أقلام

الإبادة ليست سؤال نصر وهزيمة: قراءة في المأساة الغزية

بقلم: معز كراجة، كاتب صحفي وباحث مختص في الشأن الفلسطيني

تشير الأحداث الأخيرة في غزة إلى معضلة خطابية وسياسية عميقة. ففي الوقت الذي يصف فيه الفلسطينيون ما حدث بـ”الإبادة”، نجد أن خطابهم السياسي وسلوكهم الإعلامي يقع تحت منطق الحرب والمواجهة العسكرية.

هذه المفارقة تُظهر تناقضًا في الرواية الفلسطينية، التي تستخدم لغة “الإبادة” بينما تقيّم النتائج وفق ثنائية “النصر والهزيمة”، وهي مقاربة لا تتناسب مع طبيعة الإبادة، التي تُعد فعلًا منظمًا ومقصودًا يستهدف أسباب الحياة في الحاضر والمستقبل.

الإعلام ورواية “النصر والهزيمة”

مع إعلان وقف إطلاق النار، انشغلت وسائل الإعلام بتفسير الاتفاق ضمن إطار المواجهة العسكرية بين الاحتلال والمقاومة. وكأن ما حدث في غزة مجرد “جولة من القتال”، دون التطرق إلى الأبعاد الأعمق التي تصفها الإبادة. هذا التركيز الإعلامي يثير الخوف من طي صفحة الإبادة سريعًا، ودفنها في سياق كليشيهات سياسية وإعلامية مبتذلة.

الإبادة: سؤال للعالم وليس للفلسطينيين فقط

الإبادة ليست حدثًا ينتهي بمجرد وقف إطلاق النار. فهي جريمة مستمرة بأشكال مختلفة في الحاضر والمستقبل. ومن الخطأ أن يُنظر إلى ما حدث في غزة كسؤال فلسطيني داخلي، بل هو سؤال يُطرح على العالم وقيمه وقوانينه. إنه امتحان للضمير الإنساني ولدوره في مواجهة هذه الجرائم.

غزة: فرصة لتغيير مسار الحضارة الإنسانية

على العالم أن ينشغل بغزة كقضية مركزية للعقود القادمة. فالخطر الحقيقي يكمن في تقزيم ما حدث إلى مجرد مواجهة عسكرية، وإغفال حقيقة الإبادة كجريمة كبرى ضد الإنسانية. غزة ليست مجرد مكان، بل هي اختبار لمدى قدرة الحضارة الإنسانية على التعافي من بؤسها وإصلاح عطبها.

ختامًا

لا تبتذلوا موت الضحايا بأسئلة بائسة عن النصر والهزيمة. فالقضية أكبر من ذلك بكثير، وهي دعوة للتفكير في دور الإنسانية ومستقبلها.

زر الذهاب إلى الأعلى