كاريكاتير ليبراسيون عن الجوع في غزة خلال رمضان : يا لها من قذارة
أثار كاريكاتير نشرته صحيفة ليبراسيون الفرنسية غضباً في مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما سخر من معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة خلال شهر رمضان، بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة التي يشنها منذ أكثر من خمسة أشهر.
ظهرت في كاريكاتير الصحيفة، الذي نشر أول أمس الاثنين ورسمته الفنانة الفرنسية كوكو، عائلة في غزة مكونة من ثلاثة أفراد، أب وأم وطفل، بين الدمار والأنقاض والجثث. وعنوان كاريكاتير “ليبراسيون” هو “رمضان في غزة” و”بداية شهر صيام”، مع وجوه جائعة وأب نحيل يطارد الجرذان والصراصير. ومن أجل إيقافه عن مواصلة مطاردته، تضرب الزوجة يد زوجها وهي تقول له: “ليس قبل أذان المغرب”.
تعرّض كاريكاتير “ليبراسيون” لانتقادات لاذعة، كما ظهر ذلك في التعليقات على حساب الصحيفة الفرنسية في موقع إكس.
وعلّقت النائبة صوفيا شيكيرو من حزب “فرنسا الأبية” (يسار راديكالي) على الرسم قائلة: “لن تحظي بكراهيتنا، لكنك تستحقينها”. ورأت نائبة أخرى في حزب “فرنسا الأبية” هي سارة لوغران في تعليق على المنصة نفسها أن الرسم “قذر ببساطة”.
وكتب أحد المتابعين معلقاً: “أولئك الذين يجدون أنه من اللطيف أن يمزحوا حول الإبادة الجماعية في غزة، بالتأكيد كنتم ستمزحون بشأن أي إبادة جماعية أخرى أيضاً؟ وحدها فكرة التفوق لديكم تسمح لكم بالضحك على المذبحة والمجاعة ومحاولة إسرائيل إبادة الفلسطينيين”. بينما نشر آخر: “يا لها من قذارة، في كل مرة تسقط نحو حضيض أكثر”.
وقال أحد المعلّقين: “الأخلاق تمنعني من أن أخبركِ صراحةً بكل الاشمئزاز الذي تثيرينه. عار على طاقم التحرير الذي نشر رسماً عنصرياً قذراً ومهيناً للإنسانية في الصحيفة الورقية وغرّده أيضاً. بالنسبة لـ’ليبراسيون’ كما بالنسبة لإسرائيل الفلسطينيون حيوانات بشرية”.
إدارة الصحيفة
عند النظر إلى ملكية الصحيفة وإدارتها يبدو سياق هذا الرسم العنصري والمتماهي مع الرواية الإسرائيلية في نزع الإنسانية عن الفلسطينيين، مفهوماً. إذ يملك الصحيفة الملياردير الفرنسي ــ الإسرائيلي باتريك دراهي (اشتراها عام 2014 مع رجل الأعمال والمنتج الفرنسي بورنو لودو). أما رئيس تحرير “ليبراسيون” فهو الفرنسي ــ الإسرائيلي أيضاً دوف ألفون، الذي كان قد خدم سابقاً في وحدة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية 8200، كما استلم رئاسة تحرير صحيفة هآرتس الإسرائيلية عام 2008.
ردّ الرسامة و”ليبراسيون”
زعمت رسامة الكاريكاتير الفرنسية كوكو، وهي ناجية من الهجوم على مجلة “شارلي إيبدو” الساخرة في باريس عام 2015، أنها تلقت إهانات وتهديدات بالقتل منذ نشرها، الاثنين، في صحيفة ليبراسيون الرسم الكاريكاتيري عن المجاعة في غزة.
وأعلنت كوكو، أمس الثلاثاء، على منصة إكس، أنّ الرسم المذكور “يُظهر يأس الفلسطينيين، ويدين المجاعة في غزة”، وقالت إنّ الرسم “يسخر أيضاً من عبثية الدين”.
ونشرت كوكو “عيّنة صغيرة” من تهديدات بالقتل تستهدفها وعائلتها.
وحظيت الرسامة التي انضمت إلى “ليبراسيون” عام 2021 وتعيش تحت حماية مشددة بدعم الصحيفة اليسارية اليومية.
وقال رئيس تحرير “ليبراسيون” دوف ألفون، لوكالة فرانس برس: “ندين ونستنكر بشدة هذه الموجة من التهديدات والشتائم والترهيب التي تشمل تهديدات بالقتل نأخذها على محمل الجد”، معلناً نشر بيان “دعم وتضامن” في عدد الأربعاء.
Vous n'aurez pas notre haine mais vous la méritez.
— Sophia Chikirou (@chikirouparis) March 11, 2024
وشدّد ألفون على أنه “يجب عدم الاستهانة بهذا العنف”.
يطرح كاريكاتير “ليبراسيون” الفرنسية تساؤلات حول أخلاقية السخرية وحدودها. فهنا، لا يتعلّق الأمر بالصوابية السياسية، بل بمواجهة إبادة جماعية، فهل من مكان لمزاح ثقيل كهذا، بينما يرتكب جيش الاحتلال مجازر بحق أولئك الذين يبحثون عن الطعام؟
وأدت حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة منذ أكثر من خمسة أشهر بحق الفلسطينيين إلى استشهاد 31184 شخصاً، 72% منهم من النساء والأطفال. ولا تدخل المساعدات الدولية التي تشرف سلطات الاحتلال على نقلها سوى بكميات قليلة جدّاً إلى قطاع غزة حيث تحذّر الأمم المتحدة من أن 2,2 مليون شخص من سكّانه، البالغ عددهم 2.4 مليون شخص، مهدّدون بالمجاعة.
ونزح 1.7 مليون من السكان بسبب العدوان الإسرائيلي، ويتجمع القسم الأكبر منهم في رفح قرب الحدود مع مصر، المهددة باجتياح بري تعد له إسرائيل. ويزداد الوضع خطورة في الشمال، حيث أصبح إيصال المساعدات لنحو 300 ألف شخص بحسب الأمم المتحدة شبه مستحيل.