أخبار الفن

مسلسل مليحة .. هل وقع في النمطية و استغلال أحداث غزة؟

حاول صناع مسلسل “مليحة”، الذي يُعرض حاليا ضمن النصف الثاني من السباق الرمضاني، اختيار موضوع يخالف السائد على المائدة الدرامية.

ويتعلق موضوع المسلسل بالقضية الفلسطينية من خلال أسرة تعيش في ليبيا وتهرب من جحيم العنف متنقلة من بلد إلى آخر.

لكن هذا السعى لاختيار موضوع يخالف السائد من تشويق وجريمة وأكشن وكوميديا، واجه اتهامات بالوقوع في الكثير من الثغرات وأوجه الخلل، فضلا عن شبهة التعجل واستغلال حالة التعاطف مع أهالي غزة، طمعا في تأمين نسبة مشاهدة عالية.

ويؤكد المنتقدون أن العمل يقدم العائلة الفلسطينية في صورة نمطية وكأنها مغلوبة على أمرها طوال الوقت، وتصاحبها الكوارث والمصائب أينما حلت من خلال “مليحة”، الفتاة العشرينية التي تقطن في ليبيا في 2012 بصحبة أسرتها المكونة من جدها وجدتها وأبيها وأمها.

وتعمل “مليحة”، التي تقدم شخصيتها الفنانة الشابة نسرين خاس، ممرضة بمستشفى، لكنها حتى في مهنة “ملائكة الرحمة” تواجه تنمرا وحربا كلامية من زميلة لها ليبية دون أن يقدم العمل مبررات واضحة لذلك.

وتصل غيرة الزميلة إلى حد التعدي لفظيا وبدنيا على مليحة التي تظهر محاطة بالأعداء في كل مكان كأن هذا قدرها الأبدي.

وعلى المنوال نفسه، لم يوضح العمل دوافع أو خلفيات أو مصلحة إحدى الميليشيات المسلحة التي تهاجم الحي الذي تقطنه أسرة “مليحة” وتفجر بيوته بالكامل وتمارس الإذلال والإهانة بحق سكانه العزل الأبرياء وهم يخرجون إلى العراء.

ولا يتورع القتلة المجهولون الغامضون عن قتل والدي “مليحة” لمجرد أنهما نطقا ببعض العبارات الاحتجاجية.

وحين تسعى الأسرة للعودة إلى ديارها عبر معبر غزة، تلاحقها قنابل الإرهاب التي تسعى لتفجير الحافلة التي تستقلها.

ويجد المتفرج نفسه بإزاء حالة من “الميلودراما المفتعلة” والحس المأساوي المبالغ فيه دون دوافع درامية تنبع من العمل نفسه.

وفي موازاة ذلك، لم يقدم الفنان “دياب”، في أول بطولة مطلقة له، جديدا في شخصية ضابط حرس الحدود المصري التي قدمها بأداء نمطي يعتمد فقط على إبراز جانب واحد هو الشهامة والشجاعة وبر الوالدين دون وجود أي أبعاد أخرى للشخصية.

والكلام نفسه ينطبق على شخصية الأم التي قدمتها الفنانة ميرفت أمين، وشخصية شقيق البطل التي قدمها الفنان أمير المصري.

وتمضي المشاهد رتيبة متوقعة ليوميات أسرة مصرية من الطبقة المتوسطة لاسيما إعداد الطعام، واحتساء القهوة في الشرفة، والقلق على الابن الغائب، والرغبة في تزويج الابن المقيم بالمنزل، وحل المشكلات الخفيفة بينه وبين ابنة خاله التي تعد في مقام خطيبته.

ورغم أن المسلسلات القصيرة وجدت هذا الموسم إشادة كبيرة من ناحية التكثيف وعدم الحشو أو الثرثرة، فإنها لم تكن في مسلسل “مليحة” الخيار الأمثل، فموضوع متعدد الأبعاد له عمق تاريخي وطابع إنساني مثل القضية الفلسطينية كان يستحق عملا من 30 حلقة حتى تكتمل عناصره ويتسم بالثراء بدلا من حالة التعجل والهرولة التي تسم العمل.

ويبدو أن هذا ما جعل صناع العمل يحاولون تعويض هذا النقص بالمادة الأرشيفية والمشاهد التسجيلية التي تروي فصولا من القضية كل حلقة.

زر الذهاب إلى الأعلى