لبنان على صفيح ساخن: احتجاجات متصاعدة وأزمة طيران تعمّق التوتر مع إيران

بيروت_المواطن
تشهد لبنان تصاعداً في الاحتجاجات الشعبية منذ مطلع العام الجديد، وسط تفاقم الأزمة الاقتصادية والسياسية وانتشار العنف المتقطع، في ظل تحديات تواجه الرئيس الجديد جوزاف عون، الذي انتخب في يناير/ كانون الثاني 2025 بعد شغور المنصب لأكثر من عامين .
في الأيام الأخيرة، تصاعدت التوترات بين لبنان وإيران على خلفية منع السلطات اللبنانية هبوط طائرة مدنية إيرانية في مطار رفيق الحريري الدولي ببيروت. جاء هذا القرار بعد اتهامات إسرائيلية بأن إيران تستخدم الطائرات المدنية لتهريب أموال إلى “حزب الله” في لبنان. ردًا على ذلك، منعت طهران طائرتين لبنانيتين من الهبوط في مطار الإمام الخميني الدولي، مما أدى إلى تقطع السبل بعشرات اللبنانيين في إيران.
هذا التوتر الدبلوماسي أثار احتجاجات في بيروت، حيث قام مناصرون لـ”حزب الله” بقطع الطرق المؤدية إلى المطار، مما أدى إلى تدخل الجيش اللبناني لإعادة فتحها. وفي تطور آخر، تعرض موكب تابع لقوات “اليونيفيل” لهجوم من قبل محتجين، مما أسفر عن إصابة أحد الجنود.
من جانبه، دعا المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان إلى احترام سيادة لبنان على مطار بيروت، مؤكدًا أن المطار يجب أن يكون للبنان وليس لأي دولة أخرى. في الوقت نفسه، تجري الحكومة اللبنانية اتصالات دبلوماسية مع الجانب الإيراني لحل الأزمة وتأمين عودة المواطنين اللبنانيين العالقين في إيران.
هذه التطورات تأتي في سياق توترات إقليمية متصاعدة، حيث تتبادل الأطراف الاتهامات بشأن استخدام الطائرات المدنية لأغراض غير مشروعة، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني في المنطقة.
أسباب اخرى
1. الانهيار الاقتصادي:
– يعاني لبنان من أسوأ أزمة مالية منذ عقود، مع فقدان الليرة اللبنانية أكثر من 90% من قيمتها، ووصول أكثر من 80% من السكان تحت خط الفقر. تفاقم الوضع بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة (2024) التي دمرت البنية التحتية في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت، مما زاد من أعباء إعادة الإعمار .
– يُلقى باللوم على الفساد المزمن وسيطرة النخبة السياسية على المؤسسات، بما في ذلك تحالفات “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، التي عرقلت الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي منذ 2020 .
2. غياب العدالة والاستقرار الأمني:
– تفشي الجرائم بشكل لافت، مع تزايد حالات القتل والسرقة، وتراجع دور الدولة في فرض القانون، خاصة بعد انفجار مرفأ بيروت (2020) الذي لم تُحاسب أي جهة عليه .
– استمرار سيطرة “حزب الله” على مفاصل الدولة، بما في ذلك الموانئ والاتصالات، مما حرم الخزينة من عائدات تقدر بمليارات الدولارات .
3. التدخلات الإقليمية والصراعات الداخلية:
– أدت الحرب الإسرائيلية الأخيرة (2024) إلى مقتل آلاف العناصر من “حزب الله”، بما في ذلك أمينه العام حسن نصر الله، مما أضعف نفوذ الحزب، لكنه أبقى على توترات مع إسرائيل التي تواصل انتهاكات وقف إطلاق النار .
– يتهم المحتجون “حزب الله” وحركة “أمل” بالتبعية لإيران وتعطيل الإصلاحات، بينما يُشتبه في دعم دول خليجية لأحزاب معارضة، مما يزيد الاستقطاب .
أحداث العنف الأخيرة
– في يناير/ كانون الثاني 2025، شهدت بيروت اشتباكات بين متظاهرين وقوات الأمن، مع اتهامات بوجود “أيدي خفية” تحاول جر الاحتجاجات السلمية إلى العنف الطائفي، في إحياءٍ مُقلق لذكريات الحرب الأهلية (1975-1990) .
– تصاعدت التهديدات بين “حزب الله” و”حزب القوات اللبنانية” (مسيحي)، بعد اتهامات متبادلة بتأجيج الصراع، خاصة في ضواحي بيروت المختلطة طائفياً .
ردود الفعل والاستحقاقات المقبلة
– وعد الرئيس جوزاف عون في خطابه الأول ببناء دولة القانون، ونزع سلاح الميليشيات، واحترام الاتفاقات الدولية، بما فيها وقف إطلاق النار مع إسرائيل .
– تُعوّل الأوساط الدولية على تشكيل حكومة تكنوقراط لقيادة الإصلاحات، لكن العقبة تبقى في رفض “الثنائي الشيعي” التنازل عن السلاح أو النفوذ السياسي .
– يُنتظر أن تُربط المساعدات الدولية بإصلاح القطاع المصرفي وتنفيذ الشفافية، وهو ما طالبت به مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي منذ سنوات .
توقعات مستقبلية
يرى محللون أن لبنان أمام خيارين: إما نجاح الحكومة الجديدة في كسب ثقة الشارع عبر إصلاحات جذرية، أو استمرار التدهور نحو انهيار كامل، خاصة مع تحذيرات من عودة العنف الطائفي إذا فشلت الجهود السياسية .
لبنان بلد الأرز، يواجه اختباراً وجودياً يتطلب وحدة وطنية وإرادة سياسية حقيقية لإنقاذ ما تبقى من مؤسساته وشعبه المنهك.