أخــبـــــارخاص المواطن

“مؤثر ومبكي” بعدما حصد الشهادتين.. والدة الشهيد عرعراوي تحتفل بتفوقه بـ90.4 على قبره

مدلين خلة- المواطن

في بلدي كل شيء استثنائي، خروج روحك من جسدك لا يعني انتهاء سيرتك، استشهادك ليس بالضروري نهاية لذكرك والصراخ بصوتك عاليا، فراقك أحبتك لا يمنع أن تكون سبب فرحتهم المجبولة بالحزن على فراقك.

أن تحصد شهادتين بمعدلين مرتفعين مشهد نادر لن تراه إلا حيث الاحتلال والمقاومة، حين يحمل الطالب فينا حقيبته المدرسية ودفاعه عن وطنه وصبره على جلاده، تحمل بين ثناياك قلبين الأول منهما يضخ حبا لوطن ترعرعت فيه وكبرت بين حدائق زهوره جباله وسهوله كانت جغرافية عملية وتطبيق علمي لما يكتنفه القلب الآخر والذي يحمل بين طياته علم عزمت أن يكون لخدمة وطنك وتحريره.

كان الوقت ظهرا والشمس تتوسط كبد السماء، حين خرج الطالب مجدي العرعراوي من آخر قاعة امتحان للثانوية العامة يعد على أصابعه الإجابات الصحيحة ليرى كم سيحصد من درجات في نهاية آخر ساعات التوجيهي، والتي كانت آخر لحظات حياته.

يسير برهة تارة وتارة أخرى يعدو على عجل وكأنه يسارع الحياة والموت، في مخيلته صورة والدته التي ودعته على باب البيت وتدعوا له من قلبها بالتوفيق والسداد والعودة سالما، ربما هي دعوة غريبة بعض الشيء فهو ذاهب لتقديم امتحان وليست حرب، ولكن ما لا تعلمه بأن الطالب هنا حيث جنين ونابلس وفلسطين يحارب بعلمه قبل حجره وبندقيته.

خطوات فاصلة ستكون نهاية مرحلة وعمر كتب له أن ينتهي برصاص قناص غادر متمركز على سطح بناية بأحد حارات مخيم جنين، رصاصة استقرت في جسد طالب حلم بالكثير، حلم بحضن والدته يضمه عندما يعلن حصوله على معدل 90.4 في التوجيهي، حلم بأب يدعوا المهنئين إلى طعام غداء فرحا بهذا المعدل، حلم أن يكمل دراسته الجامعية ويتخرج منها مهندسا ربما معلما أو صيدلانيا يداوي جراح وطنه.

تلك الرصاصة أبقت على هذه الأحلام في طي النسيان والماضي فلم يركض شهيدنا لحضن والدته ولم يكمل دراسته ولم يستقبل والده المهنئين في باحة منزله، فكل ما حدث استثنائيا، كان ولا يزال.

استثناء الطالب الشهيد مجدي العرعراوي، أن تستقبل والدته المهنئين بنجاحه في الثانوية العامة على قبره بثوبها الأسود، ودموعها على فراقه وحزنها على أن صغيرها فلذة كبدها ليس موجوداً في يوم شهادته الكبرى، شهادة حصاد 12 سنة من الجد والاجتهاد والمثابرة.

ثوب كان يجب أن يكون مطرزا بأبهى الألوان وأجمل الزهور يتوسطها على الصدر خارطة الوطن الكبير الأجل والذي يهون له الغالي والنفيس خارطة الوطن فلسطين.

“رفعت راسنا يمة، يمة حبيبي يمة، حبيب روحي أنت، يمة حبيبي الله يرضى عليك، رفعت راسي، حبيب عمري 90.4 يمة”، كلمات ممزوجة بدموع تنهمر بغزارة تخرج من فم والدة الطالب الشهيد مجدي، من على قبره وقد احتضنت رماله وصورته تقبل القبر وتبارك لنجلها نجاحه، لا ليس نجاح فقط تفوق وبجداره، فنجلها حصد شهادتين عظيمتين الأولى كانت أعظم ما يتمناه المرء “الجنة” والأخرى 90.7 في التوجيهي.

زر الذهاب إلى الأعلى