#قاطع_النور وسم يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بسبب انقطاع الكهرباء بشكل مفاجئ
القاهرة – المواطن
عاد انقطاع الكهرباء في مصر ليطلّ برأسه من جديد في صورة لم تشهدها البلاد طيلة السنوات الـ8 الماضية، إذ تتجاوز ساعات فصل التيار في بعض المناطق والقرى أكثر من 6 ساعات متواصلة.
واشتكى العديد من المواطنين، خاصة في محافظات الصعيد والدلتا وأجزاء من محافظات القاهرة الكبرى، من الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي، والذي يتزامن مع موجة شديدة الحرارة تتعرض لها البلاد، إذ تجاوزت درجات الحرارة حاجز الـ40 في القاهرة، واقتربت من 50 في جنوب الصعيد.
أزمة انقطاع الكهرباء في مصر دفعت المواطنين إلى التفاعل عبر هاشتاغ (وسم) قاطع النور، الذي تصدَّر موقع التواصل الاجتماعي تويتر خلال الساعات الماضية، مطالبين الرئيس عبدالفتاح السيسي بسرعة التدخل وإيجاد حلول فورية.
الطلب على الكهرباء في مصر
بالتزامن مع الموجة الحارة، سجّل الطلب على الكهرباء في مصر أعلى مستوى له تاريخيًا أمس الإثنين 17 يوليو/تموز(2023)، إذ وصلت ذروة الأحمال على الشبكة الوطنية إلى 34.6 ألف ميغاواط.
وعلى الرغم من زيادة الطلب، فإن الإنتاج سجّل فائضًا بنحو 10 آلاف ميغاواط، لكنه لم يترجم إلى استقرار في العديد من المناطق، من بينها مدينة العبور التي شهدت انقطاعًا تامًا للكهرباء لعدّة ساعات أمس، بعد توقّف محطتي محولات جهد 220 كيلو فولت عن العمل لمدة 3 ساعات.
تتوقع الحكومة المصرية استمرار زيادة الطلب على الكهرباء خلال الشهر الجاري (يوليو/تموز)/ والمقبل (أغسطس/آب)، وأن يسجل أقصى حمل على الشبكة القومية للكهرباء 35 ألف ميغاواط، مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الأحمال على الشبكة.
وأعلنت وزارة الكهرباء حالة الطوارئ بجميع شركات إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء خاصة بمحطات الإنتاج ومحطات المحولات والتحكمات، إذ توجد فرق فنية بكل أنحاء البلاد للتدخل السريع في حالة حدوث أيّ أعطال أو حالات طوارئ.
أسباب انقطاع الكهرباء في مصر
تروّج الحكومة إلى أن أسباب انقطاع الكهرباء في مصر خلال المدة الأخيرة راجع إلى زيادة الجهد مع ارتفاع درجة الحرارة ولجوء المواطنين إلى استعمال الكهرباء بجهد أكثر من المعتاد، فضلًا عن تسبُّب ارتفاع درجات الحرارة في بعض الأعطال بمحطات الكهرباء.
من جهة أخرى، أكدت مصادر مطّلعة، في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة، بدء تطبيق خطة تتمثل بقطع الكهرباء في مصر عن أغلب المناطق لمدد تتجاوز 6 ساعات يوميًا منذ بداية يوليو/تموز الجاري، توفيرًا للغاز الذي تستعمله معظم محطات الكهرباء.
يمثّل استهلاك قطاع الكهرباء في مصر نحو 60% من إجمالي استهلاك الغاز، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وأشارت المصادر إلى أن الحكومة تطبّق منذ العام الماضي خطة تستهدف ترشيد استهلاك الغاز في محطات الكهرباء في مصر، من أجل زيادة التصدير لتوفير العملة الصعبة، خاصة مع تراجع إنتاج بعض الحقول.
من جانبها، أرسلت منصة الطاقة المتخصصة طلبًا إلى المتحدث باسم وزارة الكهرباء للتعليق على أزمة تزايد عدد ساعات قطع الكهرباء في عموم المحافظات المصرية، لكنها لم تتلقَّ ردًا حتى كتابة هذه السطور.
خطة ترشيد الاستهلاك
بدأت الحكومة المصرية في أغسطس/آب 2022 خطة من أجل ترشيد استهلاك الكهرباء لتوفير الوقود المستعمل في توليد الكهرباء، خاصة الغاز الطبيعي؛ لإعادة تصديره للخارج، والاستفادة من أسعاره في دعم موازنة البلاد بالعملة الصعبة.
وتستهدف خطة ترشيد الكهرباء خفض 18% من إجمالي الطاقة المستهلكة على مستوى محافظات الجمهورية بحلول 2035.
تستهدف الخطة معالجة نقص إنتاج حقل ظُهر الذي تراجع بنسبة 11% خلال النصف الثاني من العام الماضي (2022)، وواصل انخفاضه خلال الأشهر الأولى من العام الجاري (2023)، حسب بيانات اطلعت عليها منصة الطاقة.
وسجّل إنتاج حقل ظُهر 2.45 مليار قدم مكعبة يوميًا من الغاز، انخفاضًا من المستوى الذي بلغه عام (2021)، والمقدَّر بنحو 2.74 مليار قدم مكعبة.
وأظهرت أرقام وزارة البترول تراجع إجمالي إنتاج مصر من الغاز الطبيعي إلى 50.6 مليون طن في 2022، مقارنة بنحو 53.1 مليون طن في 2021.
ونجحت خطة ترشيد الكهرباء كذلك من خفض معدلات الاستهلاك خلال 2022، إذ تراجعت إلى 45.6 مليون طن غاز، مقارنة مع 48 مليون طن في 2021.
صادرات مصر من الغاز
أوضحت المصادر في تصريحاتها إلى منصة الطاقة، أن خطة الترشيد أتت ثمارها خلال المدة الأخيرة، إذ حافظت مصر على حجم صادراتها من الغاز المسال خلال الربع الأول من العام الجاري (2023)، ورغم تراجع إنتاج حقل ظهر العملاق، فإنه مع زيادة معدلات الاستهلاك إثر ارتفاع درجات الحرارة بدأ المواطنون يشعرون بالأزمة من لجوء الحكومة لتخفيف الأحمال.
كان تقرير لمنظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول “أوابك” قد أظهر أن صادرات الغاز المسال المصرية خلال الربع الأول 2023 بلغت 1.90 مليون طن، وتصدّرت تركيا قائمة الوجهات المستقبلة للصادرات المصر بحصّة 41%، تليها دول الاتحاد الأوروبي بحصّة 24%، متساوية مع الإمدادات نفسها إلى الأسواق الآسيوية، في حين استحوذت بريطانيا على حصة 11%.
وبالرغم من محاولة الحكومة المصرية الحفاظ على مستويات صادرات الغاز من أجل توفير العملة الصعبة، فإنها واجهت رياحًا معاكسة خلال الأشهر الـ4 الأولى من العام الجاري، مع تراجع أسعار الغاز وفق بيانات رسمية.
وأظهرت بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء مؤخرًا انخفاض قيمة صادرات مصر من الغاز الطبيعي والمسال بنسبة 75.6% على أساس سنوي، خلال أبريل/نيسان، بعد تراجعها خلال شهر مارس/آذار الماضي بنسبة 67.9%، و33.3% في فبراير/شباط 2023 على أساس سنوي.
وأرجع خبراء السبب في انخفاض إيرادات صادرات الغاز المصرية إلى انخفاض الطلب على الغاز المسال، الذي يمثّل أكثر من 90% من صادرات مصر من الغاز.
كما تركّز مصر بشكل كبير على بيع شحناتها في السوق الفورية، محاولةً منها للحصول على أعلى سعر ممكن، ولكن لسوء حظها، فإن انخفاض الطلب العالمي تسبَّب في تراجع الأسعار، وتسبَّب التركيز على بيع صادرات الغاز في السوق الفورية بأزمة خلال شهر يونيو/حزيران الماضي، إذ توقّفت ناقلة عملاقة، تحمل شحنة غاز مسال مصرية، منذ 16 مايو/أيار الماضي 2023، ولمدة تجاوزت 20 يومًا، في عرض البحر، بانتظار ارتفاع أسعار الغاز لتحقيق مكاسب.