“العائلة”.. سلاح بوتين السّري الذي أفشل به انقلاب فاغنر في 24 ساعة
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو رجل المخابرات المخضرم يعلم جيّدا أن أكثر ما يخشاه مقاتلو فاغنر هو عائلاتهم التي تركوها في حماية السلطات الروسية
وكالات – المواطن
كشفت مصادر أمنية بريطانية في حديثها لـ صحيفة “التليغراف” أن أجهزة الاستخبارات الروسية هددت عائلات قادة مجموعة “فاغنر”، قبل إعلان قائد المجموعة، يفغيني بريغوجين، الانسحاب وعدم مواصلة الزحف نحو موسكو، بعد السيطرة على مدينة روستوف الجنوبية.
وكانت قوات فاغنر قد تجاوزت الحدود الروسية، مساء الجمعة، باتجاه العاصمة موسكو لتحقيق ما وصفته بـ “العدالة”، قبل أن تعود أدراجها، عصر السبت، بعد توصل قائدها لاتفاق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد وساطة من الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو.
ولفتت تلغراف إلى أن مجموعة فاغنر التي توجهت إلى موسكو، كانت في الواقع تتألف من نحو 8 آلاف مقاتل وليس 25 ألفا كما زعمت من قبل.
وأوضحت المصادر الأمنية للصحيفة البريطانية، أن مجموعة المرتزقة كانت ستواجه هزيمة محتملة عند أي محاولة للاستيلاء على العاصمة الروسية.
وأفادت ذات المصادر أن هذا التحليل يطرح سبباً مُحتملا لإلغاء الزحف نحو موسكو قبل ساعات فقط من الوصول إليها.
مصادر الصحيفة البريطانية، أشارت أيضاً لمستقبل مقاتلي فاغنر وأوضحت أن بوتين سيسعى الآن لدمج مقاتلي المجموعة في الجيش الروسي والتخلص من قادتها السابقين.
حسب تلغراف، لا تزال هناك تكهنات بشأن وجود صفقة رسمية، بعد أن أعلن الكرملين مغادرة قائد المجموعة إلى بيلاروس، ووقف الدعوى الجنائية المرفوعة ضده في موسكو، وعدم ملاحقة عناصر المجموعة الذين شاركوا في التمرد المسلح.
يُذكر أنّ بريغوجين تحدّث لأول مرة، اليوم الاثنين، بعد أحداث التمرد، قائلا إن الهدف منه كان إنقاذ “فاغنر” وليس الإطاحة بالحكومة الروسية، مضيفا: “بدأنا الزحف إلى موسكو بسبب الظلم الذي تعرضنا له”.
وأفاد في رسالة صوتية، مدتها حوالي 11 دقيقة، إن المجموعة حظيت بالدعم في البلدات التي دخلتها أثناء التمرد، مضيفا: “المدن الروسية استقبلتنا بالأعلام وكان السكان سعداء بوجودنا”، حسب مانقلت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية.
وتابع في كلمته أن تقدم قواته كشف مشكلات “خطيرة” في الأمن في روسيا، مؤكدا “السيطرة على مدينة روستوف بالكامل” مع عدم قتل أي جندي روسي خلال الأحداث.
وعلى الرغم من أن التمرد كان قصيرًا، إلا أنه لم يكن بلا دم. إذ ذكرت وسائل إعلام روسية أن قوات فاجنر أسقطت عدة طائرات هليكوبتر عسكرية وطائرة اتصالات، مما أسفر عن مقتل 15 شخصًا على الأقل. وفي حديثه اليوم، عبّر بريغوجين عن أسفه لمهاجمة الطائرة، لكنه قال إنهم يقصفون قوافله.
ذكرت وسائل إعلام روسية أنه لم يتم الإغلاق القضية الجنائية ضد بريغوجين، على الرغم من تصريحات الكرملين السابقة، وطالب بعض المشرعين الروس برأسه.
وقال أندريه غوروليف، وهو جنرال متقاعد ونائب حالي كان على خلاف مع زعيم المرتزقة، إن بريغوجين وساعده الأيمن دميتري أوتكين يستحقان “رصاصة في الرأس”.
وقال نيكيتا يوريفيف، عضو مجلس المدينة في سانت بطرسبرغ، إنه قدم طلبًا رسميًا إلى مكتب المدعي العام الروسي وجهاز الأمن الفيدرالي، يسأل من الذي سيُعاقب على التمرد، بالنظر إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعهد في خطاب صباح يوم، السبت، بمعاقبة من يقف وراءه (التمرد).
لم يكن من الواضح ما هي الموارد التي يمكن لبريغوجين الاستفادة منها في تمرده، ومقدار ثروته الكبيرة التي يمكنه الوصول إليها.
وفي الأثناء، عثرت الشرطة التي فتشت مكتبه في سانت بطرسبرغ وسط التمرد على 4 مليارات روبل (48 مليون دولار) في شاحنات خارج المبنى، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام الروسية التي أكدها رئيس شركة فاغنر. قال إن الأموال كانت مخصصة لدفع رواتب عائلات جنوده.
ذكرت وسائل إعلام روسية أن مكاتب فاغنر في عدة مدن روسية أعيد فتحها، يوم الاثنين، واستأنفت الشركة تجنيد المجندين داخل روسيا.
وفي خطوات حثيثة للعودة إلى نمط الحياة الطبيعية (على الأقل أمام الرأي العام المحلي والدولي)، أعلن رئيس بلدية موسكو عن إنهاء “نظام مكافحة الإرهاب” المفروض على العاصمة يوم السبت، عندما أقامت القوات والعربات المدرعة نقاط تفتيش في الضواحي وقامت السلطات بقطع الطرق المؤدية إلى المدينة.
ونشرت وزارة الدفاع مقطع فيديو لوزير الدفاع “سيرجي شويغو” في طائرة هليكوبتر ثم التقى بضباط في مقر عسكري في أوكرانيا.
ولم يتضح متى تم تصوير الفيديو. جاء ذلك في الوقت الذي تكهنت فيه وسائل الإعلام الروسية بأن شويغو وقادة عسكريين آخرين فقدوا ثقة بوتين ويمكن استبدالهم.
ويشار أنه قبل تمرده الفاشل، انتقد بريغوجين شويغو ورئيس الأركان العامة الجنرال فاليري جيراسيموف بإهانات بذيئة لعدة أشهر، متهمًا إياهم بالفشل في تزويد قواته بالذخيرة الكافية أثناء القتال من أجل إذعان باخموت الأوكرانية، أشدّ الجبهات وطأة على الروس وأكثرها دموية.