مآلات وخطورة الوضع في جنين
كتبت أمينة خليفة :
على مدار أكثر من أسبوعين، اشتعلت الأحداث في مخيم جنين بالضفة الغربية، بسبب اشتباكات المسلحين مع قوات السلطة الفلسطينية، وهو ما تسبب في حالة من الخوف للأهالي من للخروج من منازلهم، وسط وجود مصاعب كبيرة بسبب أعمال المسلحين، وهذا ساهم في منع أفراد المجتمع من الذهاب إلى المسجد للصلاة.
ويشكل العنف العشوائي في شوارع جنين، وخاصة بالقرب من أماكن العبادة، خطراً جسيماً على سلامة الناس، خاصة في ظل تصاعد الأحداث في غزة، والذي يضع السلطة الفلسطينية بين أمرين في غاية الحيرة، كيف تخمد اشتباكات المسلحين معها في جنين، وكيف تنفذ تسوية سياسية مع إسرائيل لإنهاء الحرب على غزة وإعادة الهدوء إليها.
ربما يكون هذا الوقت عصيبا على السلطة الفلسطينية، ففي الوقت الذي تحاول فيه إيجاد توافق بشأن إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب عليها، ازدادات التوترات في جنين ومخيمها، ونتج عن آخر اشتباكات بين قوات الأمن التابعة للسلطة وفصائل مسلحة، مقتل 3 أشخاص، وهذا يؤكد أن الوضع في جنين أصبخ على صفيح ساخن، ولا يمكن السكوت عليه، لذلك شددت السلطة الفروسية على أهمية فرض الأمن والنظام، باعتبارهما أولوية وطنية، وردع أي محاولات من المسلحين التابعين لفصائل مثل حماس و”الجهاد الإسلامي”، من أجل النيل من السلطة الفلسطينية، أو تحويل الضفة إلى غزة ثانية!
وهنا يكون الخاسر الأكبر هو الشعب أو المواطنين الذين يخشون الخروج من بيوتهم بسبب سيناريو الموت المنتظر من طلقة طائشة جراء هذه الاشتباكات، لذلك تظل الحياة في جنين وفي الضفة الغربية بل وفي غزة أيضا وكل مناطق فلسطين، جامدة وخامدة لا تلين أبدا بل تتعقد مع الوقت.
قد تكون الأحداث الأخيرة رسالة من السلطة الفلسطينية تؤكد قدرتها على فرض السيطرة على كل أراضي فلسطين، بما فيها غزة بعد انتهاء الحرب لتثبت جدارتها في صد وردع أي حركة انفصالية، وقد ترمي السلطة أيضا إلى إنهاء الانفلات الأمني وأي مؤامرة خارجية لزعزعة استقرار الضفة أو للانقلاب على السلطة الفلسطينية.
ورغم أن جنين ومخيمها منطقة كثيفة بالسكان، إلا أن مأساة الأهالي من عدم ممارسة حياتهم أو تلبية احتياجتهم اليومية تزداد كل يوم وتتعمق، حتى أن الذهاب إلى المساجد والكنائس ودور العبادة أصبح مشقة كبيرة لسكان جنين، فكيب لهم الخروج وسط هذا الرصاص المتناثر في الشوارع والحرب التي لا تهدأ، فكيف لهم الخروج لقضاء حوائجهم والذهاب إلى الصلاة أو حتى زيارة أقاربهم والتجول بحرية وسلام بين الشوارع.
وفي ظل استمرار انتشار المسلحين في شوارع المخيم بهدف تطبيق سيناريو الانفلات الأمني، يبدو أن الهدف من وراء ذلك إرسال رسائل لإسرائيل بأن السلطة الفلسطينية غير قادرة على إدارة غزة بعد الحرب، وأن التفاوض مع حماس هو الأفضل من وجهة نظرها لمصلحة غزة!
وواقعيا، هذا غير صحيح لأن السلطة تحاول صد أي محاولات للنيل من استقرار الضفة، كما أن تكرار سيناريو غزة في الضفة سيقود لنفس النتيجة، ولكن الأصح أن مواجهة المخطط الخبيث تستدعي وجود سلطة واحدة تحكم غزة والضفة الغربية، وعلى حماس إنقاذ أهل غزة والضفة والتخلي عن حكم القطاع والسماح للسلطة الفلسطينية بإدارتها حتى يعود الهدوء والسلام إلى الأراضي مجددا، وكذلك تعود السلطة إلى منابر التفاوض مع إسرائيل والقوى الدولية من أجل استعادة حق الشعب الفلسطيني في أرضه وفي الحياة والوجود.
وأخيرا، على الشعب الفلسطيني أن يعي أن السلطة الفلسطينية ثابتة وراسخة وقادرة على التصدي لأي محاولة للنيل من الشعب وحريته وبقائه، كما أنها حريصة دائما على إحلال السلام بأي طريقة ممكنة، ولكن من يتفهم ويتعاون ويلين؟!.