المياه الفارغة، ومراقبة خطوط مياه البلدية علها تقطر من جديد”، قال المواطن حمدي أسعد، الذي يعمل في محل حلويات ببيت لحم.
وأضاف أسعد: “أقطن وعائلتي المكونة من 5 أفراد في قرية أرطاس، نحن نعاني جراء شح المياه الدائم حيث تصلنا المياه في الحالة الطبيعية كل 25 يوما تقريبا، وفي محل عملي اشترينا اليوم صهريجي مياه بسبب هذه المعاناة المتواصلة، آمل أن نرى حلولا قريبة لهذه المشكلة، خاصة أن وسائل الإعلام تناقلت قبل يومين أن شركة ميكروت الإسرائيلية خفضت كميات المياه المزودة لمحافظتي الخليل وبيت لحم بـ6 آلاف كوب يوميا”.
من ناحيته، قال المواطن أحمد النتشة، من مدينة الخليل، “أولادي طوال اليوم يبحثون عن الماء ويتفقدون الأنابيب الواصلة من البلدية، إنها كارثة تعصف بكل مجتمعنا، ويجب إيجاد حلول”.
وحسب خبير الخرائط والاستيطان في جنوب الضفة الغربية عبد الهادي حنتش، فإن الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على ما يزيد عن 84% من المياه الفلسطينية في الضفة الغربية.
وقال حنتش، إن “الاحتلال هدم خلال الأعوام الأخيرة ما لا يقل عن 500 بئر لتجميع المياه ودمر ما يزيد عن 100 نبع وعين ماء، واستولى على ما يزيد على 52% من المياه الفلسطينية في الضفة الغربية، ويستولي على 32% أيضا لصالح مستوطناته، وبذلك يتبقى لأصحاب الأرض والمياه سوى 16% من مياههم”.
وتابع: “بالإضافة إلى أن الاحتلال سيطر على نسبة كبيرة من مياهنا الجوفية وينابيعنا التي يقدر عددها في الضفة الغربية بـ600 نبع تقريبا، لا يستطيع الفلسطينيون الاستفادة من مياه الأمطار لأن سلطات الاحتلال تمنع هيئاتنا ومؤسساتنا المختصة من إقامة السدود لتجميع المياه”، مشيرا إلى أن نسبة الزراعة المروية لا تتعدى 5% من إنتاج محافظة الخليل الزراعي.
ونوّه حنتش إلى “أهمية متابعة خطوط توريد المياه إلى مدننا الفلسطينية”، مشيرا إلى أنه يتم سرقة كميات كبيرة منها عند مرورها بمحاذاة المستوطنات والمناطق المسماة “ج” الخاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية.
من ناحيته، أكدّ رئيس بلدية الخليل تيسير أبو سنينة أنّ البلدية تفاجأت بقرار شركة “ميكروت” الإسرائيلية القاضي بتخفيض كميات المياه المزودة لمحافظتي الخليل وبيت لحم بنحو 6 آلاف كوب يوميا، لافتا إلى أنّ الكمية التي كانت ترد قبل التخفيض غير كافية ولا تفي بالمطلوب، مشددا على أنّ هذه الكمية لا ترقى إلى المستوى المطلوب لحصة الفرد حسب المقاييس العالمية.
وأشار إلى أنّ طواقم البلدية عملت جاهدةً على تفقد خطوط المياه والآبار والمضخات، حيث لم يكن هناك أي خلل يُذكر، مبينا أنّ الهدف الرئيسي أصبح جليا وهو زيادة كميات المياه المزودة للمستوطنين على حساب حصة محافظتي الخليل وبيت لحم.
وأوضح أبو سنينة أنّ هذه الخطوة تؤكد عنصرية الاحتلال الإسرائيلي المقيتة في موضوع المياه الذي يُعدّ عصب الحياة، مؤكدا أنّ المياه الجوفية هي مُلك للشعب الفلسطيني وتتم سرقتها والسيطرة عليها من قِبل الاحتلال، وبالتالي التحكم فيها وبالكميات المزودة لمحافظات الوطن.
وأوضح أن تخفيض كمية المياه الواردة إلى محافظة الخليل سينعكس سلبا على فترة انقطاع المياه عن المواطنين، موضحا أنّ دورة توزيع المياه تصل حالياً إلى 21 يوما، وبعد التخفيض ستصبح الدورة 23 يوما وربما ستصل أحيانا إلى 30 يوماً وأكثر.
وحذّر أبو سنينة من عواقب تخفيض كمية المياه لمحافظتي الخليل وبيت لحم، ولفت إلى أنّ هذه الخطوة ستجر المنطقة إلى ما لا يُحمد عُقباه، مؤكدا أنّ المواطن لن يقف مكتوف الأيدي أمام حرمانه من المياه في حين يرى بأم عينه تنعم المستوطنين بها.
من جانبه، قال رئيس بلدية الدوحة بمحافظة بيت لحم، سامي مروة، إن الدوحة تعاني بشكل عام من نقص وشح كميات المياه، “حيث إن معظم الأحياء في البلدة تنقطع عنها المياه لمدة تصل إلى 30 يوما، وهذا يعتبر في ظل هذه الأجواء الحارة عقابا جماعيا لأهالي البلدة، والآن بعد تقليل الكمية التي تمنح لسلطة المياه سيزداد الوضع سوءا، وتزداد معاناة المواطنين، لذا نطالب كبلدية ليس فقط بإعادة الكمية كما كانت، بل بزيادتها بما يتلاءم مع احتياج المواطنين والزيادة السكانية”.
وعقب رئيس بلدية بيت لحم حنا حنانيا على تخفيض كميات المياه من قبل شركة “ميكروت” الإسرائيلية، قائلا إن “هذا التخفيض يعني حرمان أهالي المحافظتين من حقهم في الحصول على كميات كافية من المياه، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة الحاد الذي تشهده فلسطين في الوقت الحالي”، مضيفا أنه “بحسب هذا القرار، فإننا سنتعرض إلى أزمة في تزويد المياه للمواطنين”.
ودعا المواطنين إلى تقنين استخدام المياه، من أجل الخروج من الأزمة الحالية، خاصة في ظل الأجواء الحارة التي نشهدها.
ومن الجدير بالذكر، أن الإجراءات الإسرائيلية أدت إلى الحد من قدرة الفلسطينيين على استغلال مواردهم الطبيعية، خاصة المياه، وإجبارهم على تعويض النقص بشراء المياه من شركة المياه الإسرائيلية “ميكروت”.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء وسلطة المياه الفلسطينية، فإن معدل استهلاك الفرد الإسرائيلي من المياه يزيد بثلاثة أضعاف عن الفرد الفلسطيني، إذ بلغت حصة الإسرائيلي نحو 300 لتر في اليوم، ويتضاعف هذا المعدل للمستوطنين الإسرائيليين إلى أكثر من 7 أضعاف عن استهلاك الفرد الفلسطيني، فيما أن معدل استهلاك الفرد الفلسطيني للمياه أقل من الحد الأدنى الموصى به عالميا، حسب معايير منظمة الصحة العالمية البالغ 100 لتر في اليوم، وذلك نتيجة السيطرة الإسرائيلية على أكثر من 85% من المصادر المائية الفلسطينية.