مواقع التواصل الاجتماعي وأمراضها: القلق والاكتئاب واضطرابات النوم
أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للمراهقين والأطفال، حيث توفر منصات للتواصل والتعبير عن الذات، ومع ذلك، أثار ظهور هذه المنصّات، مخاوف بشأن تأثيرها المحتمل على الصحة العقلية، وتشير العديد من الدراسات إلى أن الاستخدام المفرط لهذه المنصّات يمكن أن يساهم في العديد من مشكلات الصحة العقلية، بما في ذلك الاكتئاب والقلق والوحدة ومخاوف صورة الجسد، ويعد فهم هذه الارتباطات أمرًا بالغ الأهمية لتطوير استراتيجيات للتخفيف من الآثار السلبية المحتملة لوسائل التواصل الاجتماعي على رفاهية الشباب.
وشهدت مواقع الشبكات الاجتماعية، مثل فيسبوك وإنستغرام ، نموًا هائلاً في السنوات الأخيرة، مع مشاركة ملايين المستخدمين، وخاصة المراهقين والأطفال، بنشاط على هذه المنصات، وفي حين أن فوائد هذه المنصّات لا يمكن إنكارها، فقد ظهرت مخاوف بشأن تأثيرها على الصحة العقلية، وخاصة بين الفئات العمريّة الصغيرة.
“فقاعات التصفية” وعنصريّة خوارزميّات مواقع التواصل الاجتماعيّ
على صلة
“فقاعات التصفية” وعنصريّة خوارزميّات مواقع التواصل الاجتماعيّ
وأثبتت دراسات متعددة وجود صلة بين الاستخدام المفرط لمنصّات التواصل وأعراض الاكتئاب لدى المراهقين والأطفال، وتشير الأبحاث إلى أن الوقت المفرط الذي يتم قضاؤه على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يؤدي إلى مقارنة اجتماعية، والتسلط عبر الإنترنت، والخوف من الضياع “FOMO”، وكل ذلك يمكن أن يساهم في زيادة الشعور بالاكتئاب والقلق، على سبيل المثال، وجدت دراسة أجريت عام 2020، أن الاستخدام المرتفع للفيسبوك توقع انخفاضًا في الرفاهية وزيادة أعراض الاكتئاب والوحدة بمرور الوقت.
وعلى عكس التصور القائل بأن مواقع التواصل تعزز الترابط الاجتماعي، تشير الدلائل إلى أن استخدامها لفترات طويلة قد يؤدي إلى تفاقم الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية بين المراهقين والأطفال، حيث وجدت الدراسة أن الاستخدام الأكبر لوسائل التواصل الاجتماعي كان مرتبطًا بزيادة مشاعر العزلة الاجتماعية. يمكن أن تُعزى هذه العلاقة إلى الطبيعة السطحية للتفاعلات عبر الإنترنت وميل شبكات التواصل الاجتماعي لخلق إحساس مشوه بالدعم الاجتماعي.
ووسائل التواصل الاجتماعي هي منصات تركز بشدة على المظهر بحسب باحثين، مما يؤدي إلى زيادة عدم الرضا عن الجسم والمخاوف بشأن صورة الجسد لدى المراهقين والأطفال، حيث أشارت الدراسات إلى أن التعرض لصور الجسم المثالية وغير الواقعية يمكن أن يساهم في تصورات سلبية عن الجسم، وسلوكيات أكل مضطربة، وزيادة خطر الإصابة باضطرابات الأكل.
وتم ربط الاستخدام المفرط لمواقع التواصل خاصة قبل النوم، باضطرابات النوم بين المراهقين والأطفال، حيث يمكن للشاشات الساطعة والمحتوى المحفز تعطيل دورة النوم والاستيقاظ الطبيعية، مما يؤدي إلى صعوبات في النوم، وتقليل مدة النوم، وضعف جودة النوم.
وحسب الدراسة، يلعب الآباء دورًا حيويًا في التخفيف من التأثير السلبي لمواقع التواصل على الصحة العقلية لأطفالهم، حيث يمكن أن يساعد تشجيع التواصل المفتوح وتقديم التوجيه فيما يتعلق بالعادات الصحية عبر الإنترنت الآباء على مراقبة استخدام أطفالهم لمواقع التواصل الاجتماعي ومعالجة أي مشكلات محتملة على الفور، ويمكن أن يكون وضع قيود على وقت الشاشة والترويج للأنشطة غير المتصلة بالإنترنت مفيدًا أيضًا، ويمكن للمدارس تنفيذ سياسات شاملة لمكافحة التنمر تتناول التنمر الإلكتروني على وجه التحديد. بالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز بيئة مدرسية داعمة وشاملة يمكن أن يساعد في تقليل الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية، مما يوفر توازنًا مع الجوانب السلبية لنظام التواصل الاجتماعي.