ما هو حكم الدين على عمولة صرف نقود الحساب البنكي؟
غزة – المواطن
في ظل شح السيولة عندنا في غزة، وتعذر عمل البنوك بشكل معتاد وميسور، يلجأ الناس هناك إلى التحويل من حساباتهم البنكية إلى الحسابات البنكية لأشخاص آخرين (سماسرة).
في المقابل أن يُعجّل لهم هؤلاء السماسرة سيولة نقدية (كاش) في أيديهم، مثل الذي تحول لحسابات السماسرة، لكن مع خصم 10% منه، أو 20% أو أكثر.
تحت مسمى ” العمولة ”
ومن صور ذلك أيضًا: أن يُرسَلَ المبلغُ لحساب شخص (سمسار)، على أنه يُعجّله لشخص آخر سيولة نقدية (كاش) في يده، مع خصم السمسار نسبة منه لنفسه، هي مثلًا 10%، أو 20% أو أكثر. ويسمونها عمولة.
حكم الدين
1) إن التكييف الفقهي لعلاقة صاحب الحساب البنكي مع البنك، أنها علاقة دائن -هو صاحب الحساب- بمدين هو البنك.
وحين يحوّل صاحب الحساب النقود في الحساب إلى حساب التاجر، مقابل نقدٍ حالٍّ أقلّ يتعجّله من التاجر، مع خصم نسبة 10% أو 20% ونحو ذلك، فإنه يكون قد باع دينه على البنك للتاجر، وأصبح التاجر دائنًا للبنك مكانه. وهذا ما يُسمّى حوالة الحق أو بيع الدين عند الفقهاء لطرف ثالث.
وقد منع أكثر الفقهاء بيع الدين لثالث، وأجازه المالكية بشروط، من أهمها: إذا كان الدين نقدًا والثمن نقدًا، أن يكونا متجانسين ومتماثلين، وإلا وقع المتعاقدان في الربا.
ومن الواضح أن هذا الشرط مختلٌّ في المعاملة الرائجة في القطاع للحصول على السيولة النقدية.
ومن ثمَّ فإن هذه المعاملة لا تجوز عند أحد من الفقهاء، لما فيها من الربا، وحين ترتفع النسبة إلى 20% ونحو ذلك، فإن ذلك يكون ربا فاحشًا، وربا الأضعاف المضاعفة، الذي اشتد النهي عنه والوعيد على آكله.
وبخاصة حين يحتكر السيولة ويستغل حاجة الناس الماسة لها، في مثل هذه الظروف العصيبة والاستثنائية التي يمر بها أهل قطاع غزة. وبدلًا من أن يتضمان معهم ويسد حاجتهم، فإنه يستغل هذه الحاجة ويزيد المعاناة.
2) على أن وضع الحاجة الشديدة لأهلنا في غزة والضرورة، يرفع الحرج عن المتعجّل السيولة لنفسه، لأن الضروارات تبيح المحظورات.
ولكن لا يرفع ذلك الحوب الكبير عن المرابي الآكل للنّسبة المئوية المذكورة، والذي جمع مع فحشِ الربا فحشَ صنيعه باستغلاله حاجة الناس في هذه الظروف الاستثنائية الصعبة التي يمر بها شعبنا، ومتاجرته بمعاناتهم.
3) ولا يختلف الحكم باختلاف العملة المودَعَةِ عن العملة المقبوضَةِ؛ لأن اختلاف جنس نقود الدين عن النقود المعجلة في شرائه، بيعٌ للدّين المؤخّر بعملة مخالفة حالّةٍ.
وذلك صرفٌ مع تعجّل أحد البدلين وتأخير قبض الآخر الذي هو الدَّينُ، ومن المعلوم أن الربا يجري في حال اختلاف الجنس في الصرف أيضًا، إذا انعدم التقابضُ في البدلين أو في أحدهما.
د. أيمن الدباغ
رئيس قسم المصارف الاسلامية- جامعة النجاح الوطنية- نابلس- فلسطين