لهيب شمس يحرق الجسد.. شهادات لـ”المواطن” توثق معاناة نازحي الخيام في ظل موجة الحر
خاص – المواطن
وسط ارتفاع درجات الحرارة، تشتدّ المعاناة في مخيمات النازحين الغزيين في مناطق جنوب قطاع غزة، وفي ظلّ عدم توفّر أبسط مقوّمات الحياة، تأتي الأضرار الصحية لارتفاع الحرارة، من بينها ضربات الشمس التي يشكو منها الأطفال خصوصاً.
ويعيش أكثر من مليون نازح غزاوي في خيام قماشية، أو في خيم مسقوفة بألواح معدنية، والبعض الآخر في خيام مصنوعة من النايلون تضاعف مشكلة الحر، إذ تتحول لغرف ملتهبة خلال فصل الصيف، بعض من قابلناهم وصفها بـ”أفران الخبز” والبعض الآخر وصفها بـ”اللهيب الذي يحرق الجسد”.
ووثقت شهادات لـ”المواطن”، المعاناة في إحدى المخيمات التي تؤوي نازحين بمدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، والتي تشهد حالياً موجات حرارة كبيرة، مما يفاقم معاناتهم في الخيام التي تؤويهم، إلى جانب المعاناة اليومية في توفير المياه.
طرق بدائية
بعد أن تجاوزت الحرارة 33 درجة مئوية، لجأ النازح الغزاوي محمد خالد إلى رشّ خيمته بالماء أملاً في أن تخفف هذه الطريقة القليل من قيظ الحر الذي حوّل الإقامة في الخيام خلال ساعات النهار إلى جحيم لا يطاق.
ويقول محمد لـ”المواطن”، عندما تشتد موجات الحر ألجأ إلى كمادات مياه للتخفيف من حدّة الحرّ على الأطفال، وعند توفر المياه يقوم محمد برش مدخل خيمته قبل أن يبادر إلى تعبئة إناء بلاستيكي كبير لكي يُجلِس فيه طفليه الصغيرين للتخفيف عنهما نتيجة موجة الحر الشديدة التي تضرب المنطقة خاصة عند الظهيرة، حيث يشعر بالاختناق وكأنه يجلس داخل فرن.
واشتكى محمد من أن خيمته المكونة من “النايلون” تتحول إلى ما يشبه الفرن في أوقات الظهيرة، وقال إن الوقوف تحت الشمس في العراء أرحم من الجلوس داخلها، وهو ما يدفعه منذ أيام إلى ترطيبها من مياه المناهل المخصصة للشرب.
ومن جهته يتابع أخ محمد ويقول أنّ “ارتفاع درجات الحرارة يتسبّب في تلف الخضروات، ولا سيّما أنّ الثلاجات غير متوفّرة بسبب انقطاع الكهرباء عن القطاع لأكثر من 8 أشهر، ويرى أنّ “الأوضاع سيئة في مخيمات النازحين الغزيين سواءٌ في فصل الصيف أو فصل الشتاء، إذ إنّ الحرّ كما البرد يستهدفان النازحين كاستهداف الاحتلال، وكلاهما يضران”.
مضيفاً إلا أنَ “الحرارة لا تُطاق في المخيم هذه الأيام، ونحن نعيش حالة من التوتر بسبب الارتفاع الشديد في درجات الحرارة، فأنا وأفراد عائلتي نقيم في خيمتَين، والأمور تشتدّ صعوبة في كلّ يوم، فمنذ شروق الشمس وحتى غروبها ترتفع الحرارة في الخيام إلى درجة لا تُحتمل، الأمر الذي يجعل الحياة اليومية تحدياً كبيراً”، ويشير إلى أن هناك “محاولات للتكيّف، من خلال وضع بطانيات وأقمشة قديمة فوق الخيمة ثمّ رشّها بالمياه من أجل التخفيف من الحرارة، وعلى الرغم من أنّ هذه الطريقة تساعد قليلاً، إلا أنّ الأوضاع تعود إلى حالها وأسوأ عندما تجفّ”.
وتزداد معاناة النازحين في مخيمات جنوب قطاع غزة، مع ارتفاع درجات الحرارة وانتشار الأفاعي والعقارب والحشرات، في ظل صعوبات يواجهونها لتأمين المياه، خاصة مع موجة الحر يزيد استهلاك المياه.
وحال النازح الغزاوي محمد هو حال مئات الأسر التي تقطن مخيمات جنوب قطاع غزة، حيث تفتقر المخيمات إلى المياه النظيفة والطاقة الكهربائية.
معاناة يومية
وإن كان البعض يصله قليل من الماء لتبريد الخيمة والاستحمام، فإن أسرة علي عبد العال النازحة من قطاع غزة، تشكو شح المياه وتضطر وآخرون من النازحين الغزيين إلى الهرب من الخيام، والجلوس خارج الخيم من الظهر حتى اقتراب مغيب الشمس، ويتكرر المشهد ذاته كل يوم.
وقال النازح عبد العال في حديث لـ”المواطن”، إنه وزوجته يحملان طفلهما الرضيع منتصف النهار ويتجهان للجلوس خارج الخيمة ، بسبب انعدام وسائل التبريد وما يمكن أن يخفف من وطأة الحر، مشيراً إلى أن المياه التي تصل إلى المخيم بالكاد كافية للشرب والقليل من الغسيل، ولا يمكن استهلاك أي جزء منها للتبريد خشية انقطاعها.
ولا يزال أكثر من مليون غزاوي جنوب قطاع غزة يسكنون في مخيمات، معظمها أنشئت على أراضٍ زراعية تفتقر إلى الخدمات الأساسية من المياه النظيفة وشبكات الصرف الصحي.